الرئيسية - منوعات - الامارات فرعون العصر باستغفال الجماهير وقلب الحقائق

الامارات فرعون العصر باستغفال الجماهير وقلب الحقائق

الساعة 10:17 مساءً (هنا عدن - خاص )

بقلم انيس منصور 

فرعون الذي قتل الآلاف عمداً وأعدم الأطفال المواليد خاطب موسى في سياق انكاري بالقول "وفعلت فعلتك التي فعلت"، في معرض قصة نبي الله ‏موسي عليه السلام عندما وكز رجلاً خطأ فقتله.



فرعون الذي كان القتل منهجا بالنسبة له يستنكر مقتل رجل بالخطأ على يد نبي الله موسى عليه السلام، وكأن القتل في نظر فرعون جريمة، وكأنه لا يحتسي أرواح الناس صباح مساء.

إن‏ استغفال الجماهير وقلب الحقائق هو دأب إعلام التضليل على مر العصور، ولا تجد عصراً إلا وهناك جوقة متخصصة في قلب الحقائق وتشويه الصورة لتبدو على عكس حقيقتها.

‏تستطيع الآلات الإعلامية التابعة للسلطات الديكتاتورية أن تجعل من الحقائق الثابتة أوهاماً، ومن الشائعات والأخطاء الصغيرة جرائم كبيرة، لفترات متفاوتة.

ما يحدث اليوم إنما هو استمرار لهذا النهج المعتمد على الضخ الإعلامي لغسل الجرائم وتبييض صفحات القتلة والدجالين، وتحاول بعض الأنظمة أن تستغل جهل المجتمع فتعمل على تكثيف المعلومات المضللة وتسويق الوهم، فينجرف المجتمع بدون إدراك في فخ الإعلام المخادع، تحت تأثير بريقه وآلته المبهرة.

لقد لعب حكام الامارات هذا الدور ببراعة، وسخروا آلتهم الإعلامية لقلب الحقائق التي تغطي على جرائمهم وانتهاكاتهم وأطماعهم في اليمن أو في غيرها من الدول العربية، غير أن ما يحدث في اليمن يكشف الصورة بجلاء ويمكن لأي متابع بسيط أن يدرك أن إعلام الامارات يعمل بوقاحة على قلب الحقائق وتصوير الجاني على أنه اليد الحانية.

تعمل الامارات على تعطيل الموانئ اليمنية وكذا على تعطيل الصادرات النفطية، وتحتل السواحل، وتحرم البلاد من إيرادات كبيرة كان يمكن توجيهها للتنمية ودعم الوضع المعيشي، تفعل كل ذلك بوجه الشيطان الذي تحاول اخفاءه، وتحاول في المقابل أن تبدو بوجه ملائكي يمد يده لمساعدة اليمنيين بالفتات، ثم تمتن عليهم وتعمل على إذلالهم، وإعلامها والإعلام الممول منها يصور ذلك على أنها أعمال إنسانية لـ "إمارات الخير".

تعالوا لننتقل إلى صورة أخرى.. ارتكبت الامارات أعداد لا حصر لها من الجرائم والانتهاكات في اليمن، وسلطت فرق الموت من المرتزقة لاغتيال القيادات الوطنية والشخصيات الاجتماعية والعاملة في المجال الإغاثي والإنساني، واختطفت المئات وعذبتهم، وصفت آخرين، في أداء تكاملي مع ما تفعله مليشيا الحوثي التابعة لإيران، إن لم يكن أفظع، مقابل تركيز آلتها الدعائية على ضخ دعائيات مساعدتها لليمنيين بدورات نقش الحناء والكوافير.

عملت أبو ظبي على انشاء المليشيات التي لا تدين بالولاء للدولة وجيوش من المرتزقة، ومنعت الرئيس والحكومة من العودة للعاصمة الموقتة، ووصل الأمر إلى قصف الجيش الوطني بطائراتها، في ذات الوقت الذي مولت انقلاب على الشرعية في سقطرى وآخر في عدن، ويصور إعلامها ومرتزقتها أنها جاءت لدعم الشرعية في اليمن والمشاركة في انهاء الانقلاب الحوثي، وقد فرخت انقلابات وتمردات وارتكبت أعمال تصب كلها في صالح الانقلاب الحوثي واطالة أمده.

وهذه صورة أخرى، تدعي الامارات مكافحتها للإرهاب وتحت هذا العنوان ترتكب أبشع الانتهاكات، بينما هي راعية الإرهاب، وتدعم مليشيات يقودها أشخاص معروفون بتاريخهم المتطرف، وأطلقت شخصيات إرهابية من السجون لتنفيذ أجندتها الخاصة، ومع ذلك تعمل بكل ما أوتيت من مال وإعلام لتلميع صور المتطرفين وتبييض الجرائم. 

إذا فثنائية الدرهم والاعلام الاماراتي هي المنظومة الأحدث والأكثر تطوراً في قلب الحقائق وتبييض الجرائم وتصوير الشيطان ملاكاً طاهراً يمد يده للناس بالعطاء، بينما يخفي خنجره الملطخ بدماء الأبرياء تحت عباءته.

ومع هذا التطور والابهار الذي يقوم به التضليل والعبث بالوعي الجماهيري، فإنه لا يلبث أن ينكشف، وقد بات اليوم مكشوفاً أكثر من أي وقت مضى، وبدت قرونه وأنيابه أمام الجميع، حتى من استخدمهم في التضليل لزمن، وبدلاً من أن تحسن الآلة الإعلامية لحكام أبو ظبي صورتهم، غير أن الحقائق التي لا تغيرها الأوهام اذابت الأقنعة، وبات هؤلاء يواجهون موجة الكراهية من الشعوب العربية وغيرها، وهذه ليست إلا من صنع أيديهم، لقد اضحت الامارات هي فرعون زماننا.