الرئيسية - عربي ودولي - تقرير صحفي يكشف كيف استغلت إيران حالة الارتباك لدى دول لخليج ، وكيف استطاعت ان تهدد بتفكيكه

تقرير صحفي يكشف كيف استغلت إيران حالة الارتباك لدى دول لخليج ، وكيف استطاعت ان تهدد بتفكيكه

الساعة 08:13 مساءً (صنعاء-رشاد الشرعبي)

صنعاء-رشاد الشرعبي

كشف تقرير صحفي نشرته مجلة المجتمع الكويتية في عددها الاخير كيف استغلت ايران موجة الخلافات الكبيرة التي ظهرت في البيت الخليجي وانعكست في العلاقات بين دوله ،على خلفية الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر والذي قسم الخليجيين بين مؤيد ومعارك متسببا بحالة من الارتباك في العلاقات بين دوله وصلت الى حد سحب التمثيل الدبلوماسي للسعودية والامارات من دولة قطر.



واوضح التقرير ان ايران ومن خلال ادواتها في منطقة الخليج وبالاخص الحوثيين في اليمن استغلت حالة الارتباك الخليجية هذه ، مهددة بتفكيك تماسك دوله عبر سقوط صنعاء .

وجاء في التقرير ان سيطرة الحوثي على المياه الإقليمية في البحر الأحمر ومعها مضيق باب المندب سيضاعف خطر التهديدات الإيرانية على صادرات النفط الخليجي

 

بدا الموقف الخليجي خجولاً حتى وصل حد التلاشي والذوبان رغم ما أعلنته القيادة السعودية بأن أمن صنعاء هو أمن الرياض

تبدو ملامح مستقبل اليمن أكثر غموضاً ويبدو المشهد السياسي ضبابياً يعجز أي مراقب عن معرفة ماهية السيناريوهات المحتملة فيه

بسقوط العاصمة اليمنية صنعاء في أيدي المليشيات المسلحة لجماعة الحوثي, ازداد المشهد السياسي اليمني غموضاً وتبدلت أدوات الصراع حد ترابط بعض خيوطه وانقطاع بعضها الآخر, وصارت الدولة اليمنية أكبر الخاسرين, كما هي حال دول الخليج العربي خاصة مع اقتحام إيران لهذا المشهد بصورة فجة وسط ما يُقال أنه تواطؤ المجتمع الدولي وفر لها الغطاء.

التناقض واضح في كثير من الأحيان ما بين ما يُعلن من كل الأطراف اليمنية المتصارعة ورعاة المبادرة الخليجية (سفراء الدول الخمس بمجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي), وما بين ما يتم على أرض الواقع من فعل وأداء سياسي, حيث صار من المعتاد أن تجد الولايات المتحدة الأمريكية تظهر بمواقف خجولة تصل حد التواطؤ مع الحوثيين التي تخوض معاركها تحت راية شعار الإمام "الخميني": "الموت لأمريكا".

وتخوض جماعة الحوثي معاركها انطلاقاً من محافظة صعدة بمحاذاة السعودية, حيث تتمركز مُذ واجهت قوات الحكومة في 6 جولات بدأت في عام 2004م, بسبب منعها من ترديد ذلك الشعار في المساجد, وتدعي أنها وهي جماعة متمردة على الدولة والمجتمع, تواجه خصومها التكفيريين تارة والفاسدين تارة أخرى, سواء كانوا أحزاباً سياسية تعمل منذ عقود أو مؤسسات دولة (عسكرية ومدنية) أو شيوخاً لقبائل ضاربة جذورها في عمق تاريخ ومجتمع اليمنيين.

ومع اشتداد عود الجماعة وتمدد قوتها التي يُتهم بالنفخ فيها الرئيس السابق "علي صالح" وليس فقط إيران التي وفرت مباشرةً أو عبر "حزب الله" في لبنان الدعم المالي والعسكري والإعلامي وبرز مؤخراً الدعم السياسي رسمياً, وفيما كانت مخيمات المسلحين تطبق الحصار على صنعاء لـ4 أسابيع, بدا الموقف الخليجي خجولاً حتى وصل حد التلاشي والذوبان رغم ما أعلنته القيادة السعودية بأن أمن صنعاء هو أمن الرياض, وحالة القلق الظاهرة عبر الإعلام التابع لها.

لسنوات ظل الرئيس السابق حليفاً قوياً للسعودية منذ صعوده للسلطة في عام 1978م, وأصاب تلك العلاقة فتور كبير جراء موقفه المساند للرئيس العراقي "صدام حسين" بعد احتلال الكويت عام 1990م, وبعد أشهر قليلة من التئام شطري اليمن في دولة واحدة, وظل الإسلاميون الذي أعلنوا حزباً سياسياً هو التجمع اليمني للإصلاح, الأقرب إليه انطلاقاً من علاقته بالسعودية ليعملوا معاً في مواجهة المد الاشتراكي جنوباً.

حاول "صالح" استعادة علاقته مع السعودية ودعمها المالي ولجأ لابتزازها سياسياً باستغلال حروبه مع جماعة الحوثي حتى استطاع جر جيش المملكة إلى المشاركة في عام 2010م, ولم يفلح في جر الإصلاح لدعمه في تلك الحروب, في ظل قيادة الأخير للمعارضة السياسية ممثلة بتكتل اللقاء المشترك الذي خاض منافسة انتخابية رئاسية شرسة معه في عام 2006م, كانت المسمار الأخير في علاقتهما ببعض.

في فبراير 2011م, وبعد نجاح ما عُرف بـ"ثورات الربيع العربي" في تونس ثم مصر, اندلعت ثورة الشباب اليمني السلمية, وحظيت بدعم "الإصلاح"، وشارك فيها حوثيون, وحينما وقعت مجازر للمتظاهرين, حدث الانشقاق الكبير (21 مارس 2011م) داخل الجيش والنظام عموماً, بقيادة اللواء علي محسن, وهو الجيش المنشق وقياداته إضافة إلى حزب "الإصلاح", الذين استهدفتهم حروب الحوثيين حتى إسقاط صنعاء في 21 سبتمبر 2014م.

حينها بادرت القيادة السعودية ومعها دول الخليج وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والاتحاد الأوروبي لطرح "المبادرة الخليجية" التي انتهت بعد معارك خاضها "صالح" وأقاربه المسيطرون على الجيش والأمن, ضد الجيش المنشق وقبائل حليفة لـ"الإصلاح", بخروج "صالح" من السلطة وحلول نائبه "عبدربه منصور هادي" بدلاً عنه، وشُكلت حكومة الوفاق الوطني مناصفة بين حزب "صالح" (المؤتمر الشعبي) وقوى الثورة بما فيها "الإصلاح".

وكان من أهم بنود "المبادرة الخليجية" أيضاً عقد مؤتمر وطني للحوار الشامل تم ضم الحوثيين والحراك الجنوبي والمرأة والشباب إلى مكوناته مع طرفي "المبادرة الخليجية", رغم إعلان الحوثيين رفضها باعتبارها سعودية المنشأ والرعاية, وأعلنوا مقاطعتهم انتخاب "هادي" رئيساً في فبراير 2012م بمبرر أن "المبادرة السعودية التفاف على ثورة الشباب".

شهد اليمن جلسات حوار استمرت حوالي 10 أشهر، رافقتها حروب للحوثيين في صعدة التي يسيطرون عليها منذ عام 2010م, باستثناء مركز تعليمي للسلفيين يعد الأول والأهم عربياً, واتجهت المعارك نحو قبائل "حاشد", ثم مدينة عمران بالتزامن مع معارك جانبية في أرحب والجوف وإب وذمار, حتى سيطرتهم على العاصمة صنعاء, تنوعت خلالها المبررات والأسباب وأبرزها التكفيريون في حزب "الإصلاح" والجيش المنشق والقبائل ومؤسسات الدولة.

تعددت لجان الوساطة الرئاسية المشكلة من قبل "هادي", وظل الهدف الأساسي لحروب الحوثي التي تواطأ فيها الرئيس السابق وتخندق فيها أتباعه, إضافة إلى ما أثير عن رغبة إقليمية ودولية بضرب الإخوان المسلمين (الإصلاح) وحلفائهم, وكان أداء الرئيس "هادي" حينها باهتاً، ويعلن عن صراع أطراف، فيما الواقع أنها تستهدف مؤسسات الدولة وجيشها للسيطرة على مزيدٍ من الأراضي, مع رغبة حوثية واضحة بتحديد إقليم خاص بهم يستأثر بالشريط الحدودي مع السعودية يتمتع بمنفذ على البحر الأحمر.

ومادام أن مليشيات الحوثي صارت ممسكة بزمام الأمور بصنعاء, ومؤسسات الدولة لم تعد إلا أموراً شكلية مع وجود رئيس صوري يعجز عن حماية منزله وقصره الرئاسي, تبدو ملامح مستقبل اليمن أكثر غموضاً، ويبدو المشهد السياسي ضبابياً, يعجز أي مراقب عن معرفة ماهية السيناريوهات المحتملة فيه.

ومن الصعب معرفة ما إذا كان الحوثي سيكتفي بالسيطرة على مركز الدولة والتحول إلى صانع للقرار السياسي, فيما يستمر "هادي" رئيساً منزوع الصلاحيات يستخدمه الحوثي كديكور وأداة لعلاقات البلد بالمجتمع الدولي, ورعاة "المبادرة الخليجية" وخاصة أمريكا والسعودية.

وهناك سيناريوهات محتملة تشير إلى معركة طائفية مذهبية كان يُراد حدوثها بالعاصمة صنعاء تحت زعم وجود مليشيات مسلحة لحزب "الإصلاح" (سُنة) في مواجهة مليشيات الحوثي (شيعة), وقد يتم توجيهها مرة أخرى لتطفو على السطح برغبة دولية من خلال تحرك الحوثي نحو مناطق الوسط والجنوب الأكثر سكاناً معظمهم محسوبون على المذهب الشافعي (السُّني), بعد فشل وقوعها في شمال الشمال التي تتبع تاريخياً المذهب الزيدي (الشيعي).

اليمن صار بلداً مهدداً بالتفكك أيضاً, خاصة مع إعلان قيادات جنوبية أن صنعاء المحتلة من الحوثيين لم تعد عاصمة لليمن بتنوعها المذهبي والجغرافي والسياسي.

غير أن ما لا يمكن تجاهله هو بعض هتافات الحوثيين في مسيراتهم "من صلالة حتى الطائف هي أرضي ومش خائف", وغيرها تؤكد أن الحوثي يضع السعودية ودول الخليج في مرماه كوكيل جديد لإيران يفوق بدوره المرسوم الأدوار التي قام بها "حزب الله" اللبناني، و"الأسد" بسورية، و"المالكي" في العراق.

ومما لاشك فيه أن سيطرة الحوثي على المياه الإقليمية لليمن في البحر الأحمر ومعها مضيق باب المندب سيضاعف خطر التهديدات الإيرانية على صادرات النفط الخليجي والتلميحات المستمرة بإغلاق مضيق هرمز, وفوق ذلك ستجد الجماعات الإرهابية في بلد موحد أو مفكك كاليمن, مساحة مترامية الأطراف تحتضن معسكرات الإعداد والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية خارج الحدود.

ولا يستبعد كثيرون أن يكون نجاح التمرد الحوثي في السيطرة على اليمن حافزاً للأقليات الشيعية في السعودية ودول الخليج للاستفادة من تجربته والتحول إلى أدوات إيرانية بهدف تفكيك تلك البلدان وخلخلة بنيانها الاجتماعي وضرب الأمن والاستقرار الذي تنعم به وربما السعي للإطاحة بالأنظمة السياسية الحاكمة فيها.