عاجل منتخب المغرب يتأهل إلى نصف نهائي كأس العالم لأول مرة في تاريخ المنتخبات العربية
الرئيسية - اقتصاد - معلومات هامة عن البنك المركزي والخيار الأخير لمواجهة انهيار الريال

معلومات هامة عن البنك المركزي والخيار الأخير لمواجهة انهيار الريال

الساعة 06:01 مساءً (هنا عدن - خاص )

 

البنك المركزي والخيار الأخير لمواجهة انهيار الريال




مساعد القطيبي
في معظم دول العالم تتحدد قيمة العملة الوطنية لكل دولة نتيجة لتفاعلات قوى العرض و الطلب على تلك العملة وتبرز خلف قوى الطلب والعرض تلك عوامل كثيرة قد تساهم في خلخلة ميزان تلك القوى وتجعل من سعر العملة الوطنية عرضة لتغيرات كبيرة قد تزيد من قوتها الشرائية وقد تساهم في تدهور قيمتها الشرائية.

وفي اليمن تعددت أسباب التدهور الكبير في قيمة الريال مقابل العملات الأجنبية، وبرزت الكثير من التحليلات ووجهات النظر في سبيل تشخيص ذلك التدهور وتباينت بعض تلك التحليلات في بعض مضامينها وفي ترتيب أولويات أسبابها، إلا أننا إجمالا نجد أنه لا يختلف اثنان في أن اختلال موازين قوى العرض والطلب على العملة المحلية (الريال) هي جوهر مشكلة التدهور التي لحقت بالريال اليمني،،  ومن هنا نجد أن:

- انخفاض أو توقف الإيرادات النفطية بسبب توقف الصادرات النفطية - يعني انخفاض العرض النقدي للعملات الأجنبية.

- توقف المساعدات والمنح والقروض الخارجية - يعني انخفاض حجم العرض النقدي من العملات الأجنبية.

- انخفاض حجم الصادرات السلعية (غير النفطية) - يعني انخفاض حجم العرض النقدي من العملات الأجنبية...

وفي المقابل..

- زيادة الطلب على الواردات النفطية لتلبية الطلب المحلي - يعني زيادة في الطلب على العملات الأجنبية.

- الاعتماد على الواردات السلعية في تلبية الطلب المحلي - يعني زيادة الطلب على العملات الأجنبية...

هكذا تكونت الفجوة بين العرض والطلب على العملات الأجنبية (وأهمها الدولار) واتسعت مما جعل أسعار هذه العملات ترتفع بشكل كبير أمام العملة المحلية التي تواجه انهيارا كبيرا في قوتها الشرائية نتيجة لعوامل كثيرة ومنها ما تم استعراضه سلفا بالإضافة إلى عوامل أخرى أهمها:

- الانخفاض الكبير في حجم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي حيث أنخفض جم هذا الاحتياطي ليصل إلى مليار ومئة مليون دولار بالإضافة إلى الوديعة التي وضعتها المملكة السعودية البالغة مليار دولار، وهو أدنى رقم يصل إليه الاحتياطي منذ تسعينيات القرن الماضي.

- ارتفاع نسبة العجز في الميزانية العامة للدولة الذي بلغ 84% من حجم الناتج المحلي الإجمالي.

- التخوف الكبير لدى الأفراد من استمرار تدهور قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية... وهلم جراء من الأسباب التي جعلت الريال اليمني يشهد أكبر انتكاساته وانهياراته على مر تاريخه.

أخيرا لجأ البنك المركزي إلى سياسة استثنائية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من قيمة الريال التي تدهورت إلى أدنى مستوياتها فعمد إلى سياسة خلق فائض طلب على العملة المحلية ووفي المقابل خلق عجز نسبي في كمية المعروض منها في السوق المحلي وذلك من خلال التأخير في تسليم المرتبات لموظفي القطاع الحكومي والقطاعين الأمني والعسكري بالإضافة الى توقيف الضخ من العملة المحلية الى البنوك التجارية وإحداث "أزمة سيولة" من العملة المحلية (الريال) وذلك في الفترة التي تشكل ذروة الطلب على الريال اليمني وهي فترة قدوم مناسبة عيد الفطر المبارك، ويدرك الجميع حجم الاحتياجات التي تتطلبها مثل هذه المناسبة وهو ما يجعل من الطلب على النقود من العملة المحلية في أعلى مستوياته، وعندما يقابل هذا الطلب كميات قليلة من حجم العرض النقدي للعملة المحلية (الريال ) سيساهم ذلك في زيادة قيمة هذه العملة أمام العملات الأجنبية، أو على الأقل سيحد من انهيار قيمة هذه العملة...

لا أستطيع أن أتصور حجم الانهيار الذي كان ممكنا لو أنه لم يتم اتخاذ مثل هذا الإجراء ، فبقدر ما خلق ذلك الإجراء أزمة اقتصادية لدى موظفي القطاع العام بسبب تأخير استلام مرتباتهم بقدر ما عمل ذلك الإجراء على الحد من تفاقم مشكلة تدهور العملة المحلية (الريال).

 ورغم إشادتنا من الناحية الاقتصادية بالإجراءات التي اتخذها البنك المركزي للحد من تدهور قيمة العملة المحلية إلا أننا نؤكد أن ذلك الإجراء لا يعدو عن كونه مسكنا وليس عقارا ناجعا وناجحا لعلاج المشكلة، وإذا لم يتم تدارك هذه  المشكلة بحلول حقيقية وليس ترقيعية فأنه من المتوقع أن حجم الانهيار القادم في قيمة "الريال اليمني" أمام العملات الأجنبية سيكون أكثر تدهورا وانهيارا مقارنة بحجم الانهيارات السابقة له.