تفرز الأزمة اليمنية يوما بعد يوم الكثير من المواقف المتوزعة بين العاصمة صنعاء حيث يهيمن الحوثيون على مرافق الدولة مرورا بالأطراف وصولا لعدن جنوبا. وهناك تتوعد قبائل الصبيحة التي ينتمي إليها وزير الدفاع جماعة الحوثيين إذا مسته بمكروه.
ياسر حسن-عدن
على الرغم من الاستنكار الواسع للحصار الذي تفرضه جماعة الحوثيين على مسؤولي الدولة في اليمن منذ تقديم الرئيس عبد ربه منصور هادي استقالته، فإن قبائل الصبيحة التي ينتمي لها وزير الدفاع محمود الصبيحي تتصدر المشهد كأبرز المستنكرين للحصار.
وحذرت تلك القبائل الحوثيين من مغبة المساس بالوزير مطالبة بفك الحصار عنه وبقية المسؤولين، ولم تكتف بذلك بل احتجزت ناقلات نفط قالت إنها كانت في طريقها للحوثيين بالحديدة، وقطعت الطريق العام الرابط بين العاصمة صنعاء ومدينة عدن، لكن الوزير الصبيحي -وفق محمد أحمد هواش أحد أبرز مشايخ الصبيحة- تواصل مع القبائل لفتحها معتبراً ذلك "عملاً غير لائق".
هواش: إذا حدث مكروه للوزير الصبيحي فلن نقف مكتوفي الأيدي (الجزيرة)
تحذيرات
وقال هواش للجزيرة نت "في حال حدث مكروه للوزير الصبيحي أو أي شخصية جنوبية في صنعاء فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي، بل سيتوحد حينها الموقف الرافض لتصرفات الحوثيين في جميع المناطق الجنوبية".
وبشأن القدرة على مواجهة الحوثيين، قال هواش "لا ننكر أن ما يملكه الحوثيون من ترسانة عسكرية كبيرة، بالإضافة إلى الصمت الدولي والإقليمي على ما يقومون به، إلا أننا نملك خيارات عدة بإمكانها ليس فقط هز ترسانتهم العسكرية فحسب، بل تتعداه إلى زعزعة الأمن الإقليمي والدولي".
من جانبه، استنكر عضو مجلس شورى تحالف قبائل اليمن، الشيخ سالم الخضر الصبيحي، حصار الحوثيين لقادة الدولة واعتبره أمرا "مخالفا للأخلاق والأعراف القبلية والعامة" مضيفا أن الحوثيين "لن يجرؤوا على المساس بالوزير الصبيحي".
واعتبر الخضر سقوط الدولة في صنعاء "متنفسا قانونيا يشرعن للجنوبيين استعادة دولتهم" كونهم لن يستطيعوا التعايش مع تلك المليشيات التي تمسك بزمام الأمور في صنعاء حالياً.
منصور: قبائل الصبيحة لديها كثير من وسائل إضعاف الحوثيين (الجزيرة)
حسابات
أما المسؤول الإعلامي للمجلس القبلي لأبناء الصبيحة أنيس منصور فقال إن الحوثيين يهدفون من فرض الحصار على وزير الدفاع إلى "تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية بغطاء شرعي دستوري، والضغط على الوزير الصبيحي ليكون تابعاً لهم، حتى يتسنى لهم استخدام الجيش في حرب مأرب وبقية المناطق التي لم تخضع لسيطرتهم".
وأضاف أن الحوثيين "يدركون شعبية اللواء الصبيحي وشجاعته وثقله العسكري والسياسي، وتصديه لمشروع توسعهم في محافظة تعز وباب المندب، فكان لابد من الانتقام منه بطريقة الحصار كي يرضخ وينصاع لما يريدون، كتجنيد الآلاف من عناصرهم في الجيش، وترشيح بعضهم لمناصب هامة".
وتابع منصور أن الصبيحي يدرك خطورة التوسع الحوثي على الدولة والنظام الجمهوري والنسيج المجتمعي، وأن هيمنتهم على وزارة الدفاع سيكون لها تأثير كبير على استقرار المنطقة وخاصة دول الخليج.
وأكد أن قبائل الصبيحة "لديها كثير من وسائل إضعاف الحوثيين، مثل وقف مدهم بالمشتقات النفطية من مصافي عدن، كما أن مناطقهم تمتد على رقعة جغرافية واسعة ومهمة في البلاد، ما سيمكنهم من استخدام كثير من وسائل الضغط في حال مس القيادات الجنوبية أي مكروه من قبل الحوثيين".
"نبيل البكيري:تحذير قبائل الصبيحة للحوثيين يعد جزءاً من المشهد الحالي للبلاد، فانهيار منظومة الدولة والولاء الوطني للجيش يجعل الناس يتحولون إلى الولاءات القبلية والمناطقية"
تعقيدات
لكن رئيس "المنتدى العربي للدراسات" نبيل البكيري يرى أن تحذير قبائل الصبيحة للحوثيين "يعد جزءاً من المشهد الحالي للبلاد، فانهيار منظومة الدولة والولاء الوطني للجيش يجعل الناس يتحولون إلى الولاءات القبلية والمناطقية".
وقال إن الحوثيين أصبحوا اليوم "قوة على الأرض، وأصبحت لهم خصومات مع كل الأطراف والقبائل اليمنية، مما سيولد المزيد من المشكلات".
وتابع "انتهاك الحوثيين للحريات سيؤدي إلى اصطاف وطني يجمع كل المختلفين معهم، وسيترتب عليه إضعافهم وتقوية شوكة المعارضين لهم".
وبشأن قدرة الصبيحة على مواجهة الحوثيين، قال البكيري إنها "من أشرس قبائل اليمن، وتتربع على مساحة جغرافية كبيرة ومهمة بالقرب من الخطوط العامة والمنافذ البحرية، لذلك فإنها قادرة على الرد بقوة في حال حصل للوزير مكروه من قبل الحوثيين".
المصدر : الجزيرة