�نا عدن | متابعات
في مشهد يعكس هشاشة الدولة وتفكك مؤسساتها، يبرز اسم شهاب عبدالله علي هزاع، كنموذج صارخ لشخص تجاوز سلطة القضاء، واختبأ خلف الحماية السياسية والعسكرية، متحدياً ثلاثة محافظين، وأربعة أحكام قضائية، وكمّاً من الوثائق الرسمية التي تدينه بجرائم فساد واضحة. لكن الرجل لا يزال حراً طليقاً، ويمارس مهامه كمدير لفرع الأوقاف في مديرية المخا، بقرار مباشر من وزير الأوقاف "محمد عيضة شبيبة"، رغم أنه مدان قضائياً ومحكوم عليه بالسجن 7 سنوات، والعزل من الوظيفة العامة.
تفاصيل تكشف حقيقة الدولة المهترئة
20 فبراير/شباط 2014، أصدر محافظ محافظة تعز آنذاك، شوقي أحمد هائل، قراراً يقضي بتوقيف موظف يدعى شهاب عبدالله علي هزاع عن العمل، وكان حينها يشغل منصب نائب مدير مكتب الأوقاف لشؤون المديريات. جاء القرار في مذكرة رسمية حملت لهجة حازمة، ورد فيها: “لقد تقرر توقيفكم عن العمل حتى إشعار آخر”، وذلك نتيجة ما وصفته المذكرة بـ”الاختلالات والمخالفات” التي ارتكبها الموظف، وشملت ممارسات خارجة عن صلاحياته، تسببت بآثار قانونية سلبية على مصلحة العمل، وأدخلت مكتب الأوقاف والإرشاد في تعز في دوامة من الإشكاليات لا تزال قائمة حتى اليوم.
بعد أشهر قليلة، اندلعت الحرب في البلاد، وأدت إلى مغادرة المحافظ شوقي هائل لمنصبه، الأمر الذي استغله شهاب هزاع ليعود إلى واجهة العمل مجدداً، دون مساءلة، ليستأنف ممارساته التي وثّقتها لاحقاً تقارير رسمية ووثائق قضائية. وتشمل تلك الممارسات: اختلاس المال العام، تزوير أختام رسمية، والتصرف بأراضي الوقف وكأنها أراضٍ حرة، في تجاوز صارخ للقانون، وانتهاك سافر لمبادئ النزاهة والشفافية في إدارة المال العام.
وفي عام 2018، وبعد تولي الدكتور امين احمد محمود منصب محافظ محافظة تعز، صدر القرار الإداري رقم (47) للعام ذاته، والذي قضى بإيقاف هزاع عن العمل وإحالته إلى نيابة الأموال العامة، في خطوة بدت حينها كتصعيد جاد لمحاسبته قانونيًا.
وفي 4 يناير/كانون الثاني 2022، وجّه محافظ تعز الحالي، نبيل شمسان، مذكرة رسمية إلى رئيس نيابة الأموال العامة ومدير عام الشؤون القانونية في المحافظة، أشار فيها إلى أن شهاب هزاع لا يزال يمارس تجاوزات قانونية، أبرزها اختلاس المال العام باستخدام ختم مزور.
وجاء هذا التحرك بعد صدور حكم قضائي من محكمة الأموال العامة في تعز، يقضي بفصل هزاع من الوظيفة العامة وسجنه لمدة ثلاث سنوات. رغم ذلك، ظل المتهم خارج القضبان، يواصل نشاطه كأن شيئاً لم يكن، وسط غياب تام لتنفيذ الأحكام القضائية.
وعلى مدار أكثر من عقد، تعاقب على محافظة تعز ثلاثة محافظين، وعلى مكتب الأوقاف والإرشاد ثلاثة مديرين عموميين، جميعهم أجمعوا في مراسلاتهم وقراراتهم الرسمية التي اطلع عليها فريق إعداد التقرير، على تورط الموظف شهاب عبدالله علي هزاع في ممارسات فساد إداري ومالي متنوعة، من التزوير، إلى اختلاس المال العام، والتصرف غير المشروع في أراضي الوقف.
هذا التوافق النادر بين مسؤولي الدولة، رغم تغير المناصب والظروف السياسية، كان دافعًا رئيسيًا لفريق مركز الإعلام الحر - Free Media (فري ميديا) للصحافة الاستقصائية، لفتح هذا الملف وتتبع الوثائق وتحقيقات الجهات الرسمية، بهدف تقصي الحقيقة أمام الرأي العام، ووضع اليد على واحدة من القضايا التي تهدد المصلحة العامة وتعرقل جهود الإصلاحات الإدارية في مكتب الأوقاف والإرشاد في محافظة تعز.
المصدر | مركز الاعلام الحر