الرئيسية - تقارير - ديان ... وداعاً أيها البطل

ديان ... وداعاً أيها البطل

الساعة 11:11 مساءً



span>عارف العمري
ليس هناك اعز على الإنسان من فراق قيادي تجتمع فيه صفات الصداقة والإخوة والشجاعة وقول الحق, ولم تكن صدمة أبناء البيضاء بسيطة على فراق العميد حسين قحطان ديان فهو رجل عاش كواحد منهم لم يأخذه بريق المنصب ونياشين الاوسمة ليعيش في عالمه الخاص كما يفعل الكثير, بل ازداد تواضعاً وقرباً من الناس.
كانت معرفتي به في مكتب محافظ المحافظة السابق محمد ناصر العامري, في اليوم الذي تلاء تأييد اللواء علي محسن الأحمر للثورة الشباب الشعبية السلمية, وكنت قد كتبت مقالاً تناولته بعض المواقع الإخبارية تحت عنوان " أهلا ايها الجنرال القادم " وبعد دخولي الى مكتب المحافظ العامري بالمجمع الحكومي وجدته قد تغيرت ملامحه وهو يقول لي أنت أنزلت على محسن في مكانة الأنبياء, وكان يستشيظ غيضاً وغضباً, وكان سبب الحنق الكبير علي ان العامري وقف معي في بعض منعطفات الحياة فكان يعتقد ان رد الجميل هو الوقوف معه ضد الثورة, وكانت ابرر موقفي بان اللواء علي محسن اتخذ موقفاً شجاعاً وأعجبت بموقفه وعبرت عن إعجابي بطريقتي الخاصة فكانت أخر جملة قالها العميد العامري " الان اكتشفت انك من الإخوان الصهاينة " وتحول الود فيما بيني وبين العميد العامري إلى عزلة ولم نلتقي بعدها الا في الانتخابات الرئاسية حينما كنت عضو اللجنة الإعلامية العليا بالمحافظة.
لقد أثارت المحافظ العامري غضب وكيل المحافظة حسين ديان وخاطب العامري هكذا تقولون للمعارضين بأنهم صهاينة ثم ادار ظهرة وتوجه خارج المكتب وهو يقول ليسوا صهاينة أنهم أحرار, ثم جلست مع العميد ديان لاشرح له بعض الأسباب التي دعتنا إلى قيام الثورة فوجدته ملماً بكل شيء عن فساد عائلة صالح, وتحدثاً عن اشياء كثيرة في جانب الفساد وخصوصاً بالمحافظة.
لم تكن الا ايام قليلة جداً وتحديداً في 16 ابريل حتى نزل ديان ليعلن بعد صلاة الجمعة من وسط ساحة أبناء الثورة انضمامه للثورة وتأييده لمطالبهم, وخلال تلك المدة التي كان الشباب فيها يفترشون الساحة كان الوكيل ديان يقوم بتمويل انشطة شبابية للتوعية والتعريف بأهداف ثورة الشباب الشعبية السلمية.
ومضينا سوياً في ركب الثورة وشكلنا التكتل الإداري لموظفي محافظة البيضاء والذي من خلاله استطعنا أن نتواصل مع اكبر عدد من موظفي المحافظة وكسبنا تأييد البعض وتعاطف معنا البعض الأخر, وتم انتخاب حسين ديان رئيساً للتكتل الاداري الذي اصبح رديفاً قوياً للمجلس التنظيمي بساحة ابناء الثوار وظل العمل بين المجلس التنظيمي والتكتل الاداري عمل توافقياً وتكاملي, وكانت ابرز قيادات التكتل عبدالله الذهب مدير مكتب المحافظ والدكتور محمد الغزالي مدير عام التخطيط واحمد الوحيشي مدير عام الشوؤن القانونية ومحمد المقبلي نائب مدير عام التخطيط ومحمد سالم الهصيصي نائب مدير عام الخدمة والشيخ محمد العبادي مدير الإرشاد بالمحافظة ومطلوب شرقة مدير عام التربية والتعليم, وكاتب المقال واخرين لايتسع المجال لذكرهم, 
وبعد ان حققت الثورة الشبابية الشعبية السلمية أهم أهدافها تعرفت بالوكيل ديان في العمل الإداري بحكم عملي كمدير عام للإعلام بالمحافظة , وكان الرجل ابعد وكلاء المحافظة عن حب الأضواء والشهرة ولم يحرص في يوماً من الأيام ان ترافقه عدسة الكاميرا, بل كان يعمل بعيداً عن الكاميرا, وكان اكثر وكلاء المحافظة انضباطاً وعملاً , بل كان أشجعهم في قول الحقيقة والترفع عن الماديات, وكان اصدق الجميع لهجة فهو صريح في عباراته وبالرغم من علاقتي المتميزة به الا انه كان لا يداهن او يحابي احد.
لقد كان الرجل يمتلك من الشجاعة مالا يمتلكه غيره فقد كان طيلة فترة عمله في المحافظة يغدو ويروح بمفرده ولم يكن يصطحب معه أحدا من المرافقين, وخلال فترة الثورة كان الرجل لايتردد الا على ساحة أبناء الثوار بينما كان البعض ممن هم في منصبه او أدنى منه يترددون على أبواب المسئولين ورجال الأعمال بغية الحصول على عرض من الدنيا .
كان الرجل يعشق الوحدة وحاول تيار علي سالم ان يكسبه الى صفه ولكن كان الرجل عنيداً , وتتابعت المحاولات من أكثر من جهة هنا وهناك إلا أن الرجل كان يرى في نفسه مدرسة مستقلة بذاتها, لقد عرض عليه مبلغ من المال يزيد عن عشرين مليون من قبل مسئول في حكومة علي عبدالله صالح بعد انضمامه للثورة بأسبوع فقط بشرط ان يتراجع عن تأييد الثورة فكان رده لذلك المسئول " انا مانش عبد للفلوس " .
اااه يارفيقي لقد رحلت ولم انسي عبارتك الشهيرة عند اغتيال احد ضباط الامن السياسي في 2011م وانت تقول ان مبنى الامن السياسي بالمحافظة يجب ان يتحول الى متنفساً عاماً , وليس هناك حاجة لبقاء جهاز لا يحمي ضباطه من خطر الاغتيالات , وها انت اليوم تلحق بهم ولازال جهاز الامن السياسي عاجز حتى عن تحديد اسماء وهويات من يقفون وراء اغتيال العشرات من ضباط ومشائخ المحافظة المغلوب على أمرها.
سنفتقدك ونفتقد معك شجاعتك وعفتك, لقد تركت فراغاً في المحافظة وياليت شعري من يسد فراغك, ومن يستطيع ان يثبت في الدوام كثباتك , كان ولازال الجميع مشغولون بالسفريات والنثريات وإدمان الراحة أما أنت فلم تكن كذلك بل كنت خير من يؤدى الأمانة وخير من يشغل هذا المنصب, عزائنا فيك كبير ومصابنا جلل, وسنصبر أنفسنا حتى نلتقي بك في جنة الخلد ان شاء الله