أذرع العليمي الفاسدة في تعز تشعل غضب الشارع وتدفع نحو ثورة ضد الجبايات والفساد

2025/10/03 الساعة 11:51 مساءً


د.غزوان طربوش 
تعيش محافظة تعز واحدة من أعقد مراحلها وأكثرها مأساوية، في ظل تجاهل مجلس القيادة الرئاسي لمعاناة أبنائها، الذين يرزحون منذ سنوات تحت وطأة الفساد والعبث وغياب الدولة. ورغم الأصوات المتصاعدة التي تطالب بالتغيير، إلا أن الصمت المستمر يهدد بانفجار شعبي واسع قد يتجلى في خروج جماهيري واعتصامات شاملة وإغلاق للمكاتب التنفيذية. ومع استمرار هذا التجاهل، تتصاعد التحذيرات من أن سقف المطالب لن يقف عند حدود الإصلاح الإداري، بل قد يتجاوزها إلى الدعوة الصريحة لرحيل قيادة المجلس الرئاسي والتحالف، باعتبارهما شركاء في التغطية على الفساد وإطالة أمد معاناة الناس.

في قلب هذا المشهد، يبرز اسم خالد عبد الجليل كأحد أبرز أذرع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في محافظة تعز، وكواجهة صريحة لمسار السلطة والجبايات الذي يخنق المحافظة. فمنذ بداياته السياسية وهو يتنقل بين الأحزاب بحثًا عن النفوذ والمصلحة؛ إذ بدأ مشواره في صفوف التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، مستلهمًا أفكار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ثم انتقل إلى المؤتمر الشعبي العام الذي شكّل لعقود التيار الأقوى في السلطة اليمنية، قبل أن يستقر في حزب الإصلاح. هذا التنقل لا يعكس مسارًا مبدئيًا بقدر ما يكشف عن براغماتية قائمة على الحسابات الشخصية والعلاقات الضيقة، وهو النمط ذاته الذي طبع كثيرًا من الشخصيات في المشهد السياسي اليمني.

اليوم يشغل عبد الجليل منصب وكيل محافظة تعز للشؤون المالية والإدارية، ويُطرح اسمه بقوة كمرشح لخلافة المحافظ نبيل شمسان بدعم مباشر من حزب الإصلاح. وهو ترشيح لا يعبّر عن كفاءة بقدر ما يعكس توجهًا لترسيخ الهيمنة الحزبية والسيطرة على الموارد والمفاصل الحيوية في المحافظة.

سمعة الرجل ارتبطت بملفات فساد وجبايات ضخمة، حيث تُوجّه له اتهامات بفرض أكبر إتاوات شهدتها تعز في تاريخها، وصلت حتى إلى البسطات الصغيرة في الأسواق الشعبية. هذه الجبايات الواسعة جعلته يكتسب لقب "الغول" لدى بعض معارضيه، في إشارة إلى نفوذه المالي والسياسي الممتد الذي يصعب على أي طرف أن يعارضه دون أن يتعرض لعواقب مباشرة. إن هذا التغوّل المالي والإداري لا يمثل مجرد فساد فردي، بل هو نموذج لهيمنة مصالح ضيقة على مقدرات محافظة أنهكتها الحرب والحصار.

أسلوبه الإداري يعكس نزعة تسلطية وهيمنة واضحة. ففي مايو 2023، استنكرت نقابة الموظفين المتعاقدين ما تعرض له رئيسها من اعتداء مباشر خلال اجتماع لمناقشة مطالب صرف الرواتب المتوقفة وتثبيت الموظفين. النقابة اعتبرت أن تصرف وكيل المحافظة جاء "بغير مسؤولية" وبتعمد الاستعلاء والتكبّر، وهو ما كشف عن طبيعة إدارته القائمة على القمع والتهديد بدلًا من الحوار والمسؤولية.

أما على المستوى الاجتماعي والسياسي، فإن نفوذ عبد الجليل يكشف حجم هشاشة المؤسسات المحلية وتغلغل مراكز القوى في مدينة تعز. فالمشهد في الحجرية – على سبيل المثال – يعكس واقعًا متناقضًا؛ إذ حُرم ثلاثة محافظين من أبناء المنطقة من التمكين رغم كفاءتهم، فيما يُمنح النفوذ لشخصيات ترتبط بتحالفات ضيقة ومصالح خاصة، مثل رشاد العليمي وخالد عبد الجليل. هؤلاء لا يمثلون أبناء منطقتهم بقدر ما يمثلون مصالحهم الذاتية وصفقاتهم مع حزب الإصلاح، ما يعكس اختلالًا عميقًا في بنية السلطة المحلية.

إن مسار خالد عبد الجليل ليس حالة فردية معزولة، بل يمثل نموذجًا متكاملًا لطبيعة إدارة السلطة في تعز. فالسلطة هنا لا تُمارَس كوسيلة لخدمة المجتمع أو لتحقيق العدالة والتنمية، بل تتحول إلى أداة للجبايات وتكريس النفوذ الشخصي. إنها سلطة تُدار من خلال الصفقات والتحالفات، في ظل غياب آليات الرقابة والمساءلة، ما يضعف ثقة المواطنين بالمؤسسات ويفتح الباب واسعًا أمام الاحتقان الشعبي والانفجار المحتمل.

يمكن القول إن خالد عبد الجليل يمثل رمزًا لتحالف المصالح الذي يغطي على الفساد ويعيد إنتاجه في أشكال متعددة. وهو تجسيد حيّ لعلاقة السلطة بالجبايات والهيمنة الحزبية التي تخنق تعز، وتحرم أبناءها من أبسط حقوقهم في العيش الكريم والتنمية العادلة. وإذا استمر تجاهل هذه الحقائق، فإن ثمن هذا التغاضي سيكون انفجارًا شعبيًا لن يبقي ولن يذر، وسيضع الجميع – من مجلس القيادة الرئاسي إلى التحالف – أمام مواجهة مباشرة مع الشارع الغاضب.