strong>استطلاع / أمين قاسم الجرموزي -
هناك العديد من أرباب الأسر يعولون أسرهم عن طريق تجميع العبوات البلاستيكية كمصدر رزق وحيد يقتاتون منه لقمة العيش ويعتمدون على هذه المهنة منذ فترة طويلة , أحمد حيدر أحد أرباب الأسر التي تمتهن هذه المهنة يومياً دون كلل أو ملل , يجوب الشوارع على مسافات طويلة تبعد عن منزله الذي يعيش فيه مع عائلته حوالي 3 كيلو وقد تزيد على حسب امتلاء الكيس الذي يحمله على ظهره طوال الوقت حسب قوله .
ويوضح حيدر الذي يعول أسرة مكونة من زوجة وطفلين في بيت إيجار أنه لا يستطيع أن يتوقف عن عمله إلا في بعض الأحيان إذا اضطر لذلك , ويعلل ذلك لكون تجميع العبوات البلاستيكية المصدر الوحيد لرزقه حيث إنه تم طرده من عمله منذ سنين ماضية وأصبح يحصد لقمة العيش من وراء هذه المهنة التي يصفها بأنها لاتفي بالغرض وإنما تسد الحاجة عن مد الأيادي إلى الناس .
البطالة
وتستهدف هذه المهنة التي اكتسبها الكثير من العاطلين عن العمل شريحة الشباب والأطفال حيث اتسعت شريحة الأطفال في الآونة الأخيرة مشكلة عائق أمام تقدمهم العلمي والتربوي كونهم يقضون طفولتهم في الشوارع بحثاً عن عبوات البلاستيك لبيعها , وفي جولة لعديد من محلات تجميع الخردة شوهد الكثير من الأطفال يتواجدون هناك لبيع محصول المشوار الطويل من جمع العبوات البلاستيكية وعند سؤال أحدهم وهو الطفل سمير محمد عن سبب تواجده في الصباح أمام أحد المحلات في وقت يجب أن يتواجد في المدرسة , يرد بلهجة تملأها الخيبة واليأس : العمل أفضل من الدراسة .
ويضيف سمير أن دخوله في هذا العمل لم يكن من باب الصدفة وإنما تم الدفع به وكذلك بقية إخوانه من قبل والديه إجباراً وبالذات والده والذي أصبح عاطلاً عن العمل ويجلس في البيت ينتظر حصاد أبنائه من الفلوس ليصرفها على الأسرة بأكملها , ويقول إن معدل حصوله على الفلوس من هذا العمل هو 500 ريال وتزداد أحياناً إلى 600 أو 700 ريال في حالة إذا واصل العمل على مدار اليوم بالكامل .
عائد بسيط
ويضطر الكثير من أصحاب محلات تجميع الخردة أن يستأجروا أحواشاً فاضية لتجميع الكثير من العبوات البلاستيكية والحديد والمعدن كون المحلات لا تفي بالغرض ومساحتها صغيرة . ويؤكد عدنان مهاوش أحد أصحاب محلات الخردة أن هذه المهنة انتشرت بشكل كبير بين أوساط الناس البسطاء وأصبحت اليوم تجارة وراؤها تجار كبار يجنون الكثير من المال , ويستثني عدنان أصحاب المحلات من ذلك الحصاد حيث يقول إن الربح بالنسبة لهم قليل جداً وخاصة من العبوات البلاستيكية والتي زادت عملية القبول من المواطنين على بيعها أكثر من الخردة الأخرى المتمثلة في الحديد والمعدن والألمنيوم .
وتعتبر نسبة الأرباح من العبوات البلاستيكية بالنسبة للكيلو الواحد – حسب قوله- من 20 إلى 30 ريالاً وذلك على حسب مزاج التاجر الذي يأخذ منه , بينما في بقية الخردوات الأخرى أكثر بقليل ولكن نسبة الإقبال على البيع قليلة ,ولذلك يذكر عدنان أن العمل في هذا المجال لا يفي بالغرض في الوقت الحالي بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد اليوم .
ضرر صحي
وفي حين أن العبوات البلاستيكية مصدر رزق لبعض الأسر نجد أنها في نفس الوقت خطر صحي يصافح العديد من الأيادي التي تحملها من أماكن متفرقة تكون في الأغلب غير نظيفة كالشوارع وأماكن وضع القمامة وعلى الأرصفة والأماكن العامة , وليس هذا فقط فهناك خطر آخر أشد من السابق وهو إعادة استخدام العبوات مرة أخرى عن طريق استخدامها للشرب ولتخزين العصائر والكثير من المواد السائلة الحارة والباردة في المنازل والبوفيهات والمطاعم وأيضاً إعادة تدويرها واستخدامها لأغراض أخرى مثل أدوات البناء والزراعة البلاستيكية وغيرها .
وقد أثبتت دراسة علمية حديثة صحة هذا الكلام والذي أشيع مؤخراً بين أوساط الناس , حيث أكدت الدراسة أن العبوة المصنّعة من مادة البلاستيك التي يطلق عليها البوليثلين تحتوي على عناصر مسرطنة تسمى Deha, وأوضحت الدراسة الصادرة عن قسم علوم الصحة بجامعة شيغا للعلوم الطبية في اليابان عبوات المياه البلاستكية والعبوات البلاستيكية الأخرى التي تستخدم في المشروبات الغازية والعصائر والألبان ونحوها، تكون آمنة لدى استخدامها لمرة واحدة فقط، وإذا اضطر الشخص للاحتفاظ بها فيجب ألا يتعدى ذلك بضعة أيام أو أسبوع على أبعد تقدير ,وتفيد الدراسة بأن إعادة غسل العبوة وتنظيفها عدت مرات يسبب تحلل المواد المسرطنة منها مما يؤدي إلى تسربها إلى المياه أو السوائل التي نشربها مع ضرورة الانتباه إلى إبعادها عن أية مصادر حرارية قريبة منها أو تخزين سوائل حارة بداخلها .
انتهاء الصلاحية
وهناك سؤال حير البعض عن سبب وضع تاريخ انتهاء على عبوة الماء, وهل للماء مدة معينة ثم ينتهي مثل المنتجات السائلة ؟ والجواب هو أن تاريخ الانتهاء ليس معنياً بالماء الذي يوضع داخل العبوة وإنما يخص الفترة المسموحة للعبوات في الاحتفاظ بالسوائل داخلها , وهناك نقطة أخرى هامة وهي شكل المثلث الذي يوجد أسفل أي عبوة بلاستيكية، وهو يشير إلى عدد مرات إعادة تدوير واستخدام هذا المنتج وذلك عن طريق الأرقام الموضوعة داخل المثلث حيث إن الأرقام من واحد إلى أقل من خمسة تمثل خطورة في الاستخدام والرقم يعني أنه لا تستخدم العبوة سوى مرة واحدة فقط وكذلك بقية الأرقام, كما توجد أسفل المثلث أحرف إنجليزية، تشير إلى المادة المصنعة منها هذه العبوة، مثل Ppوتعني مادة بولي بروبلين، أو بولي إثيلين...إلخ .
أما الأرقام من الخمسة فما فوق فيمكن إعادة استخدام العبوة البلاستيكية، وهي الأرقام الموجودة في العبوات الكبيرة ذات سعة 20 لتراً والتي تستخدم بكثرة في المنازل للشرب، حيث يتم غسلها بالماء والصابون وبعدها تستخدم مرة أخرى ، ويرجح العديد من الخبراء أن العبوات التي تحمل الرقم 7 أو 8 صحية ولا تحوي أي مواد مسرطنة بداخلها وبالإمكان استخدامها عدة مرات.