كيف تصف المشهد اليمني وما فيه من متغيرات وأزمات في الوقت الحالي؟ - المشهد اليمني في هذه اللحظة المفصلية من التاريخ يشهد حالة انحدار مهولة، ويسيطر عليه منطق أنه لا صوت يعلو على صوت الرصاص، والتحاور بين المكونات السياسية برعاية الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن جمال بن عمر هو تحاور شكلي لا قيمة له، لأسباب أهمها أن الشواهد السابقة تقول بوضوح أنه لم يحدث مطلقاً أن التزم "الحوثيون" بأي اتفاق سابق، بل ينكثون بكل وعد، ويختلقون لأنفسهم الأعذار، وعلى المجتمع الدولي أن يغض الطرف، لأنه من ألقى بإشارة الضوء الأخضر إليهم، والسبب الآخر أي حوار هذا الذي سيكون متكافئاً والجميع يتحاور وفوق رؤوسهم زناد القوة الحوثية. > برأيك من يتحمّل مسؤولية انقلاب الحوثيين؟ - لا أستطيع أن أخفي تحمّل النخبة السياسية اليمنية لجزء كبير من المسؤولية، فهي نخبة رخوة لم تستلهم التاريخ، ولم تستشعر خطورة اللحظة الراهنة، ولا استشفت المستقبل. > أين أخطأت الأحزاب السياسية وأين أصابت؟ - أصابت حين اجتمعت على كلمة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ونتائجه لو تحقق منها 50% فقط، لتحوّلت اليمن إلى دولة قوية. وأصابت أيضاً عند جر الحوثيين إلى ميدان السياسة، لكنهم تنمّروا وتعنتروا لأنهم يدركون أن من خلفهم أمريكا والغرب داعمين وساندين، وأحياناً يمارسون الضغط على الآخرين مقابل تحقيق نجاحات وقفزات كبيرة للحوثيين. وأخطأت الأحزاب حين لم تمنح شباب الثورة دورهم الحقيقي، بل ظلت تمارس التضليل والكذب والعنصرية والحزبية. وكان خطؤها الأعظم حين قبلت بتقسيم الثورة مناصفة بين الضحية والجلاد، منطق الثورات لا يقبل القسمة على اثنين، إما أن تنجح الثورة مثلما حصل في مصر 1952 وفي إيران 1979 أو تفشل كما حدث في كوريا الشمالية 1955، ومنطق التاريخ يقول إن الثورات الناجحة التي تقضي على الأنظمة الفاسدة لها نتيجتان إما أن يكون رموز النظام السابق في السجون أو في المنافي، أما أن يتشاركوا مع الثورة بنصف مقاعد الحكومة فهذه مهزلة، ولو أن قادة الأحزاب السياسية التقطوا الفرص التاريخية التي منحها القدر لشباب الثورة وتركوهم يزحفون إلى القصر لكانت الكلفة أقل مما هي عليه الآن، هناك فرصة أهدرت في جمعة الكرامة 18 مارس، وفرصة يوم انضمام اللواء علي محسن للثورة في 21مارس، وفرصة يوم تفجير جامع النهدين وإصابة صالح ورجال نظامه في 3 يونيو، وكلها في عام الثورة 2011، وكان الساسة يقولون لشباب الثورة الدماء غالية علينا، ولا نستطيع دفع كلفتها. أما خطأ المؤتمر الشعبي العام "حزب صالح" في هذه اللحظة فهو التحاف مع الميليشيات الحوثية المسلحة من أجل الانتقام من خصوم صالح في الإصلاح وآل الأحمر واللواء علي محسن، وتفكيك سلطة هادي، مع ضرورة الإشارة إلى أن هادي لم يبن نظامه الخاص طوال فترة حكمه، وظل مستنداً على رجال نظام صالح. > ما هي أبرز المشكلات التي تحول دون تحقيق تسوية سياسية في اليمن؟ - المشكلة الآن هي فرض خيارات السياسة بقوة السلاح، والتعويل على الخارج خاصة الغربي منه، هناك مؤامرة كبيرة تحدث الآن، تتجلى في الداخل اليمني، الغرب قلق من تنامي نشاط تنظيم القاعدة في اليمن، والحوثي قدّم نفسه للغرب بدور المقاول الذي سيقضي على القاعدة والتيار الإسلامي المعتدل "حزب الإصلاح" بمقابل تمكينه من الحكم، ولعل أهم أسباب القبول الغربي بالحوثيين واعتبارهم أداة للمشروع الأمريكي الإيراني في المنطقة هو أن سلاح الشيعة موجه نحو الداخل السني، وليس نحو الغرب. لذلك يتابع المراقب السياسي أن إملاءات الطرف الذي يملك السلاح، وهم الحوثيون، يقدّمون إملاءات اعتباطية تتنافى مع القانون والدستور، وحتى مع طبيعة النظام الجمهوري، وتقوض بنية الدولة اليمنية، ومع ذلك لا أحد من رعاة المبادرة الخليجية، وأقصد السفارات الأجنبية، لا أحد منهم يعترض على شيء، وهذا هو صلب المشكلة وجذرها، وهو التغاضي الغربي عما يفعله الحوثيون بل وأحياناً كثيرةً يوفّرون لهم الغطاء السياسي. > إلى أي مدى تشكّل عملية سيطرة الحوثيين على السلطة خطراً على بقاء الوحدة؟ - لا شك أن السلوك الحوثي وسيطرته على مفاصل الدولة وعلى رأس هرم الدولة شكل حالة حنق واستفزاز لدى قادة الحراك الجنوبي، وشعر الجنوبيين بالغبن، لوجود مشروع طائفي ابتلع الدولة والوحدة، ميع القضية الجنوبية، وأعاد تكرار فكرة "الوحدة عمدت بالدم". القضية الجنوبية قضية حقيقية وعادلة، ويجب أن تأخذ حقها الطبيعي في المعالجات السياسية، ويجب الاعتذار للجنوب وإعادة الاعتبار له، والتعامل مع الجنوبيين باعتبارهم شركاء وليسوا موظفين وأجراء، لكن السؤال المهم، من هو الذي سيمثل الرافعة السياسية للقضية الجنوبية، خاصة بعد حرق القيمة السياسية للحزب الاشتراكي وتماهيه مع المشروع الحوثي الانقلابي. > هل ترى أنه يجب التعويل على الشعب اليمني بدلاً من النخب السياسية؟ - الشعب اليمني في حالة يقظة تامة، ولكنه مجروح في كبريائه. الشعب واعٍ تماماً ويدرك خطورة ما تفعله الحركة الحوثية، ويرصد ويتابع كل صغيرة وكبيرة، ومن حُسن الحظ أن الحوثيين يفعلون ما يفعلون والشعب لا تزال ذاكرته طريّة وهمته متعالية القيمة، فهو خرج بالأمس من ثورة فبراير، ولا يزال في حالة ثوران، ومن الصعب تهدئته أو المساومة على حريّة رغم البطش الشديد الذي تبديه الجماعة الحوثية، ورغم سكوت جميع السفارات الغربية عن حقوق الإنسان المنتهكة في اليمن. أما ذاكرة الشعب اليمني عن تاريخ الأئمة وحكمهم فهي ممتلئة بالسواد، وفيها ما يكفي لشحنه بالحريّة والمقاومة. > ما تصورك لطبيعة المرحلة القادمة؟ - المرحلة القادمة فيها الكثير من المجهول، وفيها الكثير من الخوف على مستقبل الحريات في البلد، وعلى مستقبل النظام الجمهوري، خاصة أن الإعلان الحوثي الانقلابي عمل على استنساخ تجربة النظام الإيراني. إذا ما فرض الحوثيون قناعاتهم ورغباتهم بالقوة المسلحة فإن لا أحد سيستسلم، وربما تنفجر البلاد. > كيف تفسّر حالة القمع التي تمارسها الجماعة الحوثية بحق السياسيين والناشطين والإعلاميين، وإلى ماذا تهدف؟ - السؤال الطبيعي هو: كيف تفسّرين السكوت الأمريكي والصمت المريب من جميع رعاة النظام العالمي الجدي ورعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان؟. إذا استحضرنا التاريخ سنجد أن الثورة الإيرانية حين قامت في فبراير 1979 عملت ما تعمله الحركة الحوثية اليوم، وأعني استخدام نظرية "الصدمة والرعب" وهي معنية بقمع المظاهرات والحريّات والمعارضات السياسية بقوة وعنف ووحشية حتى يجثو الشعب على ركبتيه، الخميني أعدم 300 شخص من حزب "توده" حزب الجماهير وهو من أقوى وأصدق الأحزاب اليسارية في بلاد الشرق، حتى جثى الحزب ودمّر. لكن أطمئنوا فالشعب قد صحى ولن يحكم اليمن أحد بغير الشراكة الوطنية والحوار الوطني. > كيف تقرأ توسّع وانتشار الجماعات المتطرفة في اليمن؟ - العنف لا يقابله إلا عنف، وهنا سنتحدث عن نظرية الفعل ورد الفعل، ونتيجة وجود 500 شخص فقط من تنظيم القاعدة في اليمن فإن على أمريكا أن تضحي بكل اليمن في سبيل الخلاص منهم، لا أستطيع القول أكثر مما قاله الدكتور عبد الكريم الإرياني مستشار رئيس الجمهورية المستقيل، بأن التمدّد الحوثي زاد من تنظيم القاعدة، ولم ينقصه، فالناس أصبحوا يتعاطفون مع هذا التنظيم بصفته المقاوم الوحيد للمشروع الحوثي الصفوي، خاصة بعد رفض حزب الإصلاح الانجرار وراء الحرب، فهو حسب قوله حزب سياسي لديه مشروع مدني " /> كيف تصف المشهد اليمني وما فيه من متغيرات وأزمات في الوقت الحالي؟ - المشهد اليمني في هذه اللحظة المفصلية من التاريخ يشهد حالة انحدار مهولة، ويسيطر عليه منطق أنه لا صوت يعلو على صوت الرصاص، والتحاور بين المكونات السياسية برعاية الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن جمال بن عمر هو تحاور شكلي لا قيمة له، لأسباب أهمها أن الشواهد السابقة تقول بوضوح أنه لم يحدث مطلقاً أن التزم "الحوثيون" بأي اتفاق سابق، بل ينكثون بكل وعد، ويختلقون لأنفسهم الأعذار، وعلى المجتمع الدولي أن يغض الطرف، لأنه من ألقى بإشارة الضوء الأخضر إليهم، والسبب الآخر أي حوار هذا الذي سيكون متكافئاً والجميع يتحاور وفوق رؤوسهم زناد القوة الحوثية. > برأيك من يتحمّل مسؤولية انقلاب الحوثيين؟ - لا أستطيع أن أخفي تحمّل النخبة السياسية اليمنية لجزء كبير من المسؤولية، فهي نخبة رخوة لم تستلهم التاريخ، ولم تستشعر خطورة اللحظة الراهنة، ولا استشفت المستقبل. > أين أخطأت الأحزاب السياسية وأين أصابت؟ - أصابت حين اجتمعت على كلمة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ونتائجه لو تحقق منها 50% فقط، لتحوّلت اليمن إلى دولة قوية. وأصابت أيضاً عند جر الحوثيين إلى ميدان السياسة، لكنهم تنمّروا وتعنتروا لأنهم يدركون أن من خلفهم أمريكا والغرب داعمين وساندين، وأحياناً يمارسون الضغط على الآخرين مقابل تحقيق نجاحات وقفزات كبيرة للحوثيين. وأخطأت الأحزاب حين لم تمنح شباب الثورة دورهم الحقيقي، بل ظلت تمارس التضليل والكذب والعنصرية والحزبية. وكان خطؤها الأعظم حين قبلت بتقسيم الثورة مناصفة بين الضحية والجلاد، منطق الثورات لا يقبل القسمة على اثنين، إما أن تنجح الثورة مثلما حصل في مصر 1952 وفي إيران 1979 أو تفشل كما حدث في كوريا الشمالية 1955، ومنطق التاريخ يقول إن الثورات الناجحة التي تقضي على الأنظمة الفاسدة لها نتيجتان إما أن يكون رموز النظام السابق في السجون أو في المنافي، أما أن يتشاركوا مع الثورة بنصف مقاعد الحكومة فهذه مهزلة، ولو أن قادة الأحزاب السياسية التقطوا الفرص التاريخية التي منحها القدر لشباب الثورة وتركوهم يزحفون إلى القصر لكانت الكلفة أقل مما هي عليه الآن، هناك فرصة أهدرت في جمعة الكرامة 18 مارس، وفرصة يوم انضمام اللواء علي محسن للثورة في 21مارس، وفرصة يوم تفجير جامع النهدين وإصابة صالح ورجال نظامه في 3 يونيو، وكلها في عام الثورة 2011، وكان الساسة يقولون لشباب الثورة الدماء غالية علينا، ولا نستطيع دفع كلفتها. أما خطأ المؤتمر الشعبي العام "حزب صالح" في هذه اللحظة فهو التحاف مع الميليشيات الحوثية المسلحة من أجل الانتقام من خصوم صالح في الإصلاح وآل الأحمر واللواء علي محسن، وتفكيك سلطة هادي، مع ضرورة الإشارة إلى أن هادي لم يبن نظامه الخاص طوال فترة حكمه، وظل مستنداً على رجال نظام صالح. > ما هي أبرز المشكلات التي تحول دون تحقيق تسوية سياسية في اليمن؟ - المشكلة الآن هي فرض خيارات السياسة بقوة السلاح، والتعويل على الخارج خاصة الغربي منه، هناك مؤامرة كبيرة تحدث الآن، تتجلى في الداخل اليمني، الغرب قلق من تنامي نشاط تنظيم القاعدة في اليمن، والحوثي قدّم نفسه للغرب بدور المقاول الذي سيقضي على القاعدة والتيار الإسلامي المعتدل "حزب الإصلاح" بمقابل تمكينه من الحكم، ولعل أهم أسباب القبول الغربي بالحوثيين واعتبارهم أداة للمشروع الأمريكي الإيراني في المنطقة هو أن سلاح الشيعة موجه نحو الداخل السني، وليس نحو الغرب. لذلك يتابع المراقب السياسي أن إملاءات الطرف الذي يملك السلاح، وهم الحوثيون، يقدّمون إملاءات اعتباطية تتنافى مع القانون والدستور، وحتى مع طبيعة النظام الجمهوري، وتقوض بنية الدولة اليمنية، ومع ذلك لا أحد من رعاة المبادرة الخليجية، وأقصد السفارات الأجنبية، لا أحد منهم يعترض على شيء، وهذا هو صلب المشكلة وجذرها، وهو التغاضي الغربي عما يفعله الحوثيون بل وأحياناً كثيرةً يوفّرون لهم الغطاء السياسي. > إلى أي مدى تشكّل عملية سيطرة الحوثيين على السلطة خطراً على بقاء الوحدة؟ - لا شك أن السلوك الحوثي وسيطرته على مفاصل الدولة وعلى رأس هرم الدولة شكل حالة حنق واستفزاز لدى قادة الحراك الجنوبي، وشعر الجنوبيين بالغبن، لوجود مشروع طائفي ابتلع الدولة والوحدة، ميع القضية الجنوبية، وأعاد تكرار فكرة "الوحدة عمدت بالدم". القضية الجنوبية قضية حقيقية وعادلة، ويجب أن تأخذ حقها الطبيعي في المعالجات السياسية، ويجب الاعتذار للجنوب وإعادة الاعتبار له، والتعامل مع الجنوبيين باعتبارهم شركاء وليسوا موظفين وأجراء، لكن السؤال المهم، من هو الذي سيمثل الرافعة السياسية للقضية الجنوبية، خاصة بعد حرق القيمة السياسية للحزب الاشتراكي وتماهيه مع المشروع الحوثي الانقلابي. > هل ترى أنه يجب التعويل على الشعب اليمني بدلاً من النخب السياسية؟ - الشعب اليمني في حالة يقظة تامة، ولكنه مجروح في كبريائه. الشعب واعٍ تماماً ويدرك خطورة ما تفعله الحركة الحوثية، ويرصد ويتابع كل صغيرة وكبيرة، ومن حُسن الحظ أن الحوثيين يفعلون ما يفعلون والشعب لا تزال ذاكرته طريّة وهمته متعالية القيمة، فهو خرج بالأمس من ثورة فبراير، ولا يزال في حالة ثوران، ومن الصعب تهدئته أو المساومة على حريّة رغم البطش الشديد الذي تبديه الجماعة الحوثية، ورغم سكوت جميع السفارات الغربية عن حقوق الإنسان المنتهكة في اليمن. أما ذاكرة الشعب اليمني عن تاريخ الأئمة وحكمهم فهي ممتلئة بالسواد، وفيها ما يكفي لشحنه بالحريّة والمقاومة. > ما تصورك لطبيعة المرحلة القادمة؟ - المرحلة القادمة فيها الكثير من المجهول، وفيها الكثير من الخوف على مستقبل الحريات في البلد، وعلى مستقبل النظام الجمهوري، خاصة أن الإعلان الحوثي الانقلابي عمل على استنساخ تجربة النظام الإيراني. إذا ما فرض الحوثيون قناعاتهم ورغباتهم بالقوة المسلحة فإن لا أحد سيستسلم، وربما تنفجر البلاد. > كيف تفسّر حالة القمع التي تمارسها الجماعة الحوثية بحق السياسيين والناشطين والإعلاميين، وإلى ماذا تهدف؟ - السؤال الطبيعي هو: كيف تفسّرين السكوت الأمريكي والصمت المريب من جميع رعاة النظام العالمي الجدي ورعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان؟. إذا استحضرنا التاريخ سنجد أن الثورة الإيرانية حين قامت في فبراير 1979 عملت ما تعمله الحركة الحوثية اليوم، وأعني استخدام نظرية "الصدمة والرعب" وهي معنية بقمع المظاهرات والحريّات والمعارضات السياسية بقوة وعنف ووحشية حتى يجثو الشعب على ركبتيه، الخميني أعدم 300 شخص من حزب "توده" حزب الجماهير وهو من أقوى وأصدق الأحزاب اليسارية في بلاد الشرق، حتى جثى الحزب ودمّر. لكن أطمئنوا فالشعب قد صحى ولن يحكم اليمن أحد بغير الشراكة الوطنية والحوار الوطني. > كيف تقرأ توسّع وانتشار الجماعات المتطرفة في اليمن؟ - العنف لا يقابله إلا عنف، وهنا سنتحدث عن نظرية الفعل ورد الفعل، ونتيجة وجود 500 شخص فقط من تنظيم القاعدة في اليمن فإن على أمريكا أن تضحي بكل اليمن في سبيل الخلاص منهم، لا أستطيع القول أكثر مما قاله الدكتور عبد الكريم الإرياني مستشار رئيس الجمهورية المستقيل، بأن التمدّد الحوثي زاد من تنظيم القاعدة، ولم ينقصه، فالناس أصبحوا يتعاطفون مع هذا التنظيم بصفته المقاوم الوحيد للمشروع الحوثي الصفوي، خاصة بعد رفض حزب الإصلاح الانجرار وراء الحرب، فهو حسب قوله حزب سياسي لديه مشروع مدني " />
الرئيسية - تقارير - كيف استنسخ الحوثي تجربة النظام الإيراني ؟ صحيفة قطرية تنشر تسـأولات واقعية

كيف استنسخ الحوثي تجربة النظام الإيراني ؟ صحيفة قطرية تنشر تسـأولات واقعية

الساعة 09:54 مساءً (هنا عدن - صنعاء - الراية - رويدا السقاف:)

 

الإعلان الحوثي الانقلابي يستنسخ تجربة النظام الإيراني



 

أكد الصحفي والمحلل السياسي اليمني "عارف أبو حاتم" أنه لا صوت اليوم في اليمن يعلو على صوت الجماعة الحوثية إلا صوت الرصاص.

وقال في حوار مع  الراية  أن الجميع يتحاورن وفوق رؤوسهم زناد الحوثيين مشددًا على أن الإعلان الحوثي الانقلابي يستنسخ تجربة النظام الإيراني.

وأضاف: إنه إذا فرض الحوثيون قناعاتهم بالقوة المسلحة فلن يستسلم أحد لهم والبلاد ستتجه للانفجار مؤكدًا أنه لن يحكم اليمن أحد بغير الشراكة الوطنية والحوار.

وأشار إلى أن التمدّد الحوثي زاد من تعاطف الناس مع "القاعدة" وأن حزب "الإصلاح" رفض الانجرار وراء الحرب لأنه حزب سياسي لديه مشروع مدني وليس عسكري.

وإلى التفاصيل..

> كيف تصف المشهد اليمني وما فيه من متغيرات وأزمات في الوقت الحالي؟

- المشهد اليمني في هذه اللحظة المفصلية من التاريخ يشهد حالة انحدار مهولة، ويسيطر عليه منطق أنه لا صوت يعلو على صوت الرصاص، والتحاور بين المكونات السياسية برعاية الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن جمال بن عمر هو تحاور شكلي لا قيمة له، لأسباب أهمها أن الشواهد السابقة تقول بوضوح أنه لم يحدث مطلقاً أن التزم "الحوثيون" بأي اتفاق سابق، بل ينكثون بكل وعد، ويختلقون لأنفسهم الأعذار، وعلى المجتمع الدولي أن يغض الطرف، لأنه من ألقى بإشارة الضوء الأخضر إليهم، والسبب الآخر أي حوار هذا الذي سيكون متكافئاً والجميع يتحاور وفوق رؤوسهم زناد القوة الحوثية.

 

 

> برأيك من يتحمّل مسؤولية انقلاب الحوثيين؟

- لا أستطيع أن أخفي تحمّل النخبة السياسية اليمنية لجزء كبير من المسؤولية، فهي نخبة رخوة لم تستلهم التاريخ، ولم تستشعر خطورة اللحظة الراهنة، ولا استشفت المستقبل.

 

> أين أخطأت الأحزاب السياسية وأين أصابت؟

- أصابت حين اجتمعت على كلمة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ونتائجه لو تحقق منها 50% فقط، لتحوّلت اليمن إلى دولة قوية.

وأصابت أيضاً عند جر الحوثيين إلى ميدان السياسة، لكنهم تنمّروا وتعنتروا لأنهم يدركون أن من خلفهم أمريكا والغرب داعمين وساندين، وأحياناً يمارسون الضغط على الآخرين مقابل تحقيق نجاحات وقفزات كبيرة للحوثيين.

وأخطأت الأحزاب حين لم تمنح شباب الثورة دورهم الحقيقي، بل ظلت تمارس التضليل والكذب والعنصرية والحزبية.

وكان خطؤها الأعظم حين قبلت بتقسيم الثورة مناصفة بين الضحية والجلاد، منطق الثورات لا يقبل القسمة على اثنين، إما أن تنجح الثورة مثلما حصل في مصر 1952 وفي إيران 1979 أو تفشل كما حدث في كوريا الشمالية 1955، ومنطق التاريخ يقول إن الثورات الناجحة التي تقضي على الأنظمة الفاسدة لها نتيجتان إما أن يكون رموز النظام السابق في السجون أو في المنافي، أما أن يتشاركوا مع الثورة بنصف مقاعد الحكومة فهذه مهزلة، ولو أن قادة الأحزاب السياسية التقطوا الفرص التاريخية التي منحها القدر لشباب الثورة وتركوهم يزحفون إلى القصر لكانت الكلفة أقل مما هي عليه الآن، هناك فرصة أهدرت في جمعة الكرامة 18 مارس، وفرصة يوم انضمام اللواء علي محسن للثورة في 21مارس، وفرصة يوم تفجير جامع النهدين وإصابة صالح ورجال نظامه في 3 يونيو، وكلها في عام الثورة 2011، وكان الساسة يقولون لشباب الثورة الدماء غالية علينا، ولا نستطيع دفع كلفتها.

أما خطأ المؤتمر الشعبي العام "حزب صالح" في هذه اللحظة فهو التحاف مع الميليشيات الحوثية المسلحة من أجل الانتقام من خصوم صالح في الإصلاح وآل الأحمر واللواء علي محسن، وتفكيك سلطة هادي، مع ضرورة الإشارة إلى أن هادي لم يبن نظامه الخاص طوال فترة حكمه، وظل مستنداً على رجال نظام صالح.

 

> ما هي أبرز المشكلات التي تحول دون تحقيق تسوية سياسية في اليمن؟

- المشكلة الآن هي فرض خيارات السياسة بقوة السلاح، والتعويل على الخارج خاصة الغربي منه، هناك مؤامرة كبيرة تحدث الآن، تتجلى في الداخل اليمني، الغرب قلق من تنامي نشاط تنظيم القاعدة في اليمن، والحوثي قدّم نفسه للغرب بدور المقاول الذي سيقضي على القاعدة والتيار الإسلامي المعتدل "حزب الإصلاح" بمقابل تمكينه من الحكم، ولعل أهم أسباب القبول الغربي بالحوثيين واعتبارهم أداة للمشروع الأمريكي الإيراني في المنطقة هو أن سلاح الشيعة موجه نحو الداخل السني، وليس نحو الغرب.

لذلك يتابع المراقب السياسي أن إملاءات الطرف الذي يملك السلاح، وهم الحوثيون، يقدّمون إملاءات اعتباطية تتنافى مع القانون والدستور، وحتى مع طبيعة النظام الجمهوري، وتقوض بنية الدولة اليمنية، ومع ذلك لا أحد من رعاة المبادرة الخليجية، وأقصد السفارات الأجنبية، لا أحد منهم يعترض على شيء، وهذا هو صلب المشكلة وجذرها، وهو التغاضي الغربي عما يفعله الحوثيون بل وأحياناً كثيرةً يوفّرون لهم الغطاء السياسي.

 

> إلى أي مدى تشكّل عملية سيطرة الحوثيين على السلطة خطراً على بقاء الوحدة؟

- لا شك أن السلوك الحوثي وسيطرته على مفاصل الدولة وعلى رأس هرم الدولة شكل حالة حنق واستفزاز لدى قادة الحراك الجنوبي، وشعر الجنوبيين بالغبن، لوجود مشروع طائفي ابتلع الدولة والوحدة، ميع القضية الجنوبية، وأعاد تكرار فكرة "الوحدة عمدت بالدم".

القضية الجنوبية قضية حقيقية وعادلة، ويجب أن تأخذ حقها الطبيعي في المعالجات السياسية، ويجب الاعتذار للجنوب وإعادة الاعتبار له، والتعامل مع الجنوبيين باعتبارهم شركاء وليسوا موظفين وأجراء، لكن السؤال المهم، من هو الذي سيمثل الرافعة السياسية للقضية الجنوبية، خاصة بعد حرق القيمة السياسية للحزب الاشتراكي وتماهيه مع المشروع الحوثي الانقلابي.

 

> هل ترى أنه يجب التعويل على الشعب اليمني بدلاً من النخب السياسية؟

- الشعب اليمني في حالة يقظة تامة، ولكنه مجروح في كبريائه.

الشعب واعٍ تماماً ويدرك خطورة ما تفعله الحركة الحوثية، ويرصد ويتابع كل صغيرة وكبيرة، ومن حُسن الحظ أن الحوثيين يفعلون ما يفعلون والشعب لا تزال ذاكرته طريّة وهمته متعالية القيمة، فهو خرج بالأمس من ثورة فبراير، ولا يزال في حالة ثوران، ومن الصعب تهدئته أو المساومة على حريّة رغم البطش الشديد الذي تبديه الجماعة الحوثية، ورغم سكوت جميع السفارات الغربية عن حقوق الإنسان المنتهكة في اليمن.

أما ذاكرة الشعب اليمني عن تاريخ الأئمة وحكمهم فهي ممتلئة بالسواد، وفيها ما يكفي لشحنه بالحريّة والمقاومة.

 

> ما تصورك لطبيعة المرحلة القادمة؟

- المرحلة القادمة فيها الكثير من المجهول، وفيها الكثير من الخوف على مستقبل الحريات في البلد، وعلى مستقبل النظام الجمهوري، خاصة أن الإعلان الحوثي الانقلابي عمل على استنساخ تجربة النظام الإيراني.

إذا ما فرض الحوثيون قناعاتهم ورغباتهم بالقوة المسلحة فإن لا أحد سيستسلم، وربما تنفجر البلاد.

 

> كيف تفسّر حالة القمع التي تمارسها الجماعة الحوثية بحق السياسيين والناشطين والإعلاميين، وإلى ماذا تهدف؟

- السؤال الطبيعي هو: كيف تفسّرين السكوت الأمريكي والصمت المريب من جميع رعاة النظام العالمي الجدي ورعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان؟.

إذا استحضرنا التاريخ سنجد أن الثورة الإيرانية حين قامت في فبراير 1979 عملت ما تعمله الحركة الحوثية اليوم، وأعني استخدام نظرية "الصدمة والرعب" وهي معنية بقمع المظاهرات والحريّات والمعارضات السياسية بقوة وعنف ووحشية حتى يجثو الشعب على ركبتيه، الخميني أعدم 300 شخص من حزب "توده" حزب الجماهير وهو من أقوى وأصدق الأحزاب اليسارية في بلاد الشرق، حتى جثى الحزب ودمّر.

لكن أطمئنوا فالشعب قد صحى ولن يحكم اليمن أحد بغير الشراكة الوطنية والحوار الوطني.

 

> كيف تقرأ توسّع وانتشار الجماعات المتطرفة في اليمن؟

- العنف لا يقابله إلا عنف، وهنا سنتحدث عن نظرية الفعل ورد الفعل، ونتيجة وجود 500 شخص فقط من تنظيم القاعدة في اليمن فإن على أمريكا أن تضحي بكل اليمن في سبيل الخلاص منهم، لا أستطيع القول أكثر مما قاله الدكتور عبد الكريم الإرياني مستشار رئيس الجمهورية المستقيل، بأن التمدّد الحوثي زاد من تنظيم القاعدة، ولم ينقصه، فالناس أصبحوا يتعاطفون مع هذا التنظيم بصفته المقاوم الوحيد للمشروع الحوثي الصفوي، خاصة بعد رفض حزب الإصلاح الانجرار وراء الحرب، فهو حسب قوله حزب سياسي لديه مشروع مدني