في يوم مولدهﷺ.. كم نتمنى أن يسيروا على خُطَاه.

2025/09/05 الساعة 03:30 مساءً


صعد الخطيبُ المنبرَ يحدثُ الناسَ عن معجزاتِ النبيﷺ مستشهدا بتكثيرِ طعام جابر، وشكوى الجمل من ظلم صاحبه، ونبعِ الماء بين يديه، وانشقاقِ القمر له، وغيرها من معجزات تعظمُ شأنَ نبوته في قلوب أصحابه المؤمنين، وترسخُها في قلوب المرتابين. يا أيُّها الخطيبُ! في هذا الزمانِ لم يعدْ مسلمٌ يشك في نبوةِ محمدٍﷺ وتأييدِ اللهِ له. الناسُ في حاجةٍ منكم -في يوم مولده- إلى تنزيل وقائعَ من حياتِه على حاضرنا، كقائد فاضل عادل، وراعٍ رحيم حكيم، ومسؤولٍ قوي أمين، في دولته وبيته، وفي واجباته ومهامه، ليتعظَ به كلُّ راعٍ. الناسُ بحاجة أن تحدثَهم حديثَ جابي زكاةِ أهل نجرانَ.. الذي قال بعد قدومه بها "هذا لكم وهذا أُهدي لي".. وعن مدى غضب النبي من ذلك وتبيينه للأمة خطرَ هذا التوجهِ، وعاقبتَهُ يوم القيامةِ حين يأتي حاملا ما أخذه عبرَ منصبِه ومهمته من جباياتٍ ومنح. وربطُ ذلك باستغلال المسؤول لوظيفته اليوم في تحصيل منافعَ شخصيةٍ وتكوينِ ثروات طائلة من هذا المنصب.. الذي لو لم يكن فيه لما تحصل على شيء من أحدٍ. المجتمعُ يحتاجُ أن تروي لهم خبرَ المخزوميةِ ذات الحسبِ التي سرقت.. وقولَ النبي الحاسم للشافعين فيها "لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقت لقطعت يدَهَا". وأن تقومَ بتنزيل ذلك على واقعنا الحالي، وكيف يتمُّ تهريبُ القتلةِ للخارج بمعرفة الدولة، وحمايةُ المجرمين بدستور الجمهورية، واستقواءُ المفسدين بأدوات النظامِ. وكيف مازال أولئك يمارسون مهامَهُم السياسية والأمنية والعسكرية دون عزل أو عقاب رغم ثبوت جرائم القتل والنهب والفساد عليهم. احكِ للأمة عن تمرةِ بيت الصدقةِ التي لاكها الحسنُ رضي اللهُ عنه فأخرجهاﷺ من فيه، قائلا نحن أهلُ بيتٍ لا نأكل الصدقات. ووجبَ عليك تبصيرُ الناسِ عمَّا يحدث اليوم من انفاق المليارات على توظيف الأقارب، وما يحتويه كشف الإعاشة والرواتب من نفقاتٍ لمَن لم يقدمْ شيئا لينالَها سوى القرابةِ والخُلَّةِ، وقُرْبِ الفكرِ والسياسة، وربما الحب والهوى. الجمهورُ في حاجةٍ أن تروي لهم عن الثبات على الحق. "... لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري لأترك هذا الأمر ما تركته". وكيف اليوم ضاعت السيادة والوطنية وقد أتت دولٌ هشةٌ لتأخذَ بيميننا وشمالنا فتقودنا حيث شاءت ونحن صاغرون. وهلا قلتَ لهم عن هيبة الدولة في تطبيق الحدود والقصاص، وعن سرعة أمر النبيﷺ بتحرك القوات الخاصة لمطاردة العُرَنيين الذين قتلوا الراعي ونهبوا الإبلَ، وما فعله بهم بعد أَسرهم في اليوم نفسِه. وكيف نعاني اليوم القتلَ والنهبَ والقهر وقطعَ الطُرقِ، قريبا من نقاط عسكرية وأمنية تنتشر في شوارع مدننا وطرق دولتنا!!. حدثهم بمثل ذلك ليفقه الشعبُ أنَّ محبةَ النبي قد نزعت من قلوب أولئك النَفَرِ.. الولاةِ القادة المسؤولين.. ولم يعدْ لها أدنى اعتبارٍ عندهم، وإن ادعوا أنَّهم للنبي مُحِبون وإن حتى أقسموا أنَّهم مؤمنون. 
أبو الحسنين محسن معيض