يعتقد محلل سياسي أن تشكيل تكتل برلمانيي الجنوب يعدّ توجها استباقيا جاء متزامنا مع التطورات السياسية الأخيرة التي تلوح في الأفق عن نية بعض الأطراف السعي نحو الانفصال كنتاج لما جرى في صنعاء من انقلاب.
أثار تأييد عدد كبير من أعضاء البرلمان اليمني عن المحافظات الجنوبية مطالب المعتصمين بعدن وحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم ردودا مختلفة، فقد عدّه البعض خطوة في الاتجاه الصحيح، في حين اعتبره آخرون توجهاً استباقيا للسعي نحو الانفصال من أعضاء ببرلمان فاقد للشرعية.
وكان أكثر من عشرين نائباً من المحافظات الجنوبية قد أعلنوا من عدن قبل أيام تأسيس الكتلة البرلمانية الجنوبية، وأصدروا بيانا أكدوا فيه تأييدهم للاعتصام الذي ينفذه أبناء الجنوب في عدن، كما دعوا جميع المكونات الجنوبية للالتفاف حول ممثليها المنتخبين، وبما يمكّن من تحقيق الطموحات المشروعة لأبناء الجنوب، والسعي لتوحيد المكونات الجنوبية خلف قيادة موحدة ومتفق عليها ووفقاً لما يرتضيه الشعب الجنوبي.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية الجنوبية فؤاد واكد: “إن الهدف من تأسيس التكتل هو استشعارنا بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا كنواب نمثل الشعب، ونحن نرى أن الوضع الحالي في البلاد والجنوب خاصة لن يعفينا إن لم نقم بمسؤوليتنا التاريخية في هذا الوقت بالذات، فارتأينا أنه لا بد أن نتبنى القضية الجنوبية وفقاً لما يرتضيه شعب الجنوب حسب استفتاء شفاف وحر ونزيه، وأن نعمل على تحقيق ذلك من خلال وجودنا في البرلمان”.
**محاولات سابقة**
وأشار - في حديث للجزيرة نت - إلى أن “تأسيس هذا التكتل لم يأتِ صدفة، بل كانت هناك محاولات سابقة عدة لتأسيسه كتكتل موحد للبرلمانيين الجنوبيين منذ العام 2006، إلا أن ذلك لم يكتب له النجاح حينها لأسباب مختلفة منها (المماحكات الحزبية)، وكانت آخر محاولات التأسيس في العام 2011 بعيد الثورة الشبابية، ولكنها أجهضت أيضاً جراء الانشغال بالمبادرة الخليجية وانتظار ما سيخلص إليه مؤتمر الحوار”.
وأكد واكد أن “هناك ردودا متباينة حيال تأسيس التكتل، فهناك من أيّد الفكرة ورحب بها في الأوساط الجنوبية واعتبرها خطوة إيجابية، وهناك من عارض ذلك معتبراً أن التكتل يهدف لاحتواء الشارع الجنوبي وسحب الأضواء من القوى الفاعلة في الجنوب”، منوها إلى أن “أعضاء التكتل زاروا ساحة الاعتصام في عدن والتقوا بقادتها”.
ودعا رئيس الكتلة البرلمانية الجنوبية أبناء الجنوب للتوحد والالتفاف حول قيادة موحدة إنْ أرادوا النصر لقضيتهم وتحقيق أهدافها، كما دعا زملاءه النواب من أبناء الجنوب للانضمام للتكتل الجديد كونه الإطار الشرعي الذي سيخدم القضية الجنوبية ويجعلها قضية حية تتعامل معها كل الأطراف وفقاً لخيارات شعب الجنوب، وبنضال سلمي وحضاري.
**خطوة إيجابية**
بدوره عبّر رئيس الهيئة الإشرافية لاعتصام أبناء الجنوب بعدن حسين بن شعيب عن “ارتياحه للخطوة التي أقدم عليها النواب الجنوبيون”، مشيرا إلى أن “تأييدهم للاعتصام ولحق شعب الجنوب في تقرير مصيره يعد خطوة إيجابية تعطي دافعاً معنوياً لأبناء الجنوب للاستمرار في نضالهم السلمي حتى تحقيق أهدافهم”.
وقال - في حديث للجزيرة نت - : “لقد التقينا بمجموعة من أعضاء الكتلة الجنوبية وأثنينا على موقفهم، ودعوناهم لعدم قطع صلتهم بالبرلمان، فنحن لا نزال في إطار الجمهورية اليمنية، ولا نريد أن يتشتت صوت الجنوبيين العاملين في صنعاء كون هذا يضعفنا نحن الجنوبيين”.
وأضاف “عليهم البقاء في الوضع الحالي حتى تتضح الصورة الضبابية في الشمال والجنوب، فحق تقرير المصير وإن كان مطلباً رئيسياً لشعب الجنوب إلا أنه لم يلقَ إلى الآن دعماً دولياً أو إقليميا حتى يحدد النواب الجنوبيون موقفهم من البرلمان اليمني”.
وأكد ابن شعيب أنه “لا ينبغي لأبناء الجنوب في صنعاء من برلمانيين وغيرهم أن يتخذوا أي قرار إلا بعد التشاور مع الرئيس عبد ربه منصور هادي كونه بحاجة لمن يؤازره هناك، فهو رئيس متوافق عليه ويحظى بإجماع إقليمي ودولي، والواجب على الجنوبيين تعزيز موقفه وكسب ثقته، فالسياسة هي فن الممكن”.
**توجه استباقي**
بدوره قال رئيس المركز العربي للدراسات نبيل البكيري: “إن تشكيل تكتل برلمانيي الجنوب يعد توجهاً استباقيا جاء بالتزامن مع التطورات السياسية الأخيرة التي تلوح في الأفق عن نية بعض الأطراف السعي نحو الانفصال كنتاج لما جرى في صنعاء من انقلاب”.
وأضاف البكيري للجزيرة نت “كما أن ذلك يؤكد استمرارية أزمة الانقسام والتفتت والصراع الذي يعتري المكونات الجنوبية، الأمر الذي أكده بيان بعض فصائل الحراك الحاد والقاسِ بشأن ذلك التكتل”.
واعتبر البكيري أن “تأسيس التكتل ربما جاء بتوجيه من الرئيس هادي وجناحه الذي شكله حديثاً، وهو ما تجلى من خلال لهجة بيان إعلان التكتل والقضايا التي تحدث عنها”، متهماً أعضاءه بـ “السعي للبحث عن مواقع جديدة فيما يعتقدون أنه وضع جديد سيتشكل في الجنوب سواء بالفيدرالية أو الانفصال، فضلاً عن كونهم أعضاء ببرلمان فاقد للشرعية منذ سنوات”، على حد قوله.