الرئيسية - أخبار محلية - عدن.. فشل مؤسسي مستمر وفساد واهمال متجذر "للسلطة المحلية".. أزمة "استخراج الجوازات" فضيحة متكررة دون اي حلول جدية

عدن.. فشل مؤسسي مستمر وفساد واهمال متجذر "للسلطة المحلية".. أزمة "استخراج الجوازات" فضيحة متكررة دون اي حلول جدية

الساعة 02:56 مساءً



�نا عدن | متابعات
لم تعد أزمة استخراج الجوازات في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن مجرّد اختلال إداري عابر، بل تحولت إلى فضيحة متكررة منذ سنوات تكشف عن فشل مؤسسي ممنهج وفساد متجذر داخل مصلحة الهجرة والجوازات. أزمة جعلت المواطن يواجه واحدة من أشد المعضلات الإنسانية والاقتصادية التي تثقل كاهله في حياته اليومية.

أكدت شهادات متطابقة لوكالة خبر، أن نفاد دفاتر الجوازات أصبح مشهداً متكرراً منذ عام 2017، حيث تتوقف المصلحة لفترات طويلة بذريعة "انعدام الدفاتر" أو "انتظار وصول شحنات جديدة"، غير أن هذه التبريرات لم تعد مقنعة، بعدما تبيّن أن الدفاتر تُباع في السوق السوداء بأسعار خيالية تصل إلى 500 ريال سعودي (ما يزيد عن 200 ألف ريال يمني)، بينما لم تكن كلفة الجواز قبل الحرب التي اندلعت مطلع 2015، تتجاوز 6 آلاف ريال فقط ويُنجز خلال أسبوع واحد.

سمسرة وابتزاز رسمي

مواطنون تحدثوا لـ"خبر" عن معاناة تستمر لأشهر في أروقة المصلحة، دون أن يحصلوا على جواز إلا عبر وسطاء ونافذين يفرضون مبالغ باهظة، وهكذا تحولت المؤسسة من جهاز خدمي إلى سوق سوداء مغلقة تُدار بمنطق السمسرة والابتزاز.

المعاناة تتضاعف للقادمين من المحافظات البعيدة، خصوصاً من شمال البلاد، إذ يقطعون مئات الكيلومترات وسط عراقيل أمنية في نقاط التفتيش بين مناطق الحكومة ومليشيا الحوثي، ليصطدموا في عدن بشروط تعجيزية أبرزها إلزامهم باستخراج بطاقة إلكترونية جديدة "شريحة" ، بحجة أن النظام السابق يخضع لسيطرة الحوثيين.

هذا الإجراء وحده يستنزف أسبوعين على الأقل، ما يفرض على المواطن خيارين أحلاهما مُرّ، إمّا البقاء في عدن بتكاليف باهظة أو العودة إلى محافظته ثم الرجوع مجدداً. الكلفة المادية لهذا الإجراء وحده تتراوح بين 500 و1000 ريال سعودي (سعر صرف الريال السعودي 425 ريالاً).

وبعد تجاوز هذا العائق، يواجه المواطنون صدمة جديدة تتمثل في ادّعاء المصلحة أن دفاتر الجوازات غير متوفرة، ما يضطرهم للانتظار لأشهر والعودة بخيبة أمل تضاف إلى الخسائر المادية التي ترافق إجراءات المتابعة.

شبكة فساد محمية

مصادر أمنية ومراقبون اعتبروا أن تكرار هذه الأزمة لا يمكن تفسيره كخلل لوجستي، بل دليل على وجود شبكة فساد متغلغلة تمتد من داخل المصلحة إلى متنفذين كبار، في ظل غياب أي رقابة أو مساءلة حكومية.

هذه الشبكة كرّست سوقاً موازية تتحكم بمصير آلاف الأسر التي تحتاج الجوازات للسفر بغرض العلاج أو التعليم أو العمل.

حتى التبريرات الرسمية التي تزعم أن الدفاتر محصورة في "الحالات الطارئة" كالمرضى والطلاب، وصفها المواطنون بأنها تصريحات تخديرية، مؤكدين أن أغلب المرضى في ظل انهيار القطاع الصحي يحتاجون بالفعل للسفر إلى الخارج، لكنهم يُحرمون من هذا الحق، خصوصاً والمصلحة تشترط في التقارير الطبية للمرضى أن تكون الحالات نادرة أو طارئة بما يعني أنها على مشارف الموت. علاوة على ذلك أصبحت أسعار الخدمات الطبية والعلاجية في المستشفيات الخاصة باليمن باهظة جداً وتفوق التكلفة في الخارج.

تهاون حكومي فاضح

يرى خبراء أن استمرار هذه الممارسات يفضح تهاون الحكومة المعترف بها دولياً في ضبط واحدة من أهم مؤسساتها السيادية المرتبطة مباشرة بحقوق المواطنين. 

إن استمرار الأزمة، وفق المختصين، لا يضاعف فقط الأعباء الاقتصادية والمعيشية على الناس، بل يعمّق أيضاً من فقدان الثقة بين المواطن والدولة.

ولذلك، أصبح اليوم المواطنون يطالبون بتحقيق شفاف، ومحاسبة المتورطين في الفساد، وإيجاد آلية دائمة وشفافة لتوفير الجوازات بعيداً عن السمسرة والابتزاز الذي أصبح القاعدة لا الاستثناء.
(وكالة خبر للانباء)