الرئيسية - تقارير - "اعتقال الصحفي محمد دبوان المياحي في اليمن: تفاصيل الانتهاكات والظروف القاسية"

تقرير

"اعتقال الصحفي محمد دبوان المياحي في اليمن: تفاصيل الانتهاكات والظروف القاسية"

الساعة 07:01 صباحاً (هنا عدن : متابعات )

 

صهيب المياحي – تعز تايم – خاص



في حادثة أثارت استنكار الأوساط الصحفية والحقوقية في اليمن، تعرض الصحفي محمد دبوان المياحي للاعتقال التعسفي في صباح يوم الجمعة، الموافق 20 سبتمبر 2024. العملية التي نفذتها قوات تابعة للشرطة العسكرية التابعة لجماعة الحوثي، جاءت بعد مداهمة عنيفة وغير قانونية لمنزل المياحي في العاصمة صنعاء. تكشف التفاصيل التي تلت الحادثة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، واستهداف ممنهج لحرية الصحافة في اليمن.

عملية الاعتقال: مداهمة عنيفة وصادمة

في الساعة السادسة صباحاً، داهم طقم عسكري مكون من ستة أفراد مدججين بالأسلحة منزل الصحفي محمد دبوان المياحي، ترافقهم امرأة تابعة للشرطة العسكرية. اقتحموا المنزل بطريقة عنيفة وصادروا أجهزة إلكترونية تشمل جهاز الحاسوب، وهاتف الصحفي، وهاتف زوجته. اقتيد المياحي وهو مرتدٍ ملابس النوم، دون السماح له بتبديل ملابسه، إلى جهة مجهولة. وظل مصيره غامضاً لمدة خمسين يوماً.

زوجة المياحي كانت شاهدة على الانتهاكات، حيث قامت المرأة المرافقة للمجموعة بسكب الماء على زوجته أثناء عملية التفتيش وقالت لها بشكل تهكمي: "زوجك صحفي!"، ما تسبب في حالة من الذعر لدى الزوجة وأطفال المياحي.

سبب الاعتقال: منشور فيسبوك وانتقام من سبتمبر

الاعتقال جاء على خلفية منشور كتبه الصحفي محمد دبوان المياحي على فيسبوك، انتقد فيه جماعة الحوثي وسياساتها. يتزامن هذا الاعتقال مع حملة واسعة شنتها الجماعة في سبتمبر الماضي، تزامناً مع الاحتفالات بالذكرى الـ62 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، حيث حاولت تقويض رمزية الثورة من خلال قمع الأصوات المعارضة.

استمرار الترهيب: ملاحقة الأسرة وتفتيش إضافي

لم تتوقف الانتهاكات عند الاعتقال. في اليوم التالي، عاودت القوات الحوثية تفتيش منزل المياحي مرة أخرى، وسط محاولات متكررة لملاحقة زوجته.

سالي (اسم مستعار)، إحدى المقربات للأسرة، أكدت أن ملاحقة الحوثيين لزوجة المياحي دفعتها لترك منزلها خوفاً على سلامتها وسلامة أطفالها.

عائشة (اسم مستعار)، إحدى جارات المياحي، أكدت: "عاقل الحارة المدعو "صالح قصيلة" جاء عدة مرات بغرض تفتيش المنزل والبحث عن زوجة المياحي، ما أثار حالة من الرعب في الحي."

استهداف الأقارب والمقربين

بعد يومين من اعتقال محمد دبوان، قامت قوات الحوثيين باختطاف شقيقه عماد المياحي من منزله في محافظة إب. استمر التحقيق معه لمدة أسبوع، حيث تعرض لمعاملة وحشية قبل أن تكتشف القوات هويته الحقيقية. ورغم ذلك، أُجبر على دفع مبلغ مالي قدره 100 ألف ريال بالعملة القديمة مقابل الإفراج عنه.

صهيب المياحي، أحد أقارب الصحفي محمد، أكد أن القمع لم يتوقف عند العائلة فقط، بل امتد إلى شباب القرية الذين تعرضوا للاعتقال بسبب تضامنهم مع محمد. وتم ابتزازهم ماليًا، حيث اضطر كل فرد لدفع مبلغ 100 ألف ريال لإطلاق سراحه.

محمد، شاب يبلغ من العمر 20 عاماً من مديرية فرع العدين بمحافظة إب، تحدث عن تجربته قائلاً: "بسبب منشور تضامني مع محمد دبوان على فيسبوك، تم اقتيادي إلى الاحتجاز. خضعت لتحقيق استمر ثلاثة أيام، حيث تمت مصادرة هاتفي، وطلبوا مني دفع مبلغ 50 ألف ريال لإطلاق سراحي."

شهادات السجناء: ظروف قاسية لا إنسانية

داخل السجن، عانى الصحفي محمد دبوان المياحي من ظروف قاسية وفقاً لشهادات سجناء كانوا محتجزين معه.

علي (اسم مستعار)، أحد السجناء، أوضح: "المياحي كان محتجزاً في زنزانة انفرادية لمدة شهر كامل. لم يُسمح له بالخروج إلى الشمس مثل بقية السجناء. لم يرَ زوجته إلا من خلف الزجاج، ودون أن يسمع صوتها."

خالد (اسم مستعار)، سجين آخر، وصف السجن الانفرادي بأنه جحيم: "قضيت عشرة أيام فقط في زنزانة انفرادية، وكانت أصعب أيام حياتي. المكان مظلم تماماً، والهواء لا يدخل إلا من فتحة صغيرة. كان يتم تقديم قرص خبز صغير فقط يومياً بطريقة مهينة، حيث يُركل من تحت الباب."

وأضاف خالد: "المياحي قضى ثلاثين يوماً في هذا الجحيم، بينما بقية السجناء لم تتجاوز مدة احتجازهم الانفرادي عشرين يوماً."

وضع الأسرة الحالي: قلق مستمر ومخاوف متزايدة

صهيب المياحي أكد أن أسرة محمد لا تزال تعيش في قلق بالغ بسبب استمرار اعتقاله وعدم السماح لهم بزيارته باستثناء زوجته، التي تلتقيه في ظروف قاسية.

دعوات للإفراج والمحاسبة

في ظل هذه الانتهاكات الجسيمة، ناشدت منظمات حقوقية محلية ودولية بضرورة الإفراج الفوري عن الصحفي محمد دبوان المياحي، ووقف الانتهاكات التي تستهدف حرية الصحافة وكرامة الإنسان.

ختام: الصحافة في قبضة القمع

قضية الصحفي محمد دبوان المياحي ليست مجرد حادثة اعتقال، بل هي نموذج صارخ للواقع الذي تعيشه حرية التعبير في اليمن. حيث أصبح الصحفيون هدفًا للقمع والترهيب، في محاولة لفرض صمت على الأصوات المطالبة بالعدالة والحرية.
اليوم، يقف العالم أمام اختبار أخلاقي: هل سيظل هؤلاء الانتهاكات تمر دون محاسبة؟ أم ستستمر الكلمة الحرة في الصمود ضد الطغيان؟
إن حرية الصحافة ليست امتيازًا يُمنح، بل حق أصيل يجب أن يُصان، واعتقال محمد دبوان لن يُسكت الكلمة الحرة، بل يزيدها صلابة.