ترتفع بشكل مستمر رسوم تحويل الأموال بين محافظات سيطرة الحوثي والأخرى التابعة للحكومة اليمنية، وذلك بالتزامن مع تدهور قيمة الريال اليمني خلال هذه الأيام.
تسارعت وتيرة انهيار الريال اليمني أمام العملات الأخرى في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، حتى وصل قبل يومين سعر صرف الدولار الواحد 808 ريالا (بيع) ، و803 (شراء).
بينما حافظ الريال في مناطق سيطرة الحوثي على بعض الاستقرار برغم اتساع الفارق بين قيمته في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة والأخرى التابعة للجماعة، فقد كان سعر الدولار الواحد 604 ريالا (بيع)، و602 (شراء).
وحدث الفارق الواضح في أسعار الصرف بهذا الشكل، بسبب منع مليشيات الحوثي تداول العملة الجديدة في مناطق سيطرتها، وتزيد قيمة الريال في محافظات الحوثيين كلما زاد انهيار العملة الوطنية الجديدة في مناطق الحكومة.
انعكاس لتعقيدات المشهد السياسي
تراجع الريال اليمني بشكل غير مسبوق، مع زيادة تعقيدات المشهد السياسي في الداخل، التي بدورها انعكست على اقتصاد البلاد المنهار.
فمع نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة، أصبح لدى اليمن بنكين مركزيين أحدهما في صنعاء، والآخر في عدن، وأصبحت السياسيات المالية غير موحدة، الأمر الذي جعل الريال يخسر جزءا كبيرا من قيمته بشكل مستمر، إلى أن يحدث تدخل خارجي مثلما حدث عام 2018 حين أعطت المملكة العربية السعودية اليمن وديعة تقدر بملياري دولار، أوشكت على النفاد حاليا.
استمر الأمر كذلك، ومعه تزايد نشاط السوق السوداء بشكل لافت، وسرع ذلك من وتيرة فقدان العملة الوطنية قيمتها، لكن الضربة الأقوى كانت مع منع الحوثيين تداول العملة ذات الطبعة الجديدة في مناطق سيطرتها.
وبالتزامن مع الانهيار الاقتصادي الحالي، ارتفعت سعر عمولة تحويل الأموال بين محافظات الحوثيين والحكومة إلى أكثر من، 35%.
وبرغم وجود أسباب كثيرة لانهيار الريال بهذا الشكل إلى جانب اقتراب الوديعة السعودية من النفاد، إلا إن اقتصاديين يعتقدون أن هناك دولا إقليمية تدعم ما يجري للضغط على الحكومة وإجبارها على تنفيذ اتفاق الرياض الذي فشل تنفيذه حتى اليوم. وفي حال نجح ذلك فإنها ستدعم بلادنا بوديعة تؤجل قليلا سرعة انهيار الاقتصاد.
أسباب رفع عمولات التحويل
ويشرح أسباب ارتفاع عمولات التحويل بذلك الشكل، الصحفي والباحث الاقتصادي نبيل الشرعبي، قائلا إن فارق سعر صرف العملات الأجنبية بين محافظات الحوثيين والحكومة ووجود طبعتين من الريال لبلد واحد، أحد أبرز الأسباب، إضافة إلى ارتفاع كلفة خدمتي الكهرباء والإنترنت ومخاطر العمل في هذا الوضع، وزيادة حدة الضغط على شركات الصرافة خاصة الكبيرة جراء ضرورة نقل الأموال بين المحافظات وتحديدا بين صنعاء وعدن نتيجة حاجة تجار صنعاء للاستيراد ناهيك عن توقف الاعتمادات المستندية للتجار المستوردين لعدة أشهر.
وذكر لـ”اليمن نت” أن تراجع مستوى التحويلات الخارجية إلى اليمن، جعل الشركات تخسر كثير من العائد، ما جعلها تلجأ إلى التعويض من النشاط المتاح، فضلا عن انخفاض دوران العملة في السوق بسبب السوق السوداء، إضافة إلى بقاء كثير من حسابات المواطنين دون رصيد بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها اليمن، الأمر الذي أدى إلى اختلال الدورة النقدية.
وأفاد الشرعبي أن شركات الصرافة أصبحت تدفع رسوماً على أنشطتها لجهتين في صنعاء وعدن. منتقدا عدم قيام الحكومة بدورها لحل ما يجري، كون ذلك يمكن أن يستمر لسنوات، طالما والنظام المصرفي اليمني الرسمي معطل، ولدينا طبعتين من العملة اليمنية وبنكين مركزيين بإدارتين متعارضتين.
حلول ضرورية و”مسؤولية التحالف”
ومن وجهة نظر الباحث الشرعبي، يجب التحول بالسوق والأنظمة والتشريعات المصرفية اليمنية، من سيطرة طرفي الصراع إلى لجنة مختصة محايدة ليس لديها ارتباطات بأي طرف وتمكينها مجتمعيا وأمنيا وإداريا من ممارسة النشاط، بعيدا عن طرفي الصراع بما يحقق القيام بأهداف هذا القطاع كما هو منصوص عليه قانونا، وذلك للمساهمة في حل المشكلات التي تواجه الاقتصاد.
وهناك بعض الاقتصاديين الذين يرون أن على الحكومة إصدار قرار بإلغاء العملة القديمة، وإجبار الحوثيين على شراء الوقود من مناطق الشرعية بالعملة الجديدة.
كما يرى البعض أن السعودية عليها مسؤولية أخلاقية تجاه ما يجري في اليمن، فهي تقود عاصفة الحزم التي تدخلت في البلاد للتصدي لتنامي النفوذ الإيراني الذي يستهدف المملكة.
ومع توالي الأزمات الاقتصادية واستمرار فقدان الريال لقيمته، ترتفع الأسعار في اليمن بشكل كبير، يقابله انقطاع الرواتب أو عدم انتظامها فضلا عن ثباتها عند ذات المبلغ، فيزيد بشكل كبير خطر إصابة مزيد من المواطنين بالمجاعة.
ومن المتوقع أن يزداد الأمر سوءا مع تصاعد الصراع في الجنوب وعرقلة عودة الحكومة، وتأثر أسعار النفط سلبا بسبب أزمة كورونا؛ علما بأن اليمن كانت تعتمد على الذهب الأسود في ميزانيتها السنوية.