حسن منصور
تحاول جماعة الحوثي (أنصار الله) أن تتجمّل من خلال إجراءات شكلية من قبيل تسليم حراسة الجامعة لشركة أمنية خاصة (يديرونها هم)، أو مطالبة الدولة بتشكيل لجنة لاستلام مقر الفرقة وتحويلها إلى حديقة، أو الاستناد إلى "اتفاقية السلم والشراكة" في ممارسات مهينة لا علاقة لها بالسلم ولا بالشراكة، كما حدث في خطابهم المهين الذي حاولوا فيه فرض إملاءاتهم على محافظ الحديدة صخر الوجيه، قبل إقصائه بأسلوب غير قانوني!
مع مرور الأيام سيصبح المطلب الوحيد لمعظم الفعاليات السياسية والحقوقية هو سحب المليشيات المسلحة لجماعة الحوثي (اللجان الشعبية) من المدن، وهو مطلب وطني لا يمكن التأسيس لحياة سياسية مستقرة بدون تنفيذه.
الضغوط الشعبية والسياسية ستجبر جماعة الحوثي - غالباً- على تنفيذ هذا المطلب، خاصة بعد أن تطمئن الجماعة إلى أن الأجهزة الأمنية أصبحت تحت سيطرتها، أو على الأقل غير قادرة على تنفيذ أي إجراءات تتضرر منها الجماعة، حتى لو كانت إجراءات قانونية وسليمة.
في كل الأحوال.. تحتاج جماعة الحوثي إلى التذكير أن التطبيع الحقيقي لوضعها في الخارطة اليمنية لا يمكن أن يتم بمجرد تحويل أرضية معسكر قامت بنهبه إلى حديقة عامة، أو تغيير ملابس مجاميعهم المسلحة، أو حتى انسحاب تلك المجاميع من المؤسسات الحكومية والمحافظات. تلك مقدمات مهمة لكنها ليست كل شيء.
لدينا جماعة مسلحة أقدمت على نهب معسكرات الدولة، وأصبح بحوزتها ما يوازي -إن لم يكن أكثر- ما بقي لدى الدولة من السلاح، وبلغة الأرقام فإن تلك المنهوبات تقدر بمليارات الريالات، تم صرفها من الخزينة العامة للدولة (أموال الشعب) كميزانية لمشتريات الجيش وتسليحه.
ستبقى ملفات أخرى لا تقل خطورة عن "ملف المال العام" بالتأكيد، وأهمها الثارات والدماء التي تركها الحوثيون في مختلف المناطق والمحافظات التي مرت منها مجاميعهم، وهي قضايا شائكة يتحمل تبعاتها ونتائجها الحوثيون أنفسهم، وتصعب حلحلتها في الأمد القريب أو المتوسط إلا بمعجزة!
وللتذكير؛ فإن ما نهبه الحوثيون وسطوا عليه قبل 21 سبتمبر لا يقل عما استولوا عليه بعد هذا التاريخ، فميزانية محافظتي صعدة وعمران، ومليارات أسمنت عمران، وعشرات المؤسسات الإيرادية الحكومية التي يديرها الحوثي إدارة مباشرة بدون رقيب وبطرق غير قانونية، لا معنى لها سوى أنها حالات "سطو على المال العام".
اللافتة الثورية التي يرفعها الحوثي لا يمكن أن تصمد طويلاً لتبرير استمرار نهبه المال العام، وهي تركة ثقيلة لو استطاع الحوثي أن يرميها عن كاهله ويتخفف منها مبكراً كان ذلك أفضل له ولنا جميعا كيمنيين، هذا إذا افترضنا حسن النية لديه ولدى جماعته وأنهم يعترفون بالفعل أنها "أموال الشعب"، أما إن كان يعتقد بما قاله أحد أجداده من الأئمة: "إن الله سيؤاخذني على ما أبقيت لكم وليس على ما أخذت منكم" فالقصة هنا تصبح مختلفة، ومن هنا ينبغي أن يبدأ الحوار مع جماعة "أنصار الله": هل تعتقدون أن ما نهبتموه والاستيلاء عليه من معسكرات الدولة ومؤسساتها ومحافظتها المختلفة بالقوة، هو مال لكل الشعب اليمني أم أن الله - عز وجل- سيؤاخذكم على ما أبقيتم للشعب، وليس على ما نهبتموه منه!!