�نا عدن | متابعات
من المتوقع أن يعقد مجلس القيادة الرئاسي اجتماعا حاسما غدا الخميس، بعد أن استدعت الرياض جميع أعضاء المجلس الثمانية للحضور، في محاولة لإنهاء الخلاف المتصاعد داخل المجلس فيما أُطلق عليه إعلاميا «أزمة قرارات عيدروس». ويقصد بها الخطوة التي اتخذها عضو المجلس عيدروس الزبيدي منفردا، حيث أصدر إحدى عشر قرارا بتعيينات سياسية، منتزعا بها صلاحيات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي ودون أي تنسيق مسبق.
وبحسب ما هو متداول، فإن دول التحالف الداعمة للمجلس، وهي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، عملت على وقف أي صدام قد ينهي المجلس الذي شكّل برعايتهما خلفا للرئيس السابق عبد ربه منصور هادي.
وأكد محللون سياسيون أن خطوة سريعة ستتم هذا اليوم وغدا لوقف التدهور الداخلي، مشيرين إلى وصول رئيس الوزراء سالم بن بريك أيضا إلى الرياض، مما يؤكد وجود حراك داخلي واسع للخروج بقرارات سريعة.
قرارات الزبيدي تفجّر خلافات مجلس القيادة الرئاسي
وتشهد أروقة مجلس القيادة الرئاسي في اليمن تصاعدًا جديدًا للتوترات الداخلية، بعد عودة رئيس المجلس رشاد العليمي إلى العاصمة المؤقتة عدن، إذ فجّر عضو المجلس ونائب رئيسه عيدروس الزبيدي المشهد بإصدار سلسلة قرارات لتعيينات في السلطة التنفيذية، اعتُبرت تجاوزا لصلاحيات رئيس المجلس وللتوافق الذي تأسس عليه المجلس.
هذه التوترات ليست وليدة اللحظة، فقد برزت إلى العلن بوضوح في يوليو الماضي عندما أصدرت المقاومة الوطنية بقيادة عضو المجلس طارق صالح بيانا انتقدت فيه ما اعتبرته «إقصاءً لشركاء العمل الوطني وتجاوزًا للمصلحة الوطنية والدستور والقانون».
وشدد البيان على «ضرورة الالتزام بعدم مناقشة القضايا إلا في إطارها الذي ينظمه الدستور والقانون وإعلان نقل السلطة»، مع رفض مناقشة مواضيع من صلب عمل الحكومة ومسؤولياتها دون دعوتها لحضور الاجتماع.
في المقابل، كان المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يرأسه الزبيدي، يطالب منذ أشهر بإعادة هيكلة الحكومة ومنحه مساحة أكبر في إدارة المحافظات الجنوبية، وسط امتعاض من عدم استجابة العليمي لمطالبه. وبالتوازي، سادت حالة من الجفاء بين الزبيدي وبقية أعضاء المجلس، حيث اعتكف خلال الأشهر الأخيرة عن حضور أي لقاءات أو اجتماعات للمجلس الرئاسي، في ظل رفضه نقاشات عدّة بسبب عدم استجابة رئيس المجلس لعدد من الطلبات والملاحظات، ما زاد من حدة الانقسامات الداخلية وأضعف فعالية المجلس في إدارة الملفات الشائكة.
بيانات ثلاثة أعضاء مجلسي القيادة والانتقالي تدعم خطوات الزبيدي
وفي ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء/فجر الأربعاء، أصدر كل من فرج البحسني وعبد الرحمن المحرمي بيانين يؤكدان عمق الأزمة داخل المجلس، ويشير مراقبون إلى أن الإعلانين يأتيان لدعم موقف عيدروس الزبيدي،
حيث كتب عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي صباح اليوم على منصة «إكس»: «لا يخفى على أحد أن القرارات الفردية التي اتُّخذت خلال السنوات الماضية كانت سببا رئيسيًدا في الانقسام داخل مجلس القيادة الرئاسي… عدم الالتزام بالتفويض في قرار نقل السلطة وفق مبدأ المسؤولية الجماعية قد يعيق التقدم السياسي ويؤثر على العملية الانتقالية وتحقيق الاستقرار المنشود».
أما اللواء فرج البحسني، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ونائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، فدعا إلى الالتزام الصارم ببنود التفويض والمسؤولية الجماعية في اتخاذ القرار لضمان سير العملية السياسية بسلاسة وأمان، محذرًا من أثر الانفراد بالقرارات على الثقة بين أعضاء المجلس وآمال الشعب في مستقبل مستقر.
بدوره كتب محمد الغيثي، رئيس هيئة التشاور والمصالحة المساندة للمجلس وعضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، على صفحته في «إكس» أن «التحديات الراهنة التي يواجهها مجلس القيادة الرئاسي تستدعي حوارا جادا يفضي إلى آلية تشاركية فاعلة لصناعة القرار، تنهي وتضع حدا لحالة الجمود والمراوحة»، مؤكدًا أن هيئته تبذل جهودا لتعزيز التماسك والتوصل إلى مقاربة جادة تبدأ بالاتفاق على آلية لصناعة القرار وتحريك الملفات العالقة.
وبحسب تحليل الدكتور عبد القادر الجنيد، فإن البيانين المماثلين في المضمون يسلطان الضوء على لب المشكلة: «كلهم يريدون تسيير الرئيس بموجب مبدأ القيادة الجماعية… وهكذا يبدو واضحا أن الإمارات تعمل بهمة من خلف الستار لنجدة عيدروس الزبيدي».
وأضاف الجنيد أن الدعم جاء من ثلاثة أعضاء رئاسة هم عبد الرحمن المحرمي، فرج البحسني، وطارق صالح، وجميعهم يتبعون الإمارات، بينما اكتفى طارق صالح بموقف مؤيد باهت
انعكاسات الأزمة ومساراتها
يرى مراقبون أن هذه الخلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي قد تُربك المشهد السياسي وتضعف قدرة المجلس على إدارة المرحلة الانتقالية وتحقيق أهدافه في توحيد الصفوف وبناء مؤسسات الدولة.
الأزمة الحالية أظهرت أيضا بوادر انقسام داخل المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث أبدت بعض قياداته تحفظات على أسلوب الزبيدي في إدارة الملفات الجنوبية، وهو ما انعكس على أداء المجلس في عدن وأثار نقاشًا واسعا حول مستقبل الشراكة بين مكونات المجلس الرئاسي.
في العاصمة المؤقتة عدن، يتابع الشارع بقلق هذه التطورات، وسط حالة ترقب من انعكاس الخلافات على الوضع الأمني والخدماتي المتدهور أصلاً، مع تصاعد المطالب الشعبية بتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية.
أزمة سياسية تهدّد الإصلاحات الاقتصادية
وبحسب مصادر سياسية واقتصادية، انعكست الخلافات على الإصلاحات الاقتصادية التي كان مجلس الوزراء قد بدأ تنفيذها، إذ تسببت العراقيل السياسية في تباطؤ أو توقف بعض الخطط، ما زاد من تأجيج الوضع في المناطق المحررة وأثر مباشرة على الخدمات العامة وسعر العملة، ما يُفضي إلى انتكاسة جديدة في الأوضاع المعيشية المتردية ويُنذر بكارثة وشيكة تهدد الاستقرار في المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دوليا.
يُذكر أن مجلس القيادة الرئاسي هو المجلس التنفيذي الأعلى في اليمن، شكله الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي بقرار جمهوري بتاريخ 7 أبريل 2022، ليكون جزءًا من الحل السياسي الشامل للحرب اليمنية، حيث تنازل بموجب القرار عن كامل صلاحياته الرئاسية وصلاحيات نائب الرئيس لصالح المجلس، الذي شكل برئاسة الدكتور رشاد العليمي وعضوية 7 أعضاء بدرجة نائب رئيس، أربعة منهم محسوبون على أبوظبي وأربعة محسوبون على الرياض، ويقوم المجلس بمهام «إدارة اليمن سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا طوال المرحلة الانتقالية».
المصدر | موقع اليمن الاتحادي