الرئيسية - تقارير - الرئيس علي ناصر محمد في حوار صحفي : لا نبحث عن سكن بل نبحث عن وطن .. يجب تسليم قيادة الحراك إلى الشباب

الرئيس علي ناصر محمد في حوار صحفي : لا نبحث عن سكن بل نبحث عن وطن .. يجب تسليم قيادة الحراك إلى الشباب

الساعة 11:34 صباحاً (هنا عدن - متابعات)

مقدمة

 



أجرت صحيفة "الحقيقة " الاسبوعية في عددها الصادر صباح اليوم الخميس لقاء صحفي مع "علي ناصر محمد”.

و "ناصر" هو أحد قادة الكفاح المسلح في جنوب اليمن، وأحد بُناة الدولة الحديثة بعد استقلال الجنوب عن الاستعمار.. عاصر أحداث جسام بعد الاستقلال، وتمكن بحنكته السياسية من تجنيب الجنوب خسائر فادحة..

 

يحظى بشعبية كبيرة في جنوب اليمن، وتحديدا في عدن..

 

عمل الرئيس (أبو جمال) لإيقاف حرب الاستنزاف بين شطري الوطن اليمني، وتمكن من إبرام مصالحة بين الجبهة الوطنية المدعومة حينها من قبل الجنوب والنظام في الشمال.. واتجه في خطوات مدروسة نحو تطبيع العَلاقات بين الشطرين بهدف تحقيق إعادة توحيد اليمن.

 

وعلى صعيد الشطر الجنوبي، شهد الناس في عهده انفتاحا اقتصاديا ملموسا، وتحسنت أوضاع المواطن الجنوبي إلى درجه ملحوظة…كما عمل على تحسين العلاقة مع دول الجوار منهيًا حقبة من أزمة الثقة بين اليمن الجنوبي وتلك الدول..

 

اختار طواعية الخروج من بلده بهدف إنجاح وحده 22 مايو، لم يشترط منصبا في دولة الوحدة.

 

وبعد حرب صيف 94م دعا إلى تضميد الجروح و انتهاج سياسة واقعية مع نتائج الحرب، ولم تكن القضية الجنوبية محور اهتمامه فقط، بل كانت القضية اليمنية والشأن اليمني هو الحاضر في قلب وذهن الرجل..

 

كان لديه الإمكانية خلال حرب 94م وبعدها في ظل الصراع الإقليمي والدولي أن يلعب دورا بارزا باتجاه تحقيق موقع رفيع في ظل الصراع القائم، لكنه توقف عند النصح والجهد من أجل الحفاظ على الوطن. الرئيس علي ناصر محمد قائد وزعيم من العيار الثقيل ورقم صعب لا يمكن تجاوزه..

 

(الحقيقة )  ممثلة برئيس التحرير الزميل فراس اليافعي ،التقت الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد وإليكم حصيلة الحوار معه

بيروت / الحقيقة/ فراس اليافعي :

 

 

 

نرحب بك وكبداية .. الشارع في الجنوب بات في حيرة من امره , هناك اختلافات بينكم كقيادات تاريخية  للدولة المندثرة السؤال  الى متى الاختلاف ؟ ولماذا ؟ ومتى ستجتمعون على كلمة واحدة؟

 

نرحب بعودة صحيفة ( الحقيقة ) بعد غياب طويل ونأمل ان تكون أسم على مسمى، ونتمنى أن تعاود انتظامها إلى جانب زميلاتها خاصة صحيفة الطريق وصحيفة (الأيام) التي عاودت الصدور مؤخراً وبشرت بفاتحة خير في مجال الصحافة التي تمثل أهم قنوات الكشف عن نبض الشارع و التواصل بين الشعب والنظام وبين الداخل والخارج .

 

وبالنسبة لسؤالك ، فمن المعروف أن الاختلافات لاتنتهي بين الناس ولطالما فرقنا بين الاختلاف وبين الخلاف فمادمنا في إطار الاختلاف فلا بأس ، والمهم أن نتجاوز مسالة الخلاف الذي يسد الآفاق أمام الناس ويوصل الشعب إلى حيرة من أمره كما أشرت في سؤالك ، ونحن نرى أن الشعب ليس في حيرة من امره بل في حيرة من أمرنا، وأمرنا الإشكالي هذا سيأتي يوم ويتجاوزه شعبنا المناضل ولن يلقي له بالاً ، وهذا عين ما قلته في مقابلات سابقة محذرا مِن مَن سميتهم القيادات التاريخية ، بل ذهبت أبعد من هذا منادياً إلى تسليم مقاليد قيادة الحراك والنضال لأهله الحقيقيين وأصحابه الفعليين وهم الشباب اللّذين قادوا الحراك في غياب هذه القيادات التي فاقت من سباتها على اصوات الجماهير لتركب الموجه وتحرف مسار الحراك عن اهدافه وتمزقه، وأفضل أن أكرر هذه الدعوة أكثر من البحث عن جواب لسؤالك إلى متى الذي قد لا أجده وقد لا يأتي ...!!!.

 

 

الكثير من الساسة الجنوبيين ان لم نُقل عامة الشعب يحملونكم انتم كقيادات حكمت الجنوب مسئولية ما آل اليه الوضع في الجنوب بما في ذلك الهيمنة العسكرية الشمالية على مفاصل الدولة الجنوبية؟

 

هناك مسؤولية تاريخية اعترفنا بها في وقت سابق من واقع مسؤوليتنا في حكم الجنوب لفترة زمنية معروفة ومشاركتنا في الثورة التي تلاها التأسيس للدولة الفتية وكان يسمى "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" . أما ما آل إليه الوضع في الجنوب حسب سؤالك فالجميع يعلم أننا لم نكن في الحكم عند تحقيق الوحدة في مايو 1990م بعد أن كنا قد وضعناها لسنوات على نار هادئة منذ توقيع أول اتفاقيه لها في القاهرة  ، ولم نكن في الحكم عندما اندلعت الحرب وبالرغم من ذلك كنت حاضرا في محطات عديدة تدعو لعدم تدهور الأوضاع ووصولها إلى ما آلت إليه بما في ذلك محطة توقيع وثيقة العهد والاتفاق قبل الحرب وقلت أن المنتصر في تلك الحرب مهزوم ، محذرا من ما ألت اليه الممارسات الاستعلائية وداعياً إلى المواطنة المتساوية وكان ذلك عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية وعبر رسائل خاصة عديده بعثتها إلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح وبقية المسؤولين الاخرين.

 

وأعتقد أن من كان مسؤولا مباشراً عن الأحداث التي أدت إلى هذا الواقع المرير قد بات خارج السلطة وعبر عن أسفه بشكل أو بآخر والمهم عدم تكرار الأخطاء وإفساح المجال للشباب الذي استفاد وسيستفيد من تجاربنا جميعاً ماصاب منها وما خاب .

 

 

قلت في تصريحات ان علاقتك بالرئيس اليمني السابق لم تتغير منذ خروجك من الجنوب ولاحقا من الشمال , في الوقت الذي طالبت فيه بتغييره من حكم اليمن والجميع يعرف الشعار الذي رفعته (التغيير او التشطير) , لماذا كل هذا التناقضات؟

 

علينا أن نفرق و أن لا نخلط في مستويات العلاقة بين الشخصي والرسمي والخاص والعام، فعلاقتي بالرئيس السابق علي عبد الله صالح مرت بعدة منعرجات على المستوى الشخصي والرسمي , وعلى المستوى الرسمي كان موقفي من مواقف الرئيس صالح وقراراته وليس منه شخصياً ، ولذلك كانت مواقفي محاكية لمصلحة الشعب عموماً والشعب في الجنوب خاصة منذ 1994م وليس فقط منذ 2007م انطلاقة الحراك مزعجة له ولمنظومة الحكم ومراكز القوى التقليدية المعروفة التي دعمت سياساته وعملت معه بل كانت تقف في صناعة سياساته أحيانا وتباكت بعد ذلك على تلك السياسات ناسبة إياها له بمفرده .. وهذا عين التناقض وليست مواقفي هي المتناقضة كما أشرت في سؤالك .

 

 

 

على ناصر محمد الرئيس الوحيد الذي حكم الجنوب ووصف حكمك بأنه كان الافضل نوعا ما مقارنة بالأخرين ممن حكم دولة الجنوب  , هناك جيل لا يعرف شيء عن ذلك الحكم للمعرفة , ما هي سلبيات وايجابيات حكمك كرئيس لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية؟

 

 هناك جيل عايش تلك المرحلة ويحمل ذكرياتها بحلوها ومرها ولاشك أن ينقل ذكرياته للأولاد والأحفاد، وأنا هنا أنتهز الفرصة لأشدد على الأساتذة المؤرخين والمهتمين بالتاريخ المعاصر أفرادا ومؤسسات أن يبذلوا مزيدا من الجهد للقيام بتوثيق الوقائع وجمع ما يمكن جمعه من معلومات وصور ووثائق مفيدة للأجيال التي يجب أن تعرف كل شيء عن السلبيات والايجابيات عن هذه الفترة دون استثناء منذ 30 نوفمبر 1967م وحتى 1990م, وأزعم اني فعلت الكثير في هذا الاتجاه في مذكراتي وفي كتابي عن عدن الحبيبة ( عدن التاريخ والحضارة).

 

واهم ما تحقق في هذه المرحلة التي تتحدث عنها هي الامن والاستقرار حيث كان بامكان المواطن أن ينام في بيته أمناً وينتقل من عدن الى المهرة في اقصى الجنوب بأمان اضافة الى تحسن مستوى معيشة المواطن والخدمات ناهيك عن المجمعات الاستهلاكية التي تقدم السلع باسعار مدعومة اضافة الى الانفراج السياسي بين عدن وصنعاء وكذلك العلاقة مع عُمان والسعودية وبقية دول الخليج والانفتاح على المستوى العربي والدولي لما فيه مصلحة الشعب في الجنوب والمنطقة، وهذا لا يعني أنه لا توجد سلبيات في تلك المرحلة التي شاركنا فيها جميعاً.

 

 

 

 قلت في تصريحات سابقة ان علاقتك بالقيادات الجنوبية وحتى الشمالية بما فيهم شخصيات وقوى نفوذ ساهمت بقدر كبير في نهب مقدرات دولتك السابقة , علاقة طيبة وانك على تواصل مستمر معهم وهناك احترام متبادل , مع من يختلف علي ناصر محمد ولماذا؟

 

الدولة السابقة هي "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" التي قامت بنضال الجماهير وليست دولتي أو دولة أولادي كما اشرت في سؤالك! بل انا مواطن وتحملت مسؤولية قيادة الدولة مع كافة المسؤولين في الحزب والدولة، والعلاقة الطيبة مع القيادات الجنوبية هي ثمرة التصالح والتسامح الذي لطالما دعوت للاستفادة منه في الشمال بدلا من ان يبقى تجربة جنوبية معزولة بل ومحاربة من قبل السلطة  والعلاقة الطيبة مع القيادات الشمالية هي ثمرة التواصل المستمر لإيجاد حلول لمشكلات البلد عبر عقود كانوا ولايزالوا جزءا منها ولايمكن حلها دون الحوار مع الاطراف المعنية ، وليس على طريقة لا يعنينا !!!.. ثم ما يلبث أن يعنينا جداً !!!.. وأما مع من يختلف علي ناصر محمد فمع كل هؤلاء وغيرهم عندما يكون للاختلاف معنى وقيمة ولا يفسد للود قضية كما يقولون .

 

 

 

تقول وسائل اعلام جنوبية او بالأحرى صحفيين ان ناصر لم يورد في اي خطاب له مصطلح ان الجنوب واقع تحت احتلال  , كذلك لم يورد مصطلحات تحرير واستقلال دولة الجنوب ما تعليقك؟

 

لكل سياسي قاموسه اللغوي وخطابه ومفرداته وقناعاته ، واستخدام المفردات التي ذكرتها كالاحتلال والاستقلال والتحرير والاستعمار لم يعد فتحاً ولا اختراعاً يستحق براءة بعد أن أصبحت متداولة على كل لسان حتى من اللذين ارتكبوا خطا في حق شعب الجنوب وينقلون بندقيتهم من كتف الى كتف واقلامهم من مسؤول الى مسؤول ، وتكرارها إمعان في محاكاة لغة الشارع ، وهنا تعبير عن قيادة الشارع للحراك الجنوبي وليس قيادة القادة للشارع وهذه معضلة مهمة في مسيرة نضال شعبنا .

 

 

رغم التأييد الشعبي للتصالح والتسامح إلا ان هذا المشروع بنظر سياسيين تشوبه الكثير من العراقيل وعدم القبول به من بعض الاطراف المتضررة من صراعات الماضي , السؤال كيف يمكن للقيادات الجنوبية بالدرجة الرئيسية ترسيخ مبدا التصالح والتسامح؟

 

 التصالح والتسامح أهم تجربة في تاريخ شعبنا وتأييد الشعب لهذه التجربة هو الأس والأساس ، وهذه التجربة التي أحدثت قطيعة مع ماضي الصراعات لن تكون فاتحة لصراعات جديدة مفتعلة وأن تكون ثمة أطراف متضررة كما ذكرت في سؤالك فالشعب بتصالحه وتسامحه سيقول لهم بأن التجربة الناجحة لا يضرها النجاح الإضافي فتعالوا نتصالح ونتسامح، وأكبر دليل على ذلك عندما انطلقت الفعالية الأولى للتصالح والتسامح من جمعية أبناء ردفان وشارك فيها كافة الاطراف وتشابكت الأيادي متجاوزة بذلك الصراعات التي مر بها الجنوب منذ عام 1967م وما قبله وما بعده.

 

 

البعض يقول انكم كقيادات تاريخية خطر على التصالح والتسامح , ويعلل البعض عدم اتفاقكم واتحادكم وتشرذمكم قد يهدد هذا المشروع ويعود الجنوب الى اتون الصراعات الماضية ما تعليقك؟

 

) الجواب في السؤال السابق)

 

 

ما الذي يدور في اروقة بعض الدول العربية والاقليمية بشأن القضية الجنوبية  وما حقيقة الوساطة الخليجية لحل قضية شعبكم؟

 

نحن نقدر جهود الأشقاء والأصدقاء في الدول العربية والإقليمية وخاصة مجلس التعاون الخليجي المعني مباشرة بالعملية السياسية في اليمن بعد اعتماد المبادرة الخليجية أساساً لحل المشكلة اليمنية 2011م والتي وقع عليها المؤتمر وحلفاؤه والمشترك وشركاؤه وغابت عنها القضية الجنوبية كقضية جوهرية وأساس موضوعي لماحدث عام 2011م فالحراك الجنوبي سبق مايسمى ثورات الربيع  بنضاله السلمي وقضيته العادلة.

 

 

هادي يلتقي العطاس , والأخير يعلن عن عودته الى البلاد وسط اتهامات من الشارع الجنوبي بأن العطاس قد وافق على مخرجات الحوار اليمني وان عودته تأتي في اطار تسوية سياسية للقيادات الجنوبية التي هربت ابان الهزيمة النكراء ؟ السؤال ان صحت عودة العطاس وصحت كذلك الاتهامات , مع تناقض المواقف لكم كقيادات هل قضيتكم مع صنعاء تختزل في تسويات شخصية بمناصب قيادية في دولة ما بعد صيف 1994م؟

 

عودة المهندس حيدر العطاس يمكن أن يتحدث عنها بنفسه بصورة أوفى في ظل توارد الشائعات والأخبار الصحفية التي تناقض بعضها ، وأما العودة كقيمة فنحن مع عودة جميع من في الخارج إلى وطنهم بمافي ذلك القيادات الشمالية المعارضة ولن أذكر أسماء فهم معروفين ولا يجب المساومة بها بأي شكل من الأشكال فهي حق طبيعي .

 

وبالنسبة للعودة على المستوى الشخصي فقد ، قلتها مرارا بأنني لا أساوم في العودة كما لم أساوم بها من قبل حين عرضها علي كل من الرئيس علي صالح ونائبه علي سالم مشفوعة بالمناصب والامتيازات وقلت وها أنا أكرر : إننا لا نبحث عن سكن بل نبحث عن وطن ..

وبناء الوطن يحتاج إلى جهد وتضحيات جماعية وليس سكن وامتيازات شخصية .

 

 

 

عرف عن الرئيس ناصر هروبه من فشل الوحدة اليمنية , وقلت في تصريحات انك لم تكن طرف في توقيعها بل ان البيض طلب خروجك من اليمن من  اجل توقيعها ؟ من يتحمل فشل الوحدة وما موقفك انت بعد كل ما تعرض له شعبك على يد الغزاة ؟

 

أنا لم أوقع على وحدة 22 مايو 1990 بالطريقة والاتفاق الذي تم بين كل من الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني علي سالم البيض والرئيس علي عبد الله صالح وفق اتفاق نفق جولدمور, بل وقعت على أول اتفاقيات للوحدة في القاهرة 1972م وعملنا على وانهاء المظاهر المسلحة في المناطق الوسطى في الشمال وعملنا على انجاز الدستور وقيام المشاريع المشتركة وقيام المجلس اليمني، وتلك الخطوات المتدرجة كانت تستهدف تحقيق الوحدة على أسس سليمة ومرحلية بدأنا العمل على جزء منها ولم نستكمل حتى خروجنا من السلطة, وفشل الوحدة الذي تتحدث عنه قد أفصح عنه علي سالم البيض نائب الرئيس السابق في مقابلة أخيرة مع قناة بي بي سي قبل أيام وقال أنه أدرك الخطأ بعد توقيع الوحدة موضحاً الأمر من وجهة نظره كطرف معني ومسؤول عما حدث .. ولا معنى ولا قيمة اليوم بتقديري في مسالة تعليق الفشل على رقبة من؟ وشماعة من ؟ بل المهم كيف ننقذ شعبنا مما حل به بسبب ذلك الفشل وهذه مسؤولية الجميع ؟!.

صحيفة الحقيقة