بعد تدخل وساطة قبلية ودخول الهُدنة حيّز التنفيذ قامت ميليشيات الحوثي بنهب وإتلاف كل ما وقعت عليه أعينهم في منزل الشيخ صادق.
نهب المسلحون اثنتي عشرة سيارة ومخزناً مليء بالأسلحة من حوش الشيخ صادق وثلاث جنابي تابعة لـ سام الأحمر.
بتوجيهات وزير الداخلية تم تسليم سام الأحمر لمدير أمن العاصمة "المؤيد" لكن مصادر تؤكد أن التحقيق معه تم حول أحداث الحصبة فقط من قبل عناصر حوثية.
21 سبتمبر تاريخ سيظل في ذاكرة اليمنيين، عنواناً لنكبة سقطت فيه دولة بكل مؤسساتها بأيدي ميليشيا مسلحة، انطلق فيه مسلحو جماعة الحوثي، بمساندة قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بشكل هستيري للانتقام من خصوم مشتركين .
النزعة الانتقامية لدى من يسمون أنفسهم "ثوار 21 سبتمبر" طالت العديد من الخصوم السياسيين، لكنها سلطت جل سهامها على ثوار 2011 وأنصارهم، فكان لآل الأحمر النصيب الأوفر من السطو والانتقام، فدمّرت منازلهم، ونهبت شركاتهم واستثماراتهم، بل وصل الأمر إلى ما هو أسوأ من ذلك، حُوصرت منازل نسائهم وأطفالهم .
" أحداث الحصبة" كانت العنوان الأبرز من بين كل تلك الاعتداءات، حيث نال مسلحو الحوثي من كرامة الشيخ صادق الأحمر واقتحموا منزله وقاموا بتسريب مقطع فيديو بهدف إحداث مزيدٍ من الإساءة، واعتقل ابن عمّه الشيخ سام الأحمر، واثنان من مسؤوليه الأمنيين، وهم عادل منصر الأحمر وحاتم الوادعي .
على إثر تلك الاعتداءات، اعتذر مندوب زعيم الحوثيين من الشيخ الأحمر بحضور العشرات من مشايخ اليمن، ليرد الأحمر التحكيم على الحوثي. وفي ظل تعدد الروايات عن أسباب تلك الاعتداءات والاعتقالات، قررنا النزول بغرض البحث في الخفايا والأسباب الحقيقة.
تحرش ومُضايقات
وبالعودة إلى بداية الأحداث التي سبقت اجتياح العاصمة صنعاء، فبعد أول طلقة أفزعت القاطنين في منطقة شملان شمال العاصمة، وانفجرت على إثرها اشتباكات عنيفة بين مسلحي جماعة الحوثي وقوات الجيش مسنودة بلجان شعبية كانت قد شُكِّلت بطلب رسمي كقوة مساندة للجيش في معركة الدّفاع عن صنعاء، حينها عقد الشيخ الأحمر اجتماعاً بمسؤوليه الأمنيين ومرافقيه وأفراد حراسته، وطلب منهم عدم التحرش بمسلحي الحوثي والابتعاد عن الاحتكاك بهم مهما حصل لهم من مضايقات .
لكن الاشتباكات على أطراف العاصمة صنعاء لم تدمْ كثيراً، فبعد أيام قررت اللجان الشعبية الانسحاب حين اشتمت رائحة خيانة من مؤسسات الدولة والجيش، فسقطت العاصمة صنعاء بأيديهم في الـ21 من سبتمبر الماضي، وسيطر الحوثيون على كل مؤسسات الدولة .
15 يوماً مرّت على سقوط العاصمة صنعاء، اقتحم الحوثيون عدداً من المنازل التابعة لآل الأحمر، إلا أنهم لم يقتربوا من منزل الشيخ عبدالله في حي الحصبة، لتبدأ بعد تلك الأيام المُضايقات، ودشن مسلحو الحوثي تصرفاتهم وتحرشهم بأفراد حراسة منزل الأحمر بالحصبة .
وبحسب أفراد من حراسة منزل الأحمر، فإن مسلحي الحوثي كانوا يمرون من أمام المنزل ويوقفون سياراتهم ويرددون شعار الصرخة، محاولين استفزاز الحراسة، لكنّهم لم يكونوا يردون عليهم بشيء، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ صادق ومسؤول مربّعهم الأمني الشيخ سام الأحمر .
وأشاروا إلى أن الحوثيين بدأوا بمطالبة أفراد الحراسة بإزالة الكُتل الخرسانية من أمام بوابة المنزل، واقتحموا عدداً من المنازل والمؤسسات المجاورة .
ليلة دامية
في 25 /11 /2014، وصل طقم عليه مجموعة من مسلحي جماعة الحوثي إلى نقطة عسكرية تابعة لآل الأحمر وتبعد عن المنزل حوالي 200 متر، وأبلغوهم بأن عليهم المغادرة والانسحاب من الموقع، وأمهلوهم 24 ساعة، تنفيذاً لتوجيهات المكتب السياسي للجماعة، فأبلغ أفراد الحراسة مسؤوليهم، فحاولوا التواصل بالمكتب السياسي ليتأكدوا من صحة تلك التوجيهات، لكن لم يصلهم أي رد .
مرت 24 ساعة دون أن يُغادر أفراد حراسة الأحمر موقعهم، فحضر مسلحو الحوثي وطلبوا من مسلحي الأحمر الارتفاع من الموقع في الحال إلا أنهم رفضوا، ليخرج من منزل الأحمر اثنان من قادتهم الأمنيين وهم عادل منصر وحاتم الوادعي، وحاولوا التفاوض مع الحوثيين وإيجاد حل، لكن دون جدوى .
وفي تمام الساعة الثانية عشرة من منتصف ليلة 27 / 11، وبعد أخذ ورد بين الطرفين، صعد أحد مسلحي الحوثي إلى طقم تابع لهم وقام بإطلاق الرصاص لإخافة مسلحي الأحمر، ومن تلك اللحظة انطلقت شرارة المواجهات التي حصدت قتيلاً من المارة يُدعى عبد الملك الحاشدي، وجرحى من الطرفين، وحاصر الحوثيون المنطقة بعشرات الأطقم .
مرّت ساعات من المواجهات كادت أن تشعل حي الحصبة نيراناً، اقتحم على إثرها مسلحو الحوثي منزلي الشيخ صادق الأحمر ومنزل سام وأحرقوا المنزل الأخير، بعد أن اختطفوا العشرات من أفراد الحراسة وجرح آخرين، فتدخلت وساطة قبلية ونزل الوسطاء إلى المكان لمحاولة تهدئة الموقف، إلا أن الحوثيين اشترطوا تسليم عادل منصر الأحمر ورفيقه حاتم الوادعي، فطلب الشيخ الأحمر مُهلة إلى ظهيرة اليوم الثاني، على أن يبقى الحوثيون داخل المنزل حتى يسلم عادل ورفيقه .
وفي ظهيرة الـ27 من ديسمبر تواجدت الوساطة القبلية وبرفقتها عدد من المسؤولين الأمنيين بينهم مدير أمن العاصمة صنعاء التابع لجماعة الحوثي (العميد عبدالرزاق المؤيد)، لاستلام عادل الأحمر وحاتم الوادعي، إلا أن حاتم الوادعي لم يكن متواجداً، ليسلم حاكم الأحمر نفسه حتى يتم إحضار حاتم الوادعي .
ودون سابق إنذار أو مُبرر خرج الحوثيون بشرط جديد، وطالبوا بتسليم الشيخ سام الأحمر، إضافة إلى سابقيه، وفي اللحظة ذاتها اتصل وزير الداخلية اللواء جلال الرويشان بالشيخ الأحمر وطلب منه تسليم سام، وقال له بالحرف الواحد "سام في وجهي وفي وجه الدولة ولن يُمسّ بسُوء"، فسلّم سام نفسه إلى الأمن واستلمه شخصياً مدير أمن العاصمة صنعاء .
ورغم تنفيذ الأحمر اشتراطات الحوثييين إلا أنهم لم يغادروا منزل سام الأحمر وظلوا متمترسين فيه ومازالوا حتى اللحظة، ليؤكد أحد المسؤولين عن تأمين منزل الشيخ الأحمر أنه وبعد أسبوع تم الإفراج على كل أفراد الحراسة، ولم يظل رهن الاحتجاز سوى الشيخ سام الأحمر وعادل منصر وحاتم الوادعي .
المنهوبات من قصر الأحمر
مصادر مقرّبة من الشيخ الأحمر أكدت أن مسلحي الحوثي خلال فترة الهدنة التي فرضتها لجنة الوساطة لم يلتزموا بالهدنة وقاموا بالتجول في منزل صادق الأحمر ودشنوا حملة نهب واسعة بعد أن دمّروا قطع أثاث وحطموا ابواب المنزل ونوافذه .
المصادر ذاتها قالت إن مسلحي الحوثي قاموا بنهب مخزن ممتلئ بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، كما قاموا بنهب 12 سيارة موزّعة بين "صوالين، تاكسي، هايلوكس، دينة، شاصات"، مشيراً إلى أنهم نهبوا كل أسلحة أفراد الحراسة الذين قاموا باختطافهم .
وأوضحت المصادر أن الحوثيين قاموا بنهب منزل الشيخ حاشد الأحمر بكل ما فيه حتى الملابس والأحذية، مشيرةً إلى أن مكتب هاشم الأحمر نُهب بكل أثاثه وأجهزته وأبوابه ونوافذه. وأكدت أن الحوثيين نهبوا 3 جنابي خاصة بالشيخ سام، نافيين أنباء تحدثت عن نهب جنبية الشيخ صادق الأحمر .
سام الأحمر في المعتقل
قسم الجديري التابع إدارياً لمُديرية معين كان الوجهة الأولى للشيخ سام الأحمر ورفقائه، وتم الإبقاء عليهم هناك لأكثر من أسبوعين وتم التحقيق معهم فقط في أحداث الحصبة .
الشيخ يحيى مجاهد أبو شوارب زار سام الأحمر إلى مُعتقله، وأكد في حديث لأقارب سام أنه في خير، وأن وضعه الصحي مستقر، وأن مسلحي الحوثي يتعاملون معه بكل احترام ومودة، مشيراً إلى أن من يقوم بالتحقيق معه هم حوثيون وليسوا من جهات أمنية، كما وعد وزير الداخلية جلال الرويشان .
وقال أبو شوارب إن سام الأحمر أكد له أن الحوثيين لم يحققوا معه في قضية أخرى سوى ما حدث ليلة اقتحام منازلهم في الحصبة، نافياً ما نشرته وسائل إعلام تابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح من أنباء تفيد بأن سام اعترف بعددٍ من قضايا الاغتيالات في صنعاء، وأنه استغرب عندما وصلته صحيفة "اليمن اليوم".
أقارب سام أكدوا أن الحوثيين بعد ذلك منعوهم من زيارته، فقدموا شكوى إلى "حقوق الإنسان" ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، لكن دون جدوى