الرئيسية - تقارير - مصر العربية : حينما تنتصر النساء.. فانتظر فتحًا قريبًا

مصر العربية : حينما تنتصر النساء.. فانتظر فتحًا قريبًا

الساعة 01:58 صباحاً
بقلم: فدوى العجوز

أتذكر عام 2004م حين قرأتُ عن عملية استشهادية للمجاهدة ريم الرياشي من كتائب القسام، وهي أول فدائية أم، وكانت أُمًّا لطفلين في سنواتهما الأولى.

 



وكنتُ أنا حديثةَ عهدٍ بالأمومة فانتابتني هزة عنيفة بداخلي، وتساؤلات لا حصرَ لها، وخاصةً حين قرأتُ وصيتها قبل تنفيذ العملية والتي قالت فيها: "أُنفذ عمليتي برغم أمومتي لطفلين، أعتبرهما هبةً من الله تعالى أحببتهما حُبًّا شديدًا لا يعلمه إلا الله، لكن حبي للقاء الله كان أقوى وأشد، فها هما طفلاي أودعتهما أمانة عند بارئهما، وكلّي اطمئنان بأنه عند الله لا تضيع الأمانات، وأعلم أن عنايتي بهما ستُعوَض بعنايةٍ إلهية ".

 

وانفطر قلبي وتزاحمت الأسئلة في عقلي، كيف استطاعت فعل ذلك؟ كيف تخلَّت عن أطفالها؟ كيف تركتهم؟ ألم يلتهم القلق عليهم قلبها؟ وتساؤلات كثيرة ظلَّت مدفونةً حتى استدعتها بطولات النساء المصريات اللائي تحدين ظلم العسكر ووحشيته.

 

لم أكن أتخيل أن أرى هذه البطولات النسائية هنا على أرض مصر من نساء تقدَّمن الصفوف، وواجهن وحشية الداخلية المصرية المتكالبة على شعبها، وفاشية العسكر الأنانية العمياء.

 

بل والأصعب من أن تُضحي الأم بنفسها هو أن تدفع بأبنائها في مواجهة الظلم والطواغيت، وهي تعلم أنها قد لا تراهم ثانيةً تقول لهم: "انزلوا.. بس خدوا بالكم من نفسكم"، يا لروعة هذا التناقض المبهر وسموه فوق الدنيوية الزائلة.

 

هي في ذلك تُذكرني بأم موسى عليه السلام حين ألقت بوليدها في النهر ولم تكن لتفعل لولا أن ربط الله على قلبها.

 

ومثل ذلك حين قالت أم الشهيدة حبيبة عبد العزيز لابنتها حين أخبرتها أن جنود العسكر يشيرون عليها بعلامة الذبح فلم تخبرها أمها أن تختبئ أو تجري أو تتراجع بل قالت لها اثبتي وإياك أن توليهم ظهرك.

 

واندهشتُ وبكيتُ من قول الشهيدة أسماء صقر لوالدها حين قال لها خوفًا عليها ليلة استشهادها وهي متجهة إلى ميدان رابعة: "قللي نزولك شوية عشان الأولاد" قالت له "يعني بلاش الشهادة عشان الأولاد"!!!!!!

 

ويا لقوتها هذه الأم، أم الشهيدين عبد الرحمن وعمر عزت حين قالت في حوارٍ سابق لـ"إخوان أون لاين": "يزيد اليقين عند نزول المصائب، واستشهاد عبد الرحمن جعلني أكثر يقينًا بالله، وأكثر حرصًا للدفاع عن مطالب شباب حر".

 

أليس هذا انتصار؟؟ حين تنتصر المرأة على أقوى عاطفة على وجه الأرض ولم تمنعها أمومتها من التراجع خطوةً واحدةً للخلف بل كُنَّ في الصفوف الأمامية للدفاع عن حريتهن وحرية أبنائهن بل ودفعن بأبنائهن للجهاد والشهادة.

 

25 امرأةً تقريبًا استشهدن في جهادهن ضد العسكر وبلطجة الداخلية منهن ما يقرب من 10 أمهات تركن صغارهن تائهين حائرين لفراقهم أغلى الأحباب، فمهما كان فراق الأب صعبًا ففراق الأم أصعب.

 

ما يقرب من 240 امرأةً تمَّ اعتقالهن في أحداث مختلفة ثم الإفراج عنهن على ذمة قضايا هزلية من سلاح وقتل!!!!!!!

 

أليس انتصارًا أن تتحدى حبيبة بكاميرتها جنود العسكر المدججين بالسلاح وهم يشيرون لها بعلامة الذبح.

 

أليس انتصارًا حينما تتحدى النساء أفكارًا مُظلمة لا تنتمي للإسلام ولا حتى للجاهلية حينما يقول المعوقون لها: "إنما الجهاد ومواجهة الظلم ليسا واجبًا على النساء بل على الرجال فقط"؟!.

 

وهل كانت أمهات المؤمنين والصحابيات يجلسن في بيوتهن في الغزوات والفتوحات؟!!!، رحم الله عائشة وسمية وصفية ونسيبة رضي الله عنهن، طلبن المعالي وزاحمن الرجال في الدفاع عن دينهن.

 

أليس انتصارًا أن تتغلب المرأة الضعيفة البدن، الرقيقة القلب على كل مخاوف النفس البشرية الطبيعية من الموت أو حتى من رؤية الدم.

 

أليس انتصارًا حين تجد آلاف النساء يشاركن في مسيرات ومظاهرات ضد العسكر، رغم أن كثيرًا منهن في كل مرةٍ قبل خروجها من بيتها تُودع أطفالها وتنظر لهم النظرة الأخيرة وتوصيهم وصيتها الأخيرة "الإسلام أغلى من حياتنا.. وكرامتنا وحريتنا أهم من لقمة العيش".

 

أليس انتصارًا حين تجد النساء ترى الجرحى والشهداء يتساقطون من حولها وهي صامدة مصرة على ألا تتراجع.

 

أليس انتصارًا حين تجد النساء يعتقلن من بيوتهن ويُحبسن مع الرجال أو الجنائيات، وفي اليوم التالي من الإفراج عنهن تجدهن في المسيرات شامخات مرددات "يسقط يسقط حكم العسكر".

 

بلى والله.. إنه لنصر وبشرى من الله وتثبيت للرجال والنساء.

 

حين تجد كل هذه القوة والإرادة تخرج من النساء الحرائر المدافعات عن الشريعة والشريعة.. فماذا تنتظر من الرجال؟!!.

 

إن أضعاف أضعاف هذه القوة والإرادة التي رأيناها في النساء الحرائر تجدها في الشباب الحر الطاهر الثابت بإيمانه الذي لا يهاب الموت بل يرددون في مسيراتهم بكل ذرة في كيانهم "عيش حر.. أو مت شهيد".

 

فحين تجد كل هذا الإيمان بالقضية والمبدأ في النساء والرجال بل والأطفال كما رأينا، حينها تقف إجلالاً وإعزازًا أمام هذا الصمود والإصرار.. ولا يسعك إلا أن تنتظر نصرًا قريبًا وفتحًا مبينًا بإذن الله