الرئيسية - تقارير - الأيادي الخفية للإمارات في الجزر اليمنية - سقطرى نموذجاً شهادات ووثائق سرية تكشف لإول مرة

دراسة وتحقيق استقصائي

الأيادي الخفية للإمارات في الجزر اليمنية - سقطرى نموذجاً شهادات ووثائق سرية تكشف لإول مرة

الساعة 04:32 صباحاً (هنا عدن/ خاص )

الأيادي الخفية للإمارات في الجزر اليمنية - سقطرى نموذجاً شهادات ووثائق سرية تكشف لإول مرة 
 
أصدر مركز هنا عدن للدراسات الاستراتيجية اليوم دارسة وتحقيق استقصائي سلط الضوء على {الأيادي الخفية للإمارات في الجزر اليمنية - سقطرى نموذجاً شهادات ووثائق سرية تكشف لإول مرة}
 استعرضت الدراسة الأجندة العسكرية: بناء القواعد وتجنيد الولاءات والأبعاد الجيوسياسية: سقطرى في مرمى الصراع الإقليمي والدولي والسيطرة الاجتماعية والثقافية: تدمير النسيج المجتمعي
وانتهاكات حقوق الإنسان والاستغلال الاقتصادي: نهب الثروات وتغيير التركيبةالاقتصادية 
واشارت الدراسة ان ما تم في سقطرى لم يكن دعمًا، ولا تنمية، ولا إخاءً عربيًّا. كانمشروعًا واضحًا للهيمنة، جرى تمريره بواجهات مخادعة، واستخدمأدوات ظاهرها الرحمة وباطنها الاحتلال. وما من وثيقة كُشفت، ولا عقدوُقّع، إلا ويحمل خيطًا من خيوط التآمر على الأرض والناس.
 
يجب أن يعرف الشعب اليمني أن سقطرى ليست مجرد جزيرة... إنهابوابة استراتيجية، وثروة وطنية، ومفتاح لمستقبل الملاحة والسيادة فيجنوب البلاد. والتفريط بها تفريط بالكرامة، والسكوت على احتلالهاسكوت عن جريمة.
 
ولن يطول الزمان حتى يُفتح هذا الملف على مصراعيه، ليُحاسب فيهكل من خان، وصمت، وشارك، وغضّ الطرف. فالشعوب الحية لاتنسى، والتاريخ لا يُغلق دفاتره.
وسيعلم الذين عبثوا بسقطرى، من فوق الأرض وتحتها، أن الأرض لاتُباع، وأن الرمل لا يُهدى، وأن الجزر لا تُهندس لخدمة أجندة الكيانالصهيوني ولا لخدمة مشاريع أبوظبي المشبوهة.
هذا التحقيق الاستقصائي، المبني على وثائق مسربة ومعلومات موثقة،يكشف الستار عن الدور القذر الذي تلعبه الإمارات في سقطرى،وكيف تستغل الظروف الهشة لليمن لنهب سيادته ومقدراته.
لطالما كانت سقطرى، بأرخبيلها الفريد وتنوعها البيولوجي النادر،محط أنظار القوى الطامعة. موقعها الاستراتيجي عند تقاطع طرقالملاحة الدولية في المحيط الهندي، يجعلها نقطة ارتكاز حيوية للسيطرةعلى الممرات المائية الحيوية. 
مع اندلاع الحرب في اليمن، وجدت الإمارات ضالتها في هذه الجزيرةالمعزولة، لتبدأ في تنفيذ مخططها التوسعي تحت غطاء المساعداتالإنسانية والمشاريع التنموية. 
لكن الحقيقة، كما تكشفها هذه الوثائق، أبعد ما تكون عن العملالخيري، وأقرب ما تكون إلى الاحتلال الناعم.
وتناول التحقيق بالتفصيل كيف استخدم الهلال الأحمرالإماراتي كواجهة لتنفيذ مشاريع ذات طابع عسكري وأمني، وكيف تمتجنيد أبناء الجزيرة في قوات موالية لأبوظبي، وكيف سعت الإماراتللسيطرة على البنية التحتية الحيوية للجزيرة. كما سيسلط الضوء علىالأبعاد الجيوسياسية لهذا الدور، بما في ذلك التقارير التي تتحدثعن تعاون إماراتي إسرائيلي في سقطرى .
هذا التحقيق هو محاولة لكشف الحقيقة، وفضح الأيادي الخفية التيتعبث بمستقبل اليمن وسيادته.
 
نص التقرير 
ا
المقدمة
في خضم المشهد المفكك الذي تعيشه اليمن،بعد حرب استمرت لسبع سنوات بقيادة التحالف السعودي الاماراتي تبرز جزيرة سقطرى، جوهرة المحيط الهندي، كساحة خلفية لمؤامرة جيوسياسية معقدة، تتجاوز بكثير الأهداف المعلنة للتدخل الإقليمي.
 
فبينما تتحدث دولة الإمارات العربية المتحدة عن دعم إنساني وتنموي لليمن، تكشف وثائق سرية وتحقيقات معمقة عن أجندة خفية، سعت من خلالها أبوظبي إلى فرض سيطرة كاملة على هذه الجزر الاستراتيجية، وتحويلها إلى قواعد عسكرية وأمنية تخدم مصالحها التوسعية، بل ومصالح قوى إقليمية أخرى.
هذا التحقيق الاستقصائي، المبني على وثائق مسربة ومعلومات موثقة، يكشف الستار عن الدور القذر الذي تلعبه الإمارات في سقطرى، وكيف تستغل الظروف الهشة لليمن لنهب سيادته ومقدراته.
لطالما كانت سقطرى، بأرخبيلها الفريد وتنوعها البيولوجي النادر، محط أنظار القوى الطامعة. موقعها الاستراتيجي عند تقاطع طرق الملاحة الدولية في المحيط الهندي، يجعلها نقطة ارتكاز حيوية للسيطرة على الممرات المائية الحيوية.
مع اندلاع الحرب في اليمن، وجدت الإمارات ضالتها في هذه الجزيرة المعزولة، لتبدأ في تنفيذ مخططها التوسعي تحت غطاء المساعدات الإنسانية والمشاريع التنموية.
لكن الحقيقة، كما تكشفها هذه الوثائق، أبعد ما تكون عن العمل الخيري، وأقرب ما تكون إلى الاحتلال الناعم.
سيتناول هذا التحقيق بالتفصيل كيف استخدم الهلال الأحمر الإماراتي كواجهة لتنفيذ مشاريع ذات طابع عسكري وأمني، وكيف تم تجنيد أبناء الجزيرة في قوات موالية لأبوظبي، وكيف سعت الإمارات للسيطرة على البنية التحتية الحيوية للجزيرة. كما سيسلط الضوء على الأبعاد الجيوسياسية لهذا الدور، بما في ذلك التقارير التي تتحدث عن تعاون إماراتي إسرائيلي في سقطرى .
هذا التحقيق هو محاولة لكشف الحقيقة، وفضح الأيادي الخفية التي تعبث بمستقبل اليمن وسيادته.
 
 
تحت غطاء الهلال الأحمر سيطرت الإمارات على سقطرى
لطالما ارتبط اسم الهلال الأحمر الإماراتي بالعمل الإنساني والإغاثي، لكن الوثائق المسربة تكشف عن وجه آخر لهذه المنظمة، وجه يرتدي قناع العمل الخيري ليخفي وراءه أجندة عسكرية وأمنية توسعية في الجزر اليمنية، وتحديداً في سقطرى.
هذه الوثائق، المرفقة التي بين أيدينا، تقدم دليلاً دامغاً على أن الهلال الأحمر الإماراتي لم يكن مجرد منظمة إغاثية، بل كان أداة رئيسية في تنفيذ مخطط أبوظبي للسيطرة على الجزيرة. 
تظهر الوثيقة رقم 1، وهي عقد ترميم وصيانة لمعسكر اللواء الأول مشاة بحري في سقطرى، أن الهلال الأحمر الإماراتي هو "الطرف الأول" في هذا العقد، بقيمة إجمالية تبلغ 900,555 ريال سعودي.
إن ترميم معسكر عسكري، مهما كانت طبيعته، لا يقع ضمن مهام منظمة إنسانية. هذا يثير تساؤلات جدية حول طبيعة الدور الذي يلعبه الهلال الأحمر الإماراتي حتى اليوم
فالتحكم الكامل في المشروع، بما في ذلك الموافقة على أي زيادة في التكاليف، منح الهلال الأحمر الإماراتي سيطرة مطلقة تتجاوز مجرد الإشراف على مشروع إنساني.  
إن الإشارة إلى أن الطرف الثاني (المنفذ) قد اطلع على موقع المشروع وتأكد من تفاصيله، يوحي بوجود معرفة مسبقة بالمنطقة، مما يعزز فكرة أن هذا المشروع ليس وليد الصدفة، وانما هو جزء من خطة أكبر.
تتعمق الوثيقة رقم 2 في تفاصيل هذا العقد، وتكشف عن بنود صارمة تمنح الهلال الأحمر الإماراتي سيطرة غير مسبوقة على الطرف المنفذ. فالبند (9) يحمل الطرف الثاني مسؤولية حفظ النظام في موقع العمل، وتعويض عن أي أضرار تلحق بالمشروع
هذا البند، بالإضافة إلى البند (10) الذي يمنع الطرف الثاني من التنازل عن العقد أو إسناد الأعمال لمقاولين من الباطن دون موافقة كتابية، والبند (13) الذي يمنح الهلال الأحمر الإماراتي الحق في سحب العمل دون إنذار، كلها تؤكد على أن العلاقة ليست مجرد علاقة تعاقدية عادية، بقدر ماهي علاقة سيطرة وهيمنة.  
لكن الصدمة الحقيقية تأتي مع الوثيقة رقم 3، وهي عقد بناء مقر للاستخبارات في قلنسية بسقطرى، بقيمة 600,700 ريال سعودي. هذا العقد هو دليل قاطع على أن الأنشطة الإماراتية في سقطرى كانت ومازالت ذات طابع أمني وعسكري بحت. بناء مقر للاستخبارات لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال كعمل إنساني أو تنموي.
إنه يكشف عن الأهداف الحقيقية لأبوظبي في الجزيرة، وهي أهداف تتمركز حول جمع المعلومات، ومراقبة التحركات، وتأمين المصالح الاستراتيجية. 
إن تكرار نفس الشروط الصارمة للتحكم من قبل الهلال الأحمر الإماراتي في هذا العقد، يؤكد على نمط ثابت من السيطرة والهيمنة على المشاريع في الجزيرة. 
تكملة بنود هذا العقد في الوثيقة رقم 4، والتي تتحدث عن تفاصيل الدفعات والغرامات الصارمة على التأخير، تعزز فكرة السيطرة المالية والإدارية المطلقة للهلال الأحمر الإماراتي.
البند (6) الذي يجبر الطرف الثاني على التنازل عن أي مطالبات مستقبلية، والبند (7) الذي يفرض غرامات باهظة على التأخير، يظهران مدى إحكام الإمارات قبضتها على هذه المشاريع.
إن الإشارة إلى التزام العقد للجهات المعنية بجمهورية اليمن في البند (8) تبدو متناقضة مع طبيعة المشروع (مقر استخبارات) ومع مستوى السيطرة الإماراتية، مما قد يشير إلى محاولة لإضفاء الشرعية على أنشطة غير مشروعة، أو لتضليل الرأي العام 
إن هذه الوثائق، مجتمعة، ترسم صورة واضحة للهلال الأحمر الإماراتي كواجهة لأنشطة عسكرية وأمنية في سقطرى
كما أن استخدام منظمة إنسانية كغطاء لمثل هذه الأنشطة هو انتهاك صارخ للمبادئ الإنسانية، ويشكل استغلالاً بشعاً للوضع الإنساني المتردي في اليمن لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية توسعية. مثل هذا الدور المشبوه للهلال الأحمر الإماراتي يستدعي تحقيقاً دولياً ومحاسبة للمسؤولين عنه.
 
 
 
الأجندة العسكرية: بناء القواعد وتجنيد الولاءات
لم يقتصر الدور الإماراتي في سقطرى على ترميم معسكرات وبناء مقار استخباراتية فحسب، بل امتد ليشمل أجندة عسكرية متكاملة تهدف إلى ترسيخ الوجود العسكري الإماراتي في الجزيرة، وبناء قوات موالية لها، والسيطرة على البنية التحتية الحيوية. الوثائق المسربة، بالإضافة إلى نتائج البحث المفتوح، تكشف عن تفاصيل هذه الأجندة الخطيرة.
تُظهر الوثيقة رقم 6، وهي قائمة بالعقود، معلومات صادمة تؤكد الطبيعة العسكرية للوجود الإماراتي. فبالإضافة إلى عقد بناء مقر للاستخبارات وعقد ترميم معسكر اللواء الأول مشاة بحري، تكشف الوثيقة عن عقدين آخرين في غاية الأهمية: عقد بناء سجن مؤقت في قلنسية، وعقد بناء مقر الخبراء العسكريين وآخر للقيادة ومقر الإدارة الخاص بالقائد وتهيئة مساحة من الأرض 600 في 600 متر.
هذه العقود هي بمثابة اعتراف صريح بالأهداف العسكرية والأمنية للإمارات بناء سجن مؤقت يشير إلى وجود عمليات اعتقال واحتجاز، وهو ما يتأكد لاحقاً في الوثائق الأخرى.
.تأتي الوثيقتان رقم 5 و 7، وهما قائمتان بمنجزات الهلال الأحمر الإماراتي  لتكشف عن تفاصيل أكثر حول هذه الأجندة العسكرية. فبينما تتضمن القائمتان بعض المشاريع الإنسانية الظاهرية، إلا أنهما تزخران بمشاريع ذات طابع عسكري وأمني بحت.
من أبرز هذه المنجزات:بناء مرسى قوارب في عبدكوري: على الرغم من أنه قد يبدو مشروعاً تنموياً، إلا أن بناء مرسى للقوارب يمكن أن يخدم أغراضاً عسكرية ولوجستية، خاصة في جزيرة ذات أهمية استراتيجية مثل سقطرى.•تهيئة مساحة من الأرض 600 في 600 متر لأغراض التدريب: هذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته 600,000 ريال سعودي، يؤكد وجود أنشطة تدريب عسكرية واسعة النطاق في الجزيرة. كما أن هذه المساحة الكبيرة لا يمكن تبريرها بأي نشاط إنساني أو تنموي
علاوة على ذلك عملت الامارات على دعم عمليات عسكرية للسيطرة على مطار سقطرى أمنياً وإدارياً بعد ذرد قوات الشرعية من الجزيرة هذا البند، الذي تبلغ تكلفته 12,000,000 ريال سعودي، هو الأكثر صراحة ووضوحاً. فقد كشف عن دعم مباشر لعمليات عسكرية هدفت إلى السيطرة على المطار، وهو ما يؤكد أن الإمارات استخدمت القوة العسكرية لفرض سيطرتها على البنية التحتية الحيوية في الجزيرة بحيث لم يعد اليوم هناك اي تواجد لاي قوات تتبع الشرعية
لقد تمكنت الامارات من السيطرة على حركة الدخول والخروج من الجزيرة، وبالتالي التحكم الكامل في مواردها وأمنها.•
 
تكشف الوثائق ان الامارات بعد ان احكمت سيطرتها على مطار سقطرى قامت ببناء مقر خاص في القاعدة الجوية بجوار المطار: هذا المشروع، الذي بلغت تكلفته 80,800 ريال سعودي، يؤكد على بناء منشآت عسكرية دائمة بجوار المطار، مما يعزز فكرة تحويل المطار إلى قاعدة عسكرية إماراتية.•
اضافة الى تسجيل عدد 5000 مجند من أبناء الجزيرة ضمن قوات الإمارات براتب 500 درهم إماراتي.وهذا البند، الذي بلغت تكلفته 2,500,000 ريال سعودي، هو دليل قاطع على استراتيجية الإمارات التي بدأت ببناء جيش موازٍ أو قوات موالية لها من أبناء سقطرى وقوات انفصالية
 
إنشاء قوات عسكرية تحت اسم "القوات الخاصة"
هذا البند، الذي تبلغ تكلفته 900,000 ريال سعودي، يؤكد بشكل لا يدع مجالاً للشك أن الإمارات قامت بإنشاء قوات عسكرية خاصة بها في سقطرى.  
هذه القوات، التي تعمل خارج إطار الدولة اليمنية الشرعية،، وساهمت في تفكيك المؤسسات الأمنية اليمنية.•
تكشف الوثائق ان المرحلة الأولى من إنشاء القاعدة العسكرية بدات بنقل المعدات من أبوظبي إلى سقطرى: هذا البند يؤكد أن الإمارات خططت لإنشاء قاعدة عسكرية متكاملة في سقطرى
ثم بدأت بالفعل في نقل المعدات اللازمة من أبوظبي. 
و هذا يوضح أن الأجندة العسكرية الإماراتية في سقطرى ليست مجرد تكهنات، بل هي حقيقة ملموسة.•
تثبت الوثائق انه تم تنفيذ المشروع على مرحلتين عملية إنزال بحري في شواطئ "سقطرى" اشتملت على معدات عسكرية وأخرى خاصة بالأعمال الإنشائية: هذا البند، الذي تبلغ تكلفته 98,000 ريال سعودي، هو دليل آخر على الطبيعة العسكرية الصرفة للوجود الإماراتي. عمليات الإنزال البحري، ونقل المعدات العسكرية، كلها مؤشرات على أن الإمارات استخدمت القوة لفرض سيطرتها على الجزيرة.
هذه الأنشطة العسكرية، التي تتم تحت غطاء الهلال الأحمر الإماراتي، كما تكشف الوثائق مهدت  إلى تحويل سقطرى إلى قاعدة عسكرية إماراتية، تخدم مصالح أبوظبي الاستراتيجية في المنطقة
الأبعاد الجيوسياسية: سقطرى في مرمى الصراع الإقليمي والدولي
تتجاوز الأطماع الإماراتية في سقطرى مجرد السيطرة العسكرية والاقتصادية، لتشمل أبعاداً جيوسياسية أعمق، تضع الجزيرة في قلب صراع إقليمي ودولي معقد. فالوثائق المسربة، بالإضافة إلى التقارير الإعلامية والتحليلات الاستراتيجية، تكشف عن محاولات إماراتية حثيثة لتحويل سقطرى إلى نقطة ارتكاز استراتيجية تخدم مصالحها ومصالح حلفائها، بما في ذلك إسرائيل.
تؤكد الوثيقة رقم 12، وهي ملخص للإنجازات والخطط المستقبلية، على هذه الأبعاد الجيوسياسية.
فمن بين النقاط المذكورة، نجد "إجراء الفريق الأمريكي الخاص المسح الجوي للجزيرة"،هذه النقاط تكشف عن وجود لاعبين دوليين وإقليميين آخرين في المشهد السقطري، وتؤكد أن الإمارات تستخدم الجزيرة كساحة لتصفية حساباتها مع خصومها الإقليميين، وتخدم مصالح حلفائها الدوليين، مثل الولايات المتحدة واسرائيل . 
لكن الأخطر من ذلك، هو ما تكشفه العديد من التقارير الإعلامية والتحليلات الاستراتيجية حول وجود تعاون إماراتي إسرائيلي في سقطرى. فالمصادر المتعددة تتحدثت عن تعاون اماراتي اسرائيلي في عمل  قاعدة مشتركة مع إسرائيل في سقطرى، بهدف إقامة مرافق استخباراتية وقواعد تجسس.
وهذه التقارير، التي تتوافق مع ما كشفته الوثائق المسربة حول بناء مقار للاستخبارات ومقار للخبراء العسكريين، تشير إلى أن سقطرى قد تحولت بالفعل إلى مركز إقليمي للتجسس والمراقبة، يخدم مصالح إسرائيل في المنطقة
يُعد موقع سقطرى الاستراتيجي، عند تقاطع طرق الملاحة الدولية في المحيط الهندي، عاملاً رئيسياً في جذب الاهتمام الإسرائيلي. فالسيطرة على هذه الجزيرة تمنح إسرائيل قدرة على مراقبة حركة الملاحة في مضيق باب المندب وخليج عدن، وهو ما يخدم مصالحها الأمنية والاقتصادية.
إن هذا التعاون الإماراتي الإسرائيلي في سقطرى يمثل تهديداً خطيراً لأمن الملاحة الدولية، ويساهم في تصعيد التوترات في المنطقة، ويضع سقطرى في مرمى الصراع الإقليمي والدولي
كما ان هذا الدور الإماراتي، في تحويل سقطرى إلى قاعدة عسكرية واستخباراتية تخدم مصالحها ومصالح حلفائها، يمثل انتهاكاً صارخاً لسيادة اليمن، وساهم في تفكيك الدولة اليمنية استغلال الوضع الهش في اليمن، وتوريط الجزيرة في صراعات إقليمية ودولية، هو عمل غير مسؤول، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في وقف هذه الأطماع، وحماية سيادة اليمن، والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.[1]
 
السيطرة الاجتماعية والثقافية: تدمير النسيج المجتمعي
 
لم تكتفِ الإمارات بالسيطرة العسكرية والاقتصادية على سقطرى، وانما امتدت أطماعها لتشمل النسيج الاجتماعي والثقافي للجزيرة، في محاولة لتدمير الهوية السقطرية ودمجها قسراً في النفوذ الإماراتي.
الوثائق المسربة كشفت عن استراتيجيات خبيثة هدفت إلى بناء الولاءات وتغيير التركيبة الديموغرافية للجزيرة 
تعد الوثيقة رقم 9، التي تتناول "المهام القادمة ومقترحات مستقبلية"، الأكثر إدانة في هذا السياق. فبالإضافة إلى تأكيد بناء المعسكرات والسجون وعمليات التدريب والاستقطاب، تكشف الوثيقة عن خطة لـ "زواج العدد الذي تقترحونه من الضباط والقادة الإماراتيين ببنات مشايخ ووجهاء سقطرى".وهذا ماحدث. لاحقا
هذه الاستراتيجية، التي تبدو للوهلة الأولى مجرد مبادرة اجتماعية، هي في حقيقتها محاولة واضحة لتوثيق العلاقات وبناء نفوذ اجتماعي وسياسي عبر المصاهرة.لكنها محاولة لدمج سقطرى في النسيج الاجتماعي الإماراتي، وتغيير التركيبة الديموغرافية للجزيرة، وتفكيك الروابط الأسرية والقبلية التي تشكل أساس المجتمع السقطري. وهذا يمثل انتهاكاً صارخاً للقيم والأعراف اليمنية، ومحاولة لفرض ثقافة دخيلة على مجتمع محافظ 
 
كما تكشف الوثيقة رقم 9 عن اقتراح ضم أسماء معينة إلى "التابعين"، وهم شخصيات سقطرية "ثبت لدينا تقديرهم للإمارات، ورغبتهم في الانضواء". هذه الاستراتيجية تهدف إلى بناء شبكة من الولاءات داخل الجزيرة، من خلال استقطاب الشخصيات المؤثرة، وتوظيفها لخدمة الأجندة الإماراتية. هذا يتوافق مع ما ورد في الوثيقتين رقم 5 و 7 حول "مكرمات لعدد 18 من القيادات ومشايخ القبائل"، و"مكرمة للعقيد الركن محمد علي الصوفي قائد اللواء أول بحري بسقطرى".
 
 
إن تقديم الدعم المالي والعيني لهذه الشخصيات هو وسيلة لشراء الولاءات، وتفكيك الوحدة الوطنية، وخلق طبقة موالية للإمارات داخل الجزيرة.بالإضافة إلى ذلك، تكشف الوثيقة رقم 9 عن خطة لـ "إنشاء الفرق الإعلامية الخاصة من أبناء الأرخبيل مع الإشارة إلى تدريبهم على التعامل مع الإعلام كون الأغلبية غير متخصصين في الإعلام" 
وهي خطوة تهدف إلى السيطرة على الرواية الإعلامية في الجزيرة، ونشر الدعاية الإماراتية، وتشويه الحقائق، وقمع أي أصوات معارضة.لقد عملت الامارات منذ سيطرتها على الجزيرة على غسل أدمغة أبناء الجزيرة، وتغيير وعيهم، وجعلهم يتقبلون الوجود الإماراتي كأمر واقع.
 
كما أن هذه الاستراتيجيات، التي تستهدف النسيج الاجتماعي والثقافي لسقطرى، هي جزء لا يتجزأ من المخطط الإماراتي الشامل للسيطرة على الجزيرة وهو واقع نشهده اليوم حيث باتت الامارات تسيطر على الجزيرة بشكل كامل .بعد ان قامت بتدمير الهوية السقطرية، وتفكيك الروابط الاجتماعية، وبناء مجتمع موالٍ لها
 
انتهاكات حقوق الإنسان
 
السجون السرية والاعتقالات التعسفيةفي خضم الأطماع الإماراتية في سقطرى، تبرز فصول مظلمة من انتهاكات حقوق الإنسان، تكشف عن وجه قمعي للوجود الإماراتي في الجزيرة. فبينما تتحدث أبوظبي عن مشاريع تنموية وإنسانية، تكشف الوثائق المسربة عن وجود سجون سرية واعتقالات تعسفية، تستهدف أبناء الجزيرة الرافضين للسيطرة الإماراتية. 
تواصلنا مع شخص يدعى (ق ع) من ابناء جزيرة سقطرى قال : أبي كان يعمل مدرسًا في إحدى مدارس سقطرى. كان معروفًا بحبه للجزيرة واهتمامه باللغة والتاريخ.
في أحد الأيام من عام 2021، اقتادته قوة عسكرية من منزله. لم يكن لدينا علم بأي تهمة. لم يكن يحمل سلاحًا، ولم يكن ينتمي لأي حزب.
سألنا الهلال الأحمر الإماراتي – لأنهم الجهة الوحيدة التي صارت تتحكم في كل شيء هنا – فقالوا إنهم لا يعرفون شيئًا.
ذهبنا إلى مقر القوات، قالوا لنا: لا تسألوا كثيرًا
حتى اللحظة، لا نعلم أين هو. لم نسمع صوته منذ أكثر من اربع سنوات لا رسالة، لا زيارة، لا معلومة واحدة.وهناك كثيرين مختفين لا احد يعرف عنهم شيئا
 
 
تؤكد الوثيقة رقم 6، وهي قائمة العقود، وجود "عقد بناء سجن مؤقت في قلنسية". هذا العقد، الذي يبدو بريئاً للوهلة الأولى، هو في الحقيقة مؤشر خطير على أن الإمارات تمارس عمليات اعتقال واحتجاز خارج إطار القانون اليمني بعد ان تمكنت من تفكيك المؤسسات الشرعية للدولة اليمنية
كما أن بناء سجن مؤقت يعني أن هناك حاجة ملحة لاحتجاز أعداد من الأشخاص، وهو ما يتناقض مع أي ادعاءات بالعمل الإنساني أو التنموي
 
لكن الوثيقة رقم 11، التي تتناول "النتائج العامة والتحديات الأمنية"، هي الأكثر صراحة وإدانة في هذا السياق. ففي قسم "السجن الخاص"، تكشف الوثيقة عن معلومات صادمة: "بني السجن الخاص في قلنسية كي يكون في منأى وتحت التصرف وقد احتجز في المقر عدد 14 من السكان العاديين و 3 مشايخ ومدير كهرباء سقطرى والذي أودعناه السجن بسبب قطعه التيار عن المستشفى.. وعدد 9 من قيادات الإخوان في سقطرى".
هذه المعلومات تؤكد بشكل لا يدع مجالاً للشك أن الإمارات تقوم بعمليات اعتقال تعسفية في سقطرى، وتستخدم السجون السرية لاحتجاز المعارضين لنفوذها. إن احتجاز "سكان عاديين" و"مشايخ" و"مدير كهرباء" و"قيادات الإخوان"، يدل على أن الإمارات تستهدف كل من يقف في وجه مخططاتها، سواء كانوا مدنيين أو شخصيات مؤثرة أو سياسيين.
كما أن تبرير اعتقال مدير الكهرباء بـ "قطعه التيار عن المستشفى" هو تبرير واهٍ، ويشير إلى أن الإمارات تستخدم أي ذريعة لاحتجاز من يعارضها.
اضافة لذلك فإن اعتقال "قيادات الإخوان" يدل على أن الإمارات تستهدف أي تيار سياسي لا يتماشى مع أجندتها، مما يؤكد الطبيعة القمعية للوجود الإماراتي في الجزيرة.
مثل هذه الاعتقالات التعسفية، التي تتم خارج إطار القانون، تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، وتساهم في خلق حالة من الخوف والقمع في الجزيرة.
كما أن وجود سجون سرية واعتقالات تعسفية في سقطرى، يكشف عن وجه قبيح للوجود الإماراتي، وجه يتناقض تماماً مع أي ادعاءات بالعمل الإنساني أو التنموي.
 
الاستغلال الاقتصادي: نهب الثروات وتغيير التركيبة الاقتصادية 
لم يقتصر الدور الإماراتي في سقطرى على الأبعاد العسكرية والأمنية والاجتماعية فحسب، بل امتد ليشمل استغلالاً اقتصادياً ممنهجاً لثروات الجزيرة، ومحاولة لتغيير تركيبتها الاقتصادية بما يخدم المصالح الإماراتية. فبينما تروج أبوظبي لمشاريع تنموية، تكشف الوثائق المسربة والتحقيقات عن أجندة خفية تهدف إلى نهب الموارد الطبيعية، والسيطرة على القطاعات الاقتصادية الحيوية.تظهر الوثيقتان رقم 5 و 7، وهما قائمتان بمنجزات الهلال الأحمر الإماراتي، بعض المشاريع التي تبدو تنموية، لكنها في حقيقتها تخدم الأهداف الاقتصادية الإماراتية. على سبيل المثال، "بناء مرسى قوارب في عبدكوري"، والذي قد يخدم أغراضاً مدنية، يمكن أيضاً أن يسهل حركة السفن الإماراتية التجارية والعسكرية.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
حاولنا في هذا التحقيق التواصل مع العديد من الصيادين لكن خوفهم منعهم من الادلاء لنا بتصريح رغم تأكيدنا بعدم ذكر اسماءهم حفاظا على حياتهم
لكننا تمكنا من اقناع (ع. ص)  وهو صياد. من سكان جزيرة سقطرى يقول  "كنت أخرج إلى البحر منذ كنت في العاشرة، أعرف تياراته، وأحترم مواعيده. لكن الأمور تغيّرت فجأة..منذ 2018، بدأوا يمنعوننا من الصيد في بعض المناطق. يقولون لنا: هذه منطقة عسكرية! نُسحب من البحر كأننا لصوص.وحددوا لنا مناطق نصطاد فيها مناطق ليس فيها اسماك ويمنعونا من التوغل اكثر في المناطق التي كنا نذهب لها ..ويضيف في يوم من الأيام، أوقفني زورق إماراتي  صرخوا بي، ثم فتشوا مركبي، وصادروا الشباك..وتم اعتقالي في حبس انفرادي لستة شهور
 
سفن صيد عملاقة تجرف الشعب المرجانية
 
أما الصياد (س. م)  يقول في السنوات الأخيرة، لم نعد نخرج للصيد إلا ويقابلنا مشهد مخيف: سفن ضخمة، لا تحمل علماً يمنياً، تقف بعيدًا في عرض البحر، تشتغل ليلًا ونهارًا أحيانًا نقترب منها، فنرى أذرعًا ميكانيكية ضخمة تجرف كل شيء: سمك، روبيان، وحتى الشعب المرجانية نفسها تُقتلع من الأعماق...هؤلاء معهم كل شيء: رادارات، غواصات، وآلات شفط لا تترك شيئًا في البحر...سألنا بعض البحّارة، قالوا إن السفن تابعة لشركات أجنبية، لكنها تعمل بتصاريح من الإمارات، وبعضها يتبع رجال أعمال من أوروبا وآسيا، متعاقدين مع أبوظبي...واضاف رأيت مرة حاويات مبردة تُحمَّل على سفينة باسم شركة إماراتية، قيل لنا إنها ذاهبة إلى ميناء جبل علي. كل السمك الجيد يذهب هناك، ولا نراه في الأسواق.والكارثة؟ لا أحد يعوّضنا. لا تعويض للصيادين، لا حماية للبيئة...البحر صار لهم... ولنا الصمت
نحن لا نريد شيئًا غير رزقنا من البحر. لم نعد نثق في الهلال الأحمر، ولا في المشاريع التي يزعمون أنها إنسانية."
 
 
كما أن "دعم افتتاح شركة طيران 'روتانا' لإقامة رحلات أسبوعية من أبوظبي إلى سقطرى"، يخدم المصالح الاقتصادية والسياحية الإماراتية بشكل مباشر، ويسهل حركة الأفراد والبضائع بين الإمارات وسقطرى، مما يعزز الاعتماد الاقتصادي للجزيرة على أبوظبي.
لكن الأخطر من ذلك، هو ما تكشفه الوثيقة رقم 7 حول "شراء أراضي ومساحات بالمساحل بالقرب من الميناء" بتكلفة 9,000,000 ريال سعودي. هذا المبلغ الضخم لشراء أراضٍ استراتيجية بالقرب من الميناء يؤكد الأهداف التوسعية والسيطرة على البنية التحتية الحيوية في الجزيرة. إن السيطرة على الأراضي الساحلية، وخاصة بالقرب من الموانئ، تمنح الإمارات نفوذاً كبيراً على الأنشطة التجارية والبحرية في الجزيرة، وتفتح الباب أمام مشاريع استثمارية ضخمة تخدم المصالح الإماراتية على حساب المصالح المحلية.
 
 
تتحدث بعض التقارير الإعلامية عن مشروع إماراتي جديد يحمل اسم "مستر بلان"، تقول أبوظبي إنه خطة طموحة للتنمية الحضرية والتخطيط العمراني في سقطرى
لكن هذا المشروع، إذا ما تم تنفيذه، قد يؤدي إلى تغيير ديموغرافي واقتصادي كبير في الجزيرة، حيث يتم تهجير السكان الأصليين، والاستيلاء على أراضيهم، وتحويل الجزيرة إلى وجهة سياحية واستثمارية تخدم الأثرياء الإماراتيين، على حساب السكان المحليين الذين يعتمدون على الصيد والزراعة. 
إن استغلال الثروات السمكية في سقطرى، والتي تعد مصدراً رئيسياً للدخل للسكان المحليين، هو جانب آخر من جوانب الاستغلال الاقتصادي.فبينما تروج الإمارات لمشاريع دعم الصيادين، إلا أن السيطرة على الموانئ، وتوجيه الأنشطة الاقتصادية، قد يؤدي إلى احتكار الثروات السمكية، وحرمان السكان المحليين من حقوقهم في هذه الثروات. هذا يتوافق مع ما ورد في الوثيقة رقم 7 حول "توزيع 300 برميل ديزل على الصيادين"، والذي قد يكون مجرد غطاء لعمليات أكبر تهدف إلى السيطرة على قطاع الصيد.
 
إن هذا الاستغلال الاقتصادي، الذي يتم تحت غطاء المشاريع التنموية، يهدف إلى تغيير التركيبة الاقتصادية لسقطرى، وتحويلها إلى جزيرة تابعة اقتصادياً للإمارات. هذا يهدد استقلالية الجزيرة، ويساهم في تهميش السكان المحليين، وحرمانهم من حقوقهم في ثرواتهم الطبيعية. إن هذه الممارسات هي انتهاك صارخ للقوانين الدولية، وتساهم في زعزعة استقرار الجزيرة، وتدمير النسيج الاجتماعي
 
 
تحقيق دولي لمحاسبة الإمارات
 
تشير الوثائق التي استعرضها هذا التحقيق إلى نمط ثابت من الأنشطة التي تقودها دولة الإمارات في جزيرة سقطرى، تحت مظلة العمل الإنساني، ممثلاً في منظمة الهلال الأحمر الإماراتي. لكن تحليل العقود والمستندات الرسمية، إلى جانب شهادات ميدانية، يكشف عن استخدام هذا الغطاء لتوسيع النفوذ العسكري، وإعادة تشكيل البنية الأمنية والاجتماعية والاقتصادية للجزيرة.
 
وقد ظهر جليًا، من خلال البنود التعاقدية ومواقع المشاريع، أن الدور الإغاثي كان في كثير من الأحيان مجرّد واجهة لأجندة أكثر تعقيدًا، تشمل بناء سجون مؤقتة، مقار استخباراتية، إنشاء وحدات عسكرية موالية، وشراء مساحات استراتيجية من الأراضي.
 
كما أن حجم السيطرة الممنوحة للهلال الأحمر الإماراتي  وفق العقود نفسها – يتجاوز بكثير ما هو مألوف في سياقات العمل الإنساني، ويثير تساؤلات مشروعة حول طبيعة العلاقة بين هذه المؤسسة والدولة التي تمولها وتشرف على عملياتها.
 
في السياق ذاته، تُسلّط الوثائق الضوء على مساعٍ أوسع نطاقًا، تضم بُعدًا إقليميًا ودوليًا، بما في ذلك تقارير تتعلق بتعاون استخباراتي مع أطراف أخرى، بعضها غير معلن رسميًا، ما يضيف بُعدًا جيوسياسيًا للوجود الإماراتي في سقطرى.
 
هذه المعطيات تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول استخدام المنصات الإنسانية لأغراض تتجاوز نطاقها القانوني والأخلاقي، وهو ما يضع الإمارات – بوصفها دولةً موقّعة على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة – أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية واضحة.
 
ومع تصاعد المؤشرات على تحوّل سقطرى إلى منطقة نفوذ خارجة عن السيطرة اليمنية الرسمية، تبرز الحاجة إلى مراجعة دولية جادة، لا تقتصر على تسجيل الانتهاكات، بل تشمل مساءلة الأطراف الفاعلة، وضمان عدم استخدام العمل الإنساني كأداة للتمدد السياسي أو العسكري.
 
وبينما تؤكد الإمارات مرارًا أن أنشطتها تهدف إلى "دعم الاستقرار" في اليمن، فإن الوثائق الواردة في هذا التحقيق تطرح سردية مختلفة، تتطلب من المنظمات الدولية، والجهات الرقابية، فتح تحقيق مستقل، وتقييم ما إذا كان العمل الإنساني قد تحوّل في سقطرى إلى أداة لتحقيق أهداف استراتيجية على حساب السيادة اليمنية.
 
وبغض النظر عن النوايا المعلنة، فإن ما أظهرته هذه الوثائق من حقائق وتفاصيل، يدعو إلى مساءلة جادة، تتجاوز البعد الإعلامي، وتتجه نحو تحديد المسؤوليات، وضمان عدم تكرار هذا النموذج في مناطق نزاع أخرى.تبقى الأسئلة مفتوحة، لكن ما توفّر من وثائق، يكفي لبدء تحقيق دولي شامل.
الإمارات ستدفع الثمن طال الوقت أم قصر
ومع تزايد التساؤلات حول طبيعة الدور الذي لعبته دولة الإمارات العربية المتحدة في جزيرة سقطرى، تبرز الحاجة الملحّة لدى اليمنيين – حكومةً وشعبًا – إلى مراجعة شاملة لما حدث، ومعرفة دقيقة لما تم إنجازه، ولما تم تغييره على أرض الواقع، سواء في البنية الإدارية أو التكوين الاجتماعي أو ملكية الأراضي والبنى التحتية.
 
فالمعلومات التي تم الكشف عنها، والوثائق التي وثّقت مراحل متعددة من النشاط الإماراتي، تشير إلى تحوّلات لم تكن واضحة للرأي العام المحلي، وأحيانًا حتى لمؤسسات الدولة الرسمية. وهذا ما يجعل من معرفة ما جرى ويجري ضرورة وطنية، تتجاوز الاعتبارات السياسية اللحظية، وتمسّ جوهر السيادة والقرار المستقل.
 
ورغم ما تروّج له أبوظبي من كون هذه الأنشطة تأتي في إطار "المساعدات الإنسانية"، فإن طبيعة العقود والمشاريع، واتساع النطاق الأمني والعسكري لها، يدفع باتجاه قراءة مغايرة. قراءة ترى أن ما جرى في سقطرى لا يمكن فصله عن حسابات إقليمية، ومشاريع إعادة تموضع استراتيجي في واحدة من أهم النقاط البحرية على خريطة المنطقة.
 
وفي هذا السياق، يبرز التساؤل الجوهري: هل كان لليمنيين، كمجتمع ودولة، رأي فعلي فيما حدث؟ أم أن ما جرى قد تم تحت غطاء ضعف الدولة، وظروف الحرب، وتشتت القرار السياسي؟
 
إن الإدراك الجمعي لما حدث – وتوثيقه – هو الخطوة الأولى نحو مساءلة حقيقية، سواء كانت سياسية أو قانونية، مباشرة أو مؤجلة. فالجزر، مهما بدت بعيدة عن مراكز القرار، تظل جزءًا من الأرض والسيادة، ولا يجوز أن تتحول إلى مناطق نفوذ بحكم الأمر الواقع.
لقد بات من اللازم على كل يمني حرّ أن يعرف، بلا لبس أو غموض، ما قامت به الإمارات في الجزر اليمنية، وفي سقطرى على وجه الخصوص، من خطوات استعمارية ناعمة، وأجندات خفية، تحرّكت تحت غطاء "المساعدات الإنسانية" لكنها كانت في جوهرها عملية اختطاف ممنهجة للسيادة اليمنية.
 
ما تم في سقطرى لم يكن دعمًا، ولا تنمية، ولا إخاءً عربيًّا. كان مشروعًا واضحًا للهيمنة، جرى تمريره بواجهات مخادعة، واستخدم أدوات ظاهرها الرحمة وباطنها الاحتلال. وما من وثيقة كُشفت، ولا عقد وُقّع، إلا ويحمل خيطًا من خيوط التآمر على الأرض والناس.
 
يجب أن يعرف الشعب اليمني أن سقطرى ليست مجرد جزيرة... إنها بوابة استراتيجية، وثروة وطنية، ومفتاح لمستقبل الملاحة والسيادة في جنوب البلاد. والتفريط بها تفريط بالكرامة، والسكوت على احتلالها سكوت عن جريمة.
 
ولن يطول الزمان حتى يُفتح هذا الملف على مصراعيه، ليُحاسب فيه كل من خان، وصمت، وشارك، وغضّ الطرف. فالشعوب الحية لا تنسى، والتاريخ لا يُغلق دفاتره.
وسيعلم الذين عبثوا بسقطرى، من فوق الأرض وتحتها، أن الأرض لا تُباع، وأن الرمل لا يُهدى، وأن الجزر لا تُهندس لخدمة أجندة الكيان الصهيوني ولا لخدمة مشاريع أبوظبي المشبوهة.
وسيدرك حكام الإمارات، أن كل عقد وقّعوه في الظل، وكل متر مربع سيطروا عليه من أرض سقطرى، سيُدفع ثمنه. وأن كل ذرة رمل من ترابها، لن تسقط بالتقادم. هذا الشعب الذي صبر طويلاً، وقاوم طويلاً، لن يقبل أن تتحول جغرافيته إلى قواعد للعدو، ولا إلى محميات للمرتزقة. وسيأتي اليوم الذي تُستعاد فيه الأرض، وتُطرد الأجندات، ويُكتب النصر بأيدٍ يمنية خالصة.
 
أما الإمارات، التي ظنت أن اليمن ساحة خلفية لنفوذها، فستكتشف أن من يمدّ يده إلى الجزر اليمنية، سيجدها نارًا تحرقه، وتاريخًا يلاحقه.وسيعرفون جميعًا أن اليمن لا يُشترى، وأن سيادته ليست سلعة، وأن كل شبر محتلّ، هو وعد بالتحرير.سقطرى ستعود... وسيُرفع عليها العلم اليمني، خالصًا، كما خُلِق.
 
ولعلّ السؤال الأكبر الذي سيُطرح حينها: هل ما حدث في سقطرى كان مشروعًا للدعم... أم خارطة نفوذ كُتبت بالرمال؟ وهل يمكن لهذه الرمال أن تُنسى، أم أنها ستبقى حاضرة في ذاكرة الجغرافيا، والسياسة، والمستقبل؟