الرئيسية - تقارير - صحيفة عدنية تدق ناقوس خــطر المخدرات في عدن فتيات يتصدرن تجارة الموت. ووجود 3 سجينات متهمات بالترويج والتعاطي

صحيفة عدنية تدق ناقوس خــطر المخدرات في عدن فتيات يتصدرن تجارة الموت. ووجود 3 سجينات متهمات بالترويج والتعاطي

الساعة 01:56 صباحاً (هنا عدن - متابعات)

هنا عدن - الامناء - ماجد الشعيبي

هذه ليست المرة الأولى التي تعتقل "أم.م" وتخرج بضمانه كباقي رفيقاتها اللواتي يعملن كمروجات للمخدرات، فالأمن اليمني يتهم بالتواطؤ بشكل كبير من طريقة تعامله مع تجار هذه المواد، بحسب شهادات للجان شعبية تأسست لمحاربة هذه الآفة في عدد من مديريات وهو الاتهام الذي سيرد عليه مدير مكافحات المخدرات في عدن.
قضت "أم. م" عام كامل في السجن المركزي بالمنصورة وهي أم لمجموعة من الأطفال يسكنون في احدى الأحياء الشعبية المشهورة بالعشوائية، وخرجت بعد ضمانة وتعهد أنها لن تعاود العمل في البيع، بيد أن قريبات لها ايضاً يعملن في هذه التجارة، ويمكن القول هنا أن هناك مجتمع يتشكل في عدن ولا يخشى أن يشار إليه كواحد من المتعاطين أو المروجين فقد أصبح تعاطي المخدرات في عدن أمر واقع لا يمكن انكاره ولا تجاهله..
ليس هناك إثارة في الموضوع أن تجد فتيات يعملن كمروجات لهذه المواد مقابل حصولهن على مكسب زهيد، خصوصاً وأن الترويج يتم خلال ممارستهن مهنة الشحاتة وبهذه الطريقة لا يمكن لاحدهم الشك بثلة من الفتيات يعملن ليل نهار في عدن كأداة لتوصيل هذه المواد إلى الزبائن.
بالنسبة لـ "نور " -اسم مستعار - لا يشكل توزيع هذه المواد بشكل شبه يومي أي خطر عليها فهي بعيدة تماماً عن أي اشتباه، ولم يسبق لها أن وقعت في فخ أجهزة الأمن، كما حصل مع "أم.م " التي بات اسمها يرتبط بالترويج للمخدرات بمختلف أنواعها.
تعودت " نور " منذ سنوات العمل في هذه الحرفة التي استقطبت إليها الكثير من الأيادي الناعمة، فهي ورفيقات لها يشار إليهن بالبنان لذكائهن في التعامل وسرعة تصريف هذه المواد، ولأنهن من أسرة فقيرة في عدن يعول عليهن في جمع الكثير من ألأمول قبل حلول الظلام وهذا يعد محل تفاخر وتنافس بين هذه الشبكة، فمن تجمع المال أكثر وأسرع تحصل على المقابل الأكثر.
في الأحياء الشعبية التي تسكن فيها "نور" تتشكل نواة لعدد من الفتيات يعملن كفريق وبشكل يومي في خدمة توصيل الحشيش والحبوب لزبائن الطلب اليومي، ونور كما عرفت هي ابنة واحدة من اشهر المروجات للمخدرات في عدن فبعد أن تم القبض على والدتها وخرجت بعد سنوات من السجن ورثت نور هذه المهمة عن أمها التي توقفت وتشرف فقط على عمل أبنتها.
من الصعب عليكم التصديق أن هناك أسر وغرف عمليات تعمل بشكل يومي ومنظم وتدير عملية الترويج وبيع الحشيش، كما كان من الصعب علي تصديق هذا الموضوع حين أخذ " أحمد " يشرح لي كيف تشكلت هذه البيئة خلال الأربع السنوات الأخيرة وأصبحت مصدر رزق الكثير من الأسر.
نحن في التواهي برفقة أحمد 20 عامأً – مروج ومتعاطي سابق – تجولنا في أكثر من شارع وكان يبدي لي ندماً شديداً في كونه كان واحداً من الشباب الذين قضوا أكثر من عامين في التعاطي والترويج للمخدرات، ونحن في الطريق أخذ أحمد يشير لي بأصبعيه إلى فتاتين قال أنهن ضمن المروجات التي خبر معهن العمل في هذا المجال قبل أن تتمكن عائلته من حبسه في البيت لأشهر وتهديده بالسجن إذا ما استمر في طريقه – عائلة أحمد كانت تعرف أن الأخير يتعاطى الحشيش _ لهذا عمدت على معاقبته بطرق مختلفة.
حذرني أحمد من التورط في ذكر أسماء أصدقاء له ظل يعمل معهم لسنوات، وقد أعطيته وعداً بذلك وتعهدت له أن كل الأسماء التي سأذكرها في هذا التقرير ستكون مستعارة حتى اسمه..
يقول احمد أن الفتيات اللواتي يقمن بخدمة توصيل المخدرات لشبكة من المتعاطين يعملن حسب توجيهات معينه وهن بنفس الوقت متعاطيات، وإلى جوار توزيعهن لتلك المواد فهن يمارسن غواية الشحاتة ليس لحاجتهن للمساعدات ولكن لكي يتجنب الشبهة، فتوزيع تلك المواد تتم كما لو أنها عملية طلب مساعدة وهي بالحقيقة تذهب إلى أشخاص تعرفهم مسبقاً بعد أن يحدد مكانهم وتقوم بإعطائه مادة الحشيش المحددة أيضاً بالسعر المعين والشخص الذي يشتري تلك المادة يعطيها مقابل تلك المادة، ويظهر الأمر كما لو أنه اعطاها مساعدة مالية ورحل في سبيل حاله..
انبهرت بالطريقة التي يقمن بها تلك الفتيات وحين شاهدتهن بأم عيني تأكدت من براعتهن واتقانهن للعمل ولو أنني كنت لا أعرف أنهن مروجات من السابق لما شكيت ولو لدقيقة واحدة في أنهن طالبات حاجة، ومستحقات لما يعطى لهن من بعض الأشخاص الذين يبدون في كثيراً من الأحيان كرما في النقود التي يتبرعون بها للفتيات السُمر.
لا يقتصر الأمر هنا على استخدام النساء كمروجات يعملن بطريقة ذكية دون أن يشكك بهن أحد إلا من خبر هذه المهام أو تعاطى هذه المخدرات، بل يمكننا التأكيد هنا إلى أن نسبة متعاطيات المخدرات وبالذات الحشيش من الفتيات ليست بالنسبة القليلة، فطالبات الجامعات والمدارس أيضاً يعرفن طريق هذه الغواية جيداً.
في التقرير هذا تناولت جزء من الحقيقة فيما تظل باقي الحقيقة مفقودة ليس لأنها صعبة لعرضها بين أيديكم، ولكنها تحتاج فترة طويلة وجهد كبير للعمل عليها بشكل استقصائي، وهذا يتطلب منا الكثير، حالياً اكتفينا بعرض بعض هذه القصص على أن نستكمل البقية في تحقيقات وتقارير قادمة.
وليست "أم.م" أو "نور" الوحيدات اللواتي يستخدمن كسلاح للترويج لهذا المخدرات، فهناك عشرات الفتيات يعملنا في هذه المهنة أعمارهن يتراوح بين 18 - 27 عام، ويتوزعن في مديريات عدن ولكم تخيل الباقي .
عن مدارس وجامعات لا تخلو من المخدرات.
في المنصورة أكد شباب 16 فبراير في حديث سابق لي معهم عن ضبط ما يقارب 2 كيلو حشيش برفقة أحد المروجين يقول أن الكمية التي كانت بحوزته كانت ستذهب لإحدى مدارس البنات وهناك تتولى واحدة من الطالبات توزيع تلك الكمية بحسب الطلب.
وعن جامعة عدن حدث ولا حرج ففي أكثر من كلية يتحدث طلاب عن تناول جماعي للحشيش-طلاب وطالبات –بعد تمكن بعض المتعاطين من إقناع زميلات له بأن الموضوع ليس إدمان ولا يعرض للخطر، وغالباً ما تكون الطالبات على علاقات غرامية بالمتعاطين وهو الأمر الذي يشجع بعضهن على التعاطي باعتبار أن الأمر ليس خطيراً ، وبهذه الطريق تم استقطاب عشرات الطالبات إلى هذه المستنقع.
ومؤخراً في كلية التربية في جامعة عدن أنشئ طلاب وبرعاية من عمادة الكلية ما يشبه لجان الكشافة وذلك للقيام بعدد من المهام منها منع تعاطي المخدرات داخل أسوار الكلية ويأتي ذلك بعد أن عُثر داخل الكلية ولأكثر من مرة قطع صغيرة من مادة الحشيش تسقط سهوا من بعض الطلاب.
يتشكل في عدن مجتمع لم يكن معروفاً قبل سنوات، سيصبح قادم الأيام مجتمعاً يفرض نفسه كأمر واقع، حتى لو ظل يمارس غواية الإدمان بعيداً عن المنظر العام سيأتي اليوم الذي يصبح من الصعب تجاوز هذا المجتمع إذا ما وجدت وسائل مجتمعية لمكافحة هذه الآفة ووسائل أخرى لمعالجة المدمنين الذين يحتاجون لعلاج طويل ومعين ليعودا كما كانوا في السابق.
دكتور في عدن يتحدث عن أول عيادة لمعالجة المدمنين

عبدالله سالم هادي هو أول دكتور في مدينة عدن – خور مكسر _ يفتتح عيادة لمعالجة المدمنين.
وأثناء الحديث معه قال د. عبدالله لـ "الأمناء": "هناك ما بين 3 – 5 حالات يومياً تتراوح أعمار معضهم بين 20 و25 عاماً يزورون العيادة حديثة النشأة.
ويقول عبدالله سالم أن الدولة لا توفر علاج خاص بالإدمان وأن كل ما يقوم به هو علاج أولي لمساعدة المدمنين على التعافي وأن المدمن يحتاج للكثير من الخطوات للعلاج، وأن تكون هناك فرصة لمعالجة المدمنين.
عبدالله قال لنا أنه غادر قبل سنوات عدن ولم تكن المخدرات منتشرة وحين عاد تفاجأ من توسع انتشارها وقرر أن يفتح عيادة لمعالجة المدمنين لعله يساعد في انقاذ حالات ماتزال حديثة الإدمان.
الدكتور سالم يرجع سبب انتشار المخدرات بين الشباب إلى غياب دور الأسرة في عدن ويقول أن المدمنين الذين لا يجدون في أحيان كثيرة مواد مخدرة يشرعون إلى ارتكاب الجريمة وهو ما يحصل يومياً في عدن حيث يتم تهديد أصحاب المحلات التجارية ومحطات الوقود بقوة السلاح.
3 نساء في مركزي عدن بتهمة الترويج
في السجن المركزي بالمنصورة تقول إحصائية حصلنا عليها من مدير السجن أن هناك 3 نساء قبض عليهن بتهمة ترويج المخدرات خلال العام الماضي
وتقبع حالياً داخل أسوار السجن حالة واحدة بتهمة التعاطي والترويج أيضاً، لم نتمكن من الحصول على معلومات حول تفاصيل حياتها والمدة التي ستقضيها في السجن.
وعلى الرغم من صعوبة حصول أي صحفي على معلومات واحصائيات مدونة حكومية أو مجتمعية إلا أنني حصلت على هذه المعلومات البسيطة بعد جهد في معرفة الحقيقة وللعلم سجن المنصورة ليس السجن الوحيد الذي يتم فيه الزج بالمتهمين بالترويج للمخدرات.
ثورة سعاد علوي ضد المخدرات
لا تستغرب سعاد علوي -صاحبة أول مركز للتوعية من خطر المخدرات في عدن –من انتشار هذه الآفة وخصوصاً بين الفتيات حيث يعملن إلى جانب التعاطي في الترويج لها في إطار مجتمع محصور ويتوسع يومياً بشكل سريع.
تقول علوي : اكتشفنا ذلك من خلال عملنا منذ فترة طويلة بل نحن الآن بدأنا نراها تنتشر بين الأطفال وهذه هي الكارثة بعينها وهو أمر طبيعي في مثل هذه الأوضاع وأيضاً في ظل سلبية الكثير من الأهالي التي تتجاهل متابعة الأطفال وتدعهم في الشوارع حتى وقت متأخر من الليل.
تتحدث سعاد أيضاً عن تردي العملية التربوية في المدارس التي يرافقها انعدام الجدية في وضع الحلول الرادعة للمتاجرين الكبار واللذين يتربعون على رأس السلطة وعدم محاسبتهم وتوقيف تجارتهم بهذه المواد القاتلة.
ومن الأسباب الأخرى كما تشرح سعاد في كسب هذه الظاهرة لشباب وفتيات كثر هي ظاهرة الفقر والبؤس عند الكثير فيكون تعاطي المخدرات وسيلة للهرب من الواقع.
المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني كما تقول علوي لا تقوم بدورها المطلوب في التوعية ومعالجة هذه الظاهرة فهي تسمع عن هذه الظاهرة ولكنها لا توجد أي أطار لمواجهتها كون ارتباطاتها حكومية بالغالب وهو الأمر الذي يمنع من التعاطي مع موضوع المخدات وهذا ما يجعلنا نؤكد والحديث هنا لسعاد أن عمليه انتشار هذه المخدرات في عدن هي مخططة وليست عبثية.
تتأسف سعاد على عدم مقدرتها على هذه الظاهرة برغم كل الإمكانيات والحملات التي قامت بها وترجع ذلك إلى عدم وجود تكاتف مجتمعي كبير وتقول بحسرة وفي النهاية أولادنا وبناتنا هم من يدفعون ثمن صمت المجتمع.
تواجه سعاد الكثير من المشاكل فالانتشار السريع للمخدرات وبأنواعها المتعددة بين الشباب يضعها في تحدي وتؤكد علوي أن دائرة انتشارها توسعت حيث وصلت إلى الأطفال والفتيات، وهذا ما دفعها لاستهداف المدارس بمختلف مستوياتها، وسعاد تؤكد أيضاً ما تناولناه أعلاه حول حقيقة تعاطي وترويج الفتيات لأكثر من نوع من أنواع المخدرات.
وبرز اسم سعاد علوي مؤخراً كأول ناشطة تقوم علناً بمكافحة المخدرات، واستطاعت خلال الفترة السابقة إنشاء أول مركز يعمل بشكل منتظم في التوعية من خطر المخدرات أسمته "مركز عدن لمكافحة المخدرات" ويعمل بشكل مرخص.
وتظهر سعاد علوي برفقة طالبات ضمن حملة توعية من خطر المخدرات ، إلى جوارها أيضاً طالبات مدرسة ثانوية يرفعن شعارات مناهضة للمخدرات .

ماذا قال مدير مكافحة المخدرات في عدن
فضل صائل هو مدير مكافحة المخدرات في عدن سبق والتقيته أكثر من مرة وتجولنا في سيارته نتحدث عن الأماكن التي يكثر فيها التعاطي وترويج المخدرات.
بالنسبة للفتيات يقول صائل أنهم قبضوا على مروجه صومالية في مارس الماضي وفوراً تم تحويلها للنيابة والقضاء ليتم الحكم عليها.
أما عن ما قاله شباب المنصورة بخصوص تواطئ الأمن اليمني يرد صائل بقوله يقول أن مهمته تقتصر على القبض على مروجي المخدرات وبعدها يأتـي دور النيابة والقضاء هو من يحدد الخطوات التالية متحدياً أي شخص يثبت أن إدارة مكافحة المخدرات تواطأت مع من تم القبض عليهم.
ويؤكد صائل أن شباب المنصورة يعملون عملًا جيداً في الحد من هذه الظاهرة ولكنهم لا ينسقون مع إدارة مكافحة المخدرات وهذا ما يجعلهم فاقدين للصفة القانونية، واصفاً القبض على مروجي المخدرات بدون أدلة وحضور الجهة القانونية يعد أمراً خاطئاً.
يقول صائل أن هناك معلومات تحريه لا يمكن نشرها حالياً ولكنه لم ينف تورط عدد كبير من الفتيات في الترويج وتعاطي المخدرات.
ويخشى صائل من توفر الحاضن الشعبي لمروجي المخدرات، خصوصاً ان هناك تغاضي من قبل المواطنين حول هذه الظاهرة، وأن هناك قطيعة بينهم كرجال أمن ومواطنين.
وعبر صحيفة "الأمناء" شكر صائل كل المواطنين الذين يدلون بمعلومات ويساعدون رجال الأمن في التبليغ على المروجين وذلك للحد من هذه الظاهرة الخطيرة على المجتمع.



= الصورة تعبيرية