كان ينظر إلى المذيعة في اليمن كما لو أنها «قليلة أدب» تظهر أمام الكاميرا وتعود إلى منزلها متأخرة بعد انتهاء البرنامج أو نشرة الأخبار، وأنها لا تعرف الخجل وتسعى إلى الشهرة. وتخشى العديد منهن حتى الآن من تلك الإشاعات، وترفض الكثير من الفتيات امتهان التقديم التلفزيوني لتلك الأسباب التي ربطت المجتمع اليمني المحافظ بالعادات والتقاليد التي تقيد إبداع المرأة وحريتها أيضا.
وفي الآونة الأخيرة أقدمت عدد من المذيعات على تخطي الحواجز الاجتماعية بإقناع الأسرة أن مهنة التقديم عمل إبداعي يُسخر لخدمة الناس، وأن ضريبة الهمز واللمز والسخرية منها، أقل من حقها بالقيام بواجبها تجاه بلدها ومجتمعها.
وتحظى المذيعات اليمنيات، وهن قليل، بترحيب داخل القنوات الفضائية التي يسيطر عليها الذكور تماماً.
التقينا عدداً من المذيعات اليمنيات في قنوات مختلفة للتعرف أكثر على وضعهن. ترى سمية القواس أن المذيعة لا تحظى بالتقدير من قبل المؤسسات الإعلامية ولا من قبل المجتمع «أيضا تواجه المذيعة انتقادات غير موضوعية، ولأنها امرأة لابد أن يُحد من نجاحها وتطلعها ولابد أن تظل ناقصة ولا يجب أن تتفوق فتكون».
وأضافت القواس، وهي مذيعة في قناة «سهيل» إن «الالتزامات التي تتبع مهنه التقديم التلفزيوني لا ترقى للمردود المادي». وأضافت «ولابد للشخص الذي يعمل بهذه المهن أن يهتم بمظهره وأن يطور نفسه علميا وعمليا وغيرها من متطلبات الحياة والوضع الاجتماعي، ولا يوجد خصوصية للعاملات من حيث الأماكن والاستراحات والمكاتب نظرا لقلة العاملات وأيضا للامبالاة من قبل المعنيين».
وغالبا ما تترك الإعلامية عملها بسبب ضغوط اجتماعية أو طلب أحد أفراد الأسرة سواء كان الزوج أو الأخ أو الأب.
من جانبها، قالت المذيعة داليا دائل إن المجتمع بدأ يتقبل وجود نساء في مجال الإعلام، ومازال ينظر إليها على أنها اقل شان من الرجل بسبب التنشئة الاجتماعية التي تعودنا عليها «المرأة مكانها البيت وعليها واجبات تجاه الزوج والأولاد، متناسين واجبها إزاء وطنها وذاتها».
وتعتقد دائل، وهي مذيعة في قناة «اليمن اليوم»، ان المجتمع الذكوري يشكل عائقا بين المذيعة وبين الواقع الذي ألزمها بقائمه من العادات والتقاليد تحت ذريعة أنها امرأة «لكن انتشار القنوات الفضائية الحكومية والخاصة منحت المذيعة التعبير عن تطلعاتها وآمالها وقضاياها المجتمعية والإنسانية مع الحفاظ على الطابع التقليدي».
وقالت داليا دائل إن المذيعة «تتحمل الأذى اللفظي والكلمات المسيئة وتتعرض للإهانة من أحدهم أو تسمع كلمات جارحة أو ما شابه ذلك من الاتهام بالانفتاح والحرية المطلقة، وتظل بين القيل والقال».
وتقل نسبة الإقبال على كليات الإعلام في اليمن من قبل الفتيات بسبب نظرة المجتمع للإعلامية وللمذيعة على وجه الخصوص.
وتقول آسيا ثابت رفعان، وهي مذيعة في قناة «يمن شباب»، إن عدم تقبل الأهل بداية لفكرة العمل في هذا المجال كان من أبرز المشاكل التي واجهتها «لكن بالإصرار نصل لما نريد، وعمل المرأة بشكل عام يحتاج إلى دعم كبير من قبل الأهل أو الأسرة فما بالك بالمذيعة، فالأمر يتطلب إلى صبر وتفهم خاصة إن أصبحت معروفة».
عن موقع "إرم".