حتى عام 2005 لم يكن الحوثيون سوى مجموعات مسلحة تحارب النظام في جبال صعدة، ورغم أن نظام علي عبدالله صالح خاض ضدهم خمس حروب، إلا أنه لم يتمكن من القضاء عليهم بسبب الدعم الإيراني لهم من جهة ولأنه لم يكن يريد القضاء عليهم بل كان يريد أن يستخدمهم كورقة يبتز بها جيرانه وقادته العسكريين.
وقد لمست في لقاءات وزيارات قمت بها لصنعاء خلال تلك الفترة ولقاءات مع اللواء علي محسن الأحمر الذي زج به علي عبدالله صالح في هذه الحروب حتى يتخلص منه بعد ما أخذ علي عبدالله صالح يعد ابنه أحمد لخلافته في الحكم ومخاوفه من علي محسن الأحمر الذي كان يعارض ذلك، حدثني اللواء الأحمر في إحدى زياراتي له بأن علي عبدالله صالح كانت له مصلحة ما في استمرار هذه الحروب بل في تقوية الحوثيين الذين كانت مطالبهم في البداية محدودة حتى يجد مبررا للتخلص من القادة العسكريين الذين كانوا يعارضون مخططاته لتوريث الحكم وفي الوقت نفسه يجد مبررا لممارسة الضغوط والابتزاز لجيرانه الخليجيين حتى يمدوه بالمال..
والمشكلة الأساسية التي عانى منها علي عبدالله صالح مع علي محسن الأحمر أن علي محسن هو الذي سلم الحكم لعلي عبدالله صالح بعد مقتل الرئيس الغشمي عام 1978، حيث كان الأحمر وقتها أحد قادة المنطقة المركزية في صنعاء، بينما كان علي عبدالله صالح قائدا في منطقة بعيدة عن صنعاء فاستدعاه الأحمر حتى يسلمه السلطة التي لم يكن صالح يحلم بها، وظل علي محسن الأحمر أقوى القادة العسكريين الداعمين لحكم صالح حتى بدأ صالح يخطط للتوريث، لذلك كان علي صالح يبحث عن طريق يتخلص به من علي محسن الأحمر غير الإقالة فزج به ليواجه الحوثيين في جبال صعدة في حرب مكنت الحوثيين في النهاية أن يصبحوا قوة عسكرية تنافس الدولة وحينما قامت الثورة انحاز إليها علي محسن الأحمر وكانت الفرقة المدرعة الأولى هي الحامي الأساسي لها وهي التي أجبرت علي صالح على التنحي، لذلك جاءت فرصة علي صالح للتخلص من أكبر عدوين لدودين له وهما: الإخوان المسلمون والقبائل التي تدعمهم وعلي محسن الأحمر الذي أجبره على التنحي وتسليم السلطة من خلال دعمه للحوثيين وتمهيد الطريق لهم لاحتلال صنعاء، وفي هذه المرة دعم علي صالح الحوثيين ليحققوا مطالبه، لكن الحوثيين لديهم أهدافهم المرتبطة بالراعي الرسمي لهم وهو الإيرانيون،غير أن المشكلة لدى الحوثيين الذين دخلوا صنعاء دون قتال وقد سلمت لهم على طبق من ذهب أنهم يعتقدون أن اليمن كل اليمن سوف تسلم لهم مثلما سلمت صنعاء وأن الأموال وحدها كافية لشراء ذمم القادة العسكريين وشيوخ القبائل حتى يرضخوا، كما أنهم لم يحددوا حتى الآن أين سيتوقفون وماهي حدود الخريطة الجغرافية التي يسعون إليها، وإذا كانت الخرائط التي سربت والتي واكبتها لقاءات مهووسة لبعض الإيرانيين على شاشات الفضائيات أن الهدف هو الجزيرة العربية كلها وأن الحوثي أصبح سيد الجزيرة العربية وسيد البحرين الأبيض والأحمر فنحن أمام مقبرة يحفرها الحوثيون ومن ورائهم لأنفسهم، لأن الاتفاق مع الأميركان وشراء ذمم شيوخ القبائل وضباط الجيش اليمني ليس كافياً أن تكون الخرائط الجغرافية مفتوحة لمن أراد مهما كانت قوته أن يحقق ما يشاء، وإلا كان الأميركان الذين هم أقوى قوة في العالم انتصروا على أضعف قوة في العالم وهي الأفغان أو قبلهم الصوماليون أو الفيتناميون، أو كانوا بقوا في العراق رغم أنهم قاموا بحل الجيش العراقي ودمروه.. توسع الحوثيين لا يعني سوى أنهم يحفرون قبورهم بأيديهم وأيدي حلفائهم.