الرئيسية - أخبار محلية - مصادرة بيت الرئيس عبد الفتاح إسماعيل: هل هكذا تكافئ الرموز الوطنية؟ (مقال رأي)

مصادرة بيت الرئيس عبد الفتاح إسماعيل: هل هكذا تكافئ الرموز الوطنية؟ (مقال رأي)

الساعة 05:47 مساءً



�نا عدن | مقالات
عادل الشجاع
سياسي يمني|

في زمن الردة السياسية والتاريخية، لا عجب أن يتحول الوطن إلى ساحة تصفية حسابات، ويصبح الشرفاء والمناضلون هدفا للإقصاء والنسيان، بينما يتربع على العرش من تعاونوا مع الاستعمار، وتحالفوا مع الرجعية، ورفعوا راية المستعمر مجددا بلبوس جديد، وآخر تجليات هذا الانحدار الأخلاقي والوطني، هو ما جرى ويجري مع بيت الرئيس عبد الفتاح إسماعيل، الرمز الوطني الكبير، والذي لا يزال مصادرا حتى اليوم، دون وجه حق، ودون احترام لتاريخ الرجل وتضحياته الجسام..

فهل يعقل أن يتحول بيت الرئيس الذي أفنى عمره في النضال من أجل الوطن، إلى غنيمة يتقاسمها الطارئون؟ هل من المنطق أو الأخلاق أن يحرم الورثة الشرعيون من حقهم في ملكية واضحة، فقط لأن رب هذا البيت هو عبد الفتاح إسماعيل؟ هذا الرجل لم يكن مسؤولا عاديا، بل كان في طليعة من قادوا حركة التحرر الوطني، وواجهوا الاستعمار البريطاني في الجنوب، والإمامة في الشمال، ووضعوا أسس دولة مدنية في جنوب الوطن، دولة لم تكن مثالية، لكنها كانت دولة مؤسسات، وسيادة قانون، وعدالة اجتماعية..

ما الذي فعله عبد الفتاح إسماعيل ليستحق هذا التنكر؟

هل لأنه طرد الاستعمار في الوقت الذي كان فيه أنصار الاستعمار يعملون وكلاء في خدمة المحتل؟
أم لأنه آمن بالوحدة الوطنية، ولم يقسم اليمن مناطقيا أو جهويا، ولم يدخل المليشيات إلى مؤسسات الدولة؟

إن ما يحدث اليوم هو جريمة مزدوجة،
جريمة ضد ورثة عبد الفتاح إسماعيل، الذين يحرمون من أبسط حقوقهم القانونية والإنسانية،
وجريمة ضد الذاكرة الوطنية، إذ تمحى رموز النضال وتستبدل بأصنام المناطقية ومليشيات العمالة..

ليس صدفة أن يتكامل مشروع النهب السياسي والذاكرة مع مشروع الحوثي في الشمال والانتقالي في الجنوب، كلاهما وجهان لعملة واحدة، يلتقيان عند هدف مشترك، هو طمس رموز الجمهورية، وتحطيم المشروع الوطني، ودفن التضحيات التي قدمت من أجل يمن حر ومستقل..

إنهم لا يملكون مشروعا وطنيا، ولذلك يخشون من يذكرهم به، لا يعرفون معنى التضحية، ولذلك يحتقرون من قدموا حياتهم لأجل الوطن..

نقولها بوضوح:
مصادرة بيت عبد الفتاح إسماعيل ليست مجرد قضية عقار، بل قضية كرامة وطنية، وامتحان حقيقي لكل من يدعي الانتماء إلى هذا الوطن،
فمن لا يحترم رموزه، لا يحق له أن يتحدث عن الوطنية،
ومن يصادر تاريخ المناضلين، سيصادر مستقبل الأجيال..

إن إعادة هذا البيت إلى أهله هي أقل القليل، لكنها أيضا بداية استعادة بعض من الشرف الوطني الذي يداس يوميا بأقدام الطامعين في السلطة والغارقين في مشاريع التبعية للخارج.