*الإنسانية في مواجهة عالم المادة: بين غوركي وأوسكار وايلد*

2025/04/16 الساعة 05:36 صباحاً

 

_منصور بلعيدي_

في زمنٍ تتسارع فيه التطورات المادية والتكنولوجية، تبرز كلمات الأديب الروسي مكسيم غوركي لتكون صوتاً ناقداً للوجه المظلم للحضارة الحديثة. إذ قال: *"إن هؤلاء الأمريكان لديهم كل شيء يتمناه الإنسان، إلا شيئاً واحداً وهو الإحساس بالإنسانية."* هذه العبارة لم تكن مجرد نقد عابر، بل إشارة عميقة إلى أزمة القيم في عالم يحكمه المال والقوة أكثر مما تحكمه المشاعر والأخلاق.

حين دخل الأديب الإيرلندي أوسكار وايلد ميناء نيويورك، سأله شرطي الجمارك إن كان يحمل معه أي ممنوعات. ورد وايلد قائلاً: *"نعم، أحمل معي إنسانيتي!"* هذه الإجابة الذكية كانت أكثر من مجرد رد ساخر؛ إنها رسالة تُبرز أهمية القيم الإنسانية في عالم ينظر إلى الأشياء المادية كمعيار أساسي للتقييم ، فالإنسانية كأغلى ما يمكن حمله. 

ما عبّر عنه غوركي ووايلد يعكس أزمة القيم في عصر الحضارة الغربية
حيث تتراجع القيم الإنسانية أمام طغيان المادية. 
إن امتلاك كل وسائل الراحة والرفاهية لا يعوض غياب الإحساس بالإنسانية، تلك الروح التي تجعلنا قادرين على التعاطف والتواصل الحقيقي مع الآخرين.

الحضارة الغربية، التي تتميز بالتقدم المادي والتكنولوجي، غالباً ما تُتهم بأنها تفتقر إلى القيم الإنسانية التي تجعل هذا التقدم ذو معنى. 
وهكدا تصبح الحضارة الغربية نجاح مادي وإخفاق أخلاقي. 

النقد الذي قدمه غوركي ووايلد لم يكن مجرد هجوم على الغرب، بل دعوة للتوازن بين النجاح المادي والإحساس بالإنسانية، لأن غياب الأخير يجعل أي تقدم فارغاً من الروح.

كلمات غوركي ووايلد تُذكّرنا بأن الإنسانية ليست مجرد فكرة، بل جوهر وجودنا. *في عالم مليء بالتحديات، لا قيمة للمادة دون القيم، ولا نجاح للإنسانية دون روحها.* هذه المواقف الأدبية تلهمنا لإعادة التفكير في أولوياتنا، ولنتذكر دائماً أن ما يميزنا ليس ما نملك، بل كيف نشعر ونعيش مع الآخرين.