الثلاثين من نوفمبر 67 ثورة أكتوبر 63 ويوم الاستقلال والنصر الوطني- المناضل عبدالقوي رشاد الشعبي
2014/11/29
الساعة 10:17 مساءً
(هنا عدن - خاص)
الثلاثين من نوفمبر 67 ثورة أكتوبر 63 ويوم الاستقلال والنصر الوطني-- عبد القوي محمد رشاد
يا طامعاً في الذئاب الحمر ما غنمت
أطماعك السود إلاَّ بعض قتلانا
أسطورة الأسد المهزوم نمهرها
جداول من دم يجتاح ردفانا
سميح القاسم
تحية إكبار وتقدير لكل الشهداء والمناضلين الذين سطروا بدمائهم بطولة شعب وانتصار أمه في نضال طويل وقاسي ضد أعتى إمبراطورية في ذلك الوقت كانت قيادة الجبهة القومية للنضال المسلح اختياراً وطنياً ذكياً وتتويجاً لنضال شعبنا بكل أشكاله منذُ يوم الاحتلال والغزو البريطاني لبلادنا .
إنه الجلاء هو جلاء قوة عسكرية من أرض دولة متحالفة أو تربطها بها اتفاقيات كما حصل في قاعدة السويس وبنزرت في تونس والقواعد الأمريكية والبريطانية في ليبيا قبل ثورة الفاتح من سبتمبر 69 أما ما حصل عندنا فهو ثورة شعب مسلحة ضد قوة محتلة . في سبيل تحرير الأرض والإنسان وتحقيق الاستقلال وميلاد أمة مرة أخرى وتحقيق السيادة الوطنية على ما يقرب من 140.000 كيلو متر مربعاً .
وليست ذكرى الجلاء كما اعتادت بعض الصحف المحلية إن تسميه إذ أن في هذه التسمية تقليل من أهمية النضال لشعبنا وتقليل من أهمية الانتصار الذي تحقق والذي أدى إلى استقلال شعب في معركته مع دولة عظمى كبريطانيا . ولقد اعتاد الشعراء والفرسان العرب إذا أرادوا إبراز شجاعتهم وبطولاتهم أن يشيروا أولاً إلى بطولة وشجاعة خصومهم المهزومين حتى تتجلى شجاعتهم في صورتها الحقيقية كذلك لابد من تجليل وتبجيل الحدث الوطني من خلال الأهداف والنتائج التي حققها هذا الاستقلال . فلقد وحد أكثر من اثنين وعشرين سلطنة وإمارة ومشيخة ووحد شعباً في إطار سياسي وطني واحد . فإذا كان الكثير من المفكرين العرب يرون أن أول وحدة عربية ناجحة في عصرنا الحديث كانت وحدة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية . ومن هنا تتعاظم أهمية هذا الحدث في كون هذه اللبنة الوحدوية هي الأساس المتين الذي قامت عليه وحدة اليمن كلها .
وتزداد أهمية النضال الوطني لشعبنا وتبرز عظمته فيما حققه من خلال العامل الزمني الذي دار فيه هذا النضال وهي فترة سياسية وطنية حرجة في التاريخ العربي خصوصاً بعد أثر النكسة العربية للأنظمة الوطنية في 1967م إذ أن هذه النكسة ألقت عبئاً وطنياً ثقيلاً على شعبنا وجعلته يعاني من أثار هذه النكسة العربية وفي أثارها على مصر والزعيم العظيم جمال عبد الناصر ، الذي كان سنداً للشعب اليمني في ثورته وكفاحه وتتجسد عظمة الإنجاز الوطني لشعبنا في تصفية القاعدة البريطانية بكل آثار الوجود البريطاني وهيمنته وسيطرته على الأحداث السياسية والعسكرية وطرق المواصلات البحرية والجوية ، وبالتالي تأمين ثورة 26 سبتمبر في صنعاء من مرتكزات التأمر والاعتداءات التي كانت عدن منطلقاً لها آنذاك .
إن الانتصار والاستقلال الوطني الكامل هو الذي حقق هذه المكاسب العظيمة وليس الجلاء كما يراه البعض . فالجلاء البريطاني هو أحد نتائج النصر والاستقلال الوطني وليس هو الذي حقق ذاته إذ كان بالإمكان تحقيق بعض الجلاء في شكله الصوري وليس استقلالاً ويظل النفوذ السياسي والعسكري البريطاني فاعلاً في المنطقة . فلاستقلال هنا حقق تحرير الأرض والإنسان وتحقيق السيادة الوطنية الفاعلة وليس الصورية . وبالتالي حقق وحدة كل أجزاء الوطن لأول مرة منذُ الاحتلال البريطاني الذي حكم تحت شعار فرق تسد - ليس عندنا بل في كل أنحاء الوطن العربي – حتى تلك البلاد التي لم تكن تحت سيطرته مباشرة وأيضاً في تلك الدول التي استعمرها – إذ مزقها – وأورثها مشاكل الحدود والثروة والصراع العرقي والمذهبي .
ومن أبرز نتائج الاستقلال الوطني الذي شكك فيه البعض إنه حقق وحدة أرض الجنوب كلها في دولة وطنية واحدة – وكما قال الأخ المناضل فيصل العطاس " الجبهة القومية " حققت الاستقلال – وجعلت الحضرمي يقول أنا يمني والمهري يتكلم بالعربية ... الخ.
وهناك ما هو أعظم وهي النتائج التي كانت وليدة الاستقلال الوطني وليس الجلاء . وهي الوحدة اليمنية كانجاز وطني بصرف النظر مما شابها أي الوحدة من قبل إدارة الحزبان الحاكمان في وحدتهما وفي صراعهما الآن . يتجلى ذلك في الواقعة التالية .
في بداية النصف الثاني من عام 67 وقبل الاستقلال بفترة قصيرة سأل أحد الصحافيين الفرنسيين وزير الخارجية الإسرائيلية أبا ايبان آنذاك بالسؤال التالي : ( ستنال عدن استقلالها قريباً فما رأيكم لو تمت الوحدة اليمنية بين صنعاء – وعدن هل ستعارضونها ؟ ) فأجاب أيا ايبان – نعم وسنعارض ذلك بقوة ثم سأله الصحفي ولكن لماذا فاليمن ليست من دول المواجهة أو دول الطوق العربي ؟
فرد أبا أيبان – إن إستراتيجيتنا القومية تقوم على محاربة أي تقارب عربي أو الوحدة العربية أينما كانت . لأن أية وحدة بين قطرين أو بلدين عربيين هي النواة الأولى للوحدة العربية التي تشكل خطراً علينا .
فهل أدرك رافعوا شعار الجلاء أهمية المعركة الوطنية التي خاضها شعبنا بقيادة الجبهة القومية . وكل الخيرين الشرفاء في كل جانب .
إن الذين يشككون في أهمية الاستقلال وصعوبة المعركة المسلحة مع بريطانيا من انتزاع النصر وإن الذين يجعلون من نتاج النصر الوطني بالثورة المسلحة في محاولة للتقليل منهم من هذا المنجز – بمحاولتهم حرفه إلى يوم الجلاء عليهم أن يدركوا أن هذا النصر كان نصر للأمة وللشعب اليمني كله وهو حصيلة معركة وطنية طويلة منذُ الغزو البريطاني للبلاد وإن كان اتخذ أشكالاً متعددة تتناسب مع حالة الشعب وقدراته والواقع الزمني لكل مرحلة فهي سلسلة من المقاومة الوطنية بأشكالها المختلفة توجتها الجبهة القومية بالثورة الوطنية المسلحة عندما توفرت مقومات النجاح كثورة سبتمبر 62 وللوجود المصري في صنعاء وما يمثله ذلك من دعم لهذا الكفاح . إضافة إلى القناعة لدى الجبهة القومية بالكفاح المسلح وبعد أن أعدت لها مقوماتها وهي إستراتيجية وطنية واضحة – بناء تنظيمي - أساس فكري – إعداد عسكري والاستفادة من مراحل النضال الوطني الأخرى ودورها وبعد أن أدركت أن الكفاح المسلح هو القادر على تحرير الوطن .
إذن كانت هناك ثورة ونضال وطني مسلح حقق استقلال وتحرير ما يقارب من 340.000 كيلو متر مربع . ولم يكن نضالاً في تساومي لتحقيق جلاء بريطانيا عن معسكر صلاح الدين أو معسكر شمبيون لاين ( النصر حالياً ) .
أتت أهمية النضال ثم النصر والاستقلال الوطني من أهمية عدن وما مثلثه بالنسبة لبريطانيا فمن خلال عدن والتواجد البريطاني فيها تمكنت بريطانيا من توسيع وترسيخ وجودها ونفوذها في الإقليم والجزيرة العربية وشرق إفريقيا فتواجدها عمل على إطالة عملية التشطير للأرض اليمنية كما كانت عدن قاعدة أساسية مساندة للملكيين في صراعهم مع الثورة وضد النظام الجمهوري بدعم وتخطيط ومساندة من بريطانيا ولعبت بريطانيا بإدارتها السياسية والعسكرية في عدن دوراً هاماً في صراع التناقضات بين دول الإقليم وتأثيراً مضاداً لكل الحركات القومية والثورية وحركات الاستقلال التي قامت في الإقليم وشرق إفريقيا كما أن الثروات والشركات البترولية العاملة في الإقليم كانت بحاجة إلى حام ومدافع أساسي عن مصالح هذه الشركات والدول وكذلك في عملية النقل البحري والأنابيب البرية للبترول .
ولم تكن هناك قوة قادرة على تقديم هذا التأمين والضمان والسلامة إلاَّ بريطانيا من خلال تواجدها السياسي والعسكري في عدن .
وتعاظمت أهمية عدن عسكرياً وسياسياً بقدر تعاظم الوجود البريطاني فيها . فبعد حرب السويس في مصر عام 1956م وهزيمة بريطانيا هناك وبعد المفاوضات بين مصر وبريطانيا لإجلاء قاعدة السويس العسكرية من الأراضي المصرية . وهذا هو الجلاء بعينه . ولم يكن أمام بريطانيا موقعاً مناسباً لقواتها يوفر الموقع الاستراتيجي والحماية للملاحة البحرية والاستقرار السياسي لها في المنطقة إلاَّ عدن . وبهذا أصبحت عدن مركزاً لقيادة القوات البريطانية في الجزيرة العربية والإقليم . ثم ازدادت أهميتها لبريطانيا عندما أصبحت مركزاً للقيادة لبريطانيا في الشرق الأوسط بأكمله . وهو ما أعطى لعدن أهمية متزايدة لبريطانيا نفوذاً سياسياً وعسكرياً وتجارياً على دول الإقليم .
وبعد ذلك هل يمكن التشكيك في هذا النضال الوطني والاستقلال الذي هو صانع الأحداث فيما بعدها .