نشرت مجلة “إنتلجنس أونلاين” الاستخباراتية الفرنسية، تقريراً موسعاً، تحدثت خلاله عن خفايا الحرب الدائرة بين أركان العائلة الحاكمة في أبو ظبي على الشركات السيادية في البلاد.
وذكر تقرير المجلة أن مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد يسيطر على مفاصل أبوظبي السيادية. ويبدو الرابح الأكبر من صراع الأسرة الحاكمة.
نفوذ طحنون بن زايد وسيطرته على مفاصل الدولة
وأشار التقرير إلى الصفقة التي تم إعلانها مؤخرا بين “موانئ أبوظبي” ADP وعملاق الشحن الفرنسي العالمي CMA-CGM.
ومن المعروف أن “موانئ أبوظبي” تابعة لشركة ADQ القابضة، والتي يديرها “طحنون بن زايد”، وقد استحوذت. مؤخرا، على حصة في شركة “لويس دريفوس بي” العالمية، والتي تنشط في مجالات الزراعة والتصنيع الغذائي والتمويل والشحن.
وبالإضافة إلى ADQ القابضة، استحوذ “طحنون بن زايد” أيضا على مجموعة إيدج “EDGE”. وهي شركة قابضة للمنتجات والأسلحة الدفاعية في الإمارات، وتصنع أسلحة خفيفة أبرزها البندقية “كاراكال”، والتي تستخدم في الحرب الدائرة باليمن، وتم بيعها هناك دون حساب، لاسيما للأطراف المدعومة إماراتيا.
واشار التقرير إلى أن النفوذ في إيدج كان يشترك فيه أيضا “منصور بن زايد”، شقيق “طحنون”، لكن الأخير نجح في الإطاحة به وبرجاله من الشركة الضخمة.
كيف قصقص طحنون بن زايد جناحين خلدون المبارك
هناك أيضا “خلدون المبارك”، والذي يوصف بأنه الذراع اليمني لولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد”، والذي حرص “طحنون” على قصقصة نفوذه داخل إيدج. وكانت أبرز خطوة في هذا المجال الإطاحة برئيس الشركة، “حميد الشمري” من منصبه، ونقله إلى الصندوق السيادي “مبادلة”.
وقد بقي المدير العام الحالي للمجموعة “فيصل البناي” في منصبه، على الرغم من كونه موضوع تحقيق بقيادة فريق “طحنون”. وقد يفسر هذا كون “البناي” محمي من قبل نجل ولي العهد “خالد بن محمد بن زايد”.
وأكد التقرير أن “طحنون بن زايد” يبسط سيطرته أيضا على كيانات أخرى، مثل شركة Digital14 للبرمجيات، وشركة DarkMatter للأمن السيبراني وأنظمة الحرب الإلكترونية. والتي تأسست في 2014 ويثار حولها تقارير عن تورطها في عمليات قرصنة وتجسس، وهناك أيضا شركة BeamTrail، لتطوير حلول البرمجيات
وحتى قبل هذا التطور السريع، ذكر التقرير إن “طحنون بن زايد” كان يتربع على عرش امبراطوريته الخاصة في مجال الأمن والدفاع. والمتمثلة في مجموعة Trust International Group، وكان مسؤولا عن مجموعة تولت مهام استكشاف شراكات محتملة في مجال الذكاء الاصطناعي بين الإمارات والصين.
ووفقا لما سبق، حاول التقرير تحليل مشهد تقسيم كعكة النفوذ في أبوظبي، قائلا إن هناك ما يمكن تسميته تفاهما حدث. بحيث يسيطر “طحنون بن زايد” على الشق الاقتصادي والتجاري في الإمارة، بينما يتولى “خالد بن محمد بن زايد” الأمور السياسية. وبالطبع فإن منصب رئيس الدولة في طريقه إلى “محمد بن زايد”، بعد ازدياد التقارير عن تدهور صحة رئيس الدولة الحالي “خليفة بن زايد”.
لكن “خالد بن محمد” يعلم جيدا أنه لا يمكن أن ينفصل كليا عن الاقتصاد الذي يعد الموجه الأول لأبوظبي، وهو ما يبدو أنه يتم بدفع من والده المخضرم. ففي مارس/آذار الماضي، انضم “خالد” إلى مجلس إدارة شركة النفط الوطنية (أدنوك)، وهو الآن رئيس لجنتها التنفيذية.
خالد بن محمد بن زايد يعلم جيداً ما يجري
ولا يزال “محمد بن زايد” يترأس مجلس الإدارة، الذي يشغل عضويته العديد من إخوته الذين يبدو أنهم يفقدون زخمهم. مثل “منصور بن زايد” و”هزاع بن زايد”، مستشار الأمن القومي السابق الذي أطيح به فجأة من منصبه في عام 2016.
“خالد بن محمد” هو أيضًا الحفيد الوحيد للشيخ “زايد آل نهيان”، في المجلس الأعلى الجديد للشؤون المالية والاقتصادية (SCFEA). والذي يشرف على الصندوق السيادي (مبادلة)، وشركة أدنوك وغيرهما، والمجلس يضم أيضا “طحنون” و “هزاع” و”منصور” و “خلدون المبارك”.
ويعد “خالد بن محمد”، هو أيضا الراعي لـ Hub71 ، وهي منظومة تقنية ضخمة تدعمها (مبادلة)، وتعمل بالتنسيق مع “سوفت بنك” العالمية.
وعلق التقرير بأن تقسيم النفوذ السابق بين “طحنون بن زايد” و “خالد بن محمد بن زايد” ترك “منصور بن زايد” خارج دائرة النفوذ. بعد أن كان يتخيل نفسه ولي العهد القادم.
وبالإضافة إلى فقدانه السيطرة على أنشطته في مجالات الدفاع والنفط والتمويل، خاصة عبر (مبادلة). اضطر “منصور” أيضًا إلى تسليم مفاتيح يخته “توباز” إلى “طحنون”.
وفي فبراير/شباط الماضي، بدا أن “منصور بن زايد” خسر جولة جديدة عندما حكم على رجله السابق وحارس جميع أسراره. “خادم القبيسي”، بالسجن لمدة 15 عامًا بتهمة غسل الأموال، خلال فترة عمله كرئيس تنفيذي لشركة الاستثمارات البترولية الدولية. التي كان يترأسها “منصور”، والمرتبطة بفضيحة الصندوق السيادي الماليزي.
ومع ذلك، أبرز التقرير، أن “منصور” يعد أحد أبرز قيادات النخبة السياسية في أبوظبي لسنوات عديدة، ولديه ثروة شخصية كبيرة. ويمكنه الاعتماد على الدعم من شبكة عميقة الجذور داخل الإمارات حتى لا يبقى بعيدًا عن الكعكة.
وأشار التقرير إلى أن والد زوجة “منصور بن زايد”، هو “محمد بن راشد”، حاكم دبي، كما أن لدى “منصور” علاقات قوية للغاية بالسعودية. ولا يجب – في هذا الإطار – نسيان التباين الكبير بين ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” وولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد” في عدة قضايا إقليمية.
واختتم التقرير الاستخباري بالقول إن أي اضطراب للاستقرار السياسي في أبوظبي سيقلق شركاءها الدوليين، فلعقود من الزمان. كان يُنظر إلى الإمارات على أنها واحدة من المراكز القليلة المستقرة في الخليج التي تعتمد عليها العديد من الدول.