مع ارتفاع معدل النمو السكاني والتوسع العمراني الذي تشهده أمانة العاصمة تزايدت مشكلة الاختناقات المرورية وأضحت تؤرق الجهات المعنية والمواطنين على حد سواء، تبلغ الزحمة ذروتها وقت الظهيرة مع خروج الطلاب من المدارس وعودة الموظفين من أعمالهم، الأمر الذي يجعل البعض يضطرون للبقاء في بعض الجولات لفترة من الوقت قد تمتد أحيانا لساعات, خاصة مع غياب بعض رجال المرور عن أداء مهامهم في بعض الجولات التي تشهد ازدحاما مروريا بشكل شبه دائم الأمر الذي يصيب المواطنين بكثير من الإحباط والتذمر.
هذه المشكلة جعلت الجهات المعنية تسارع إلى إنشاء جسور وأنفاق للمشاة وللسيارات، ولكن ثمة معاناة كبيرة تقع على عاتق المواطنين أثناء قطع الخطوط من أجل إقامة هذا الجسر أو ذاك، كان آخرها جسر مذبح والذي بدأ العمل به في مطلع الأسبوع الماضي، وقد سبب كثيراً من المشاكل والازدحام المروري الخانق والكبير، نظير الأهمية الكبيرة التي يحتلها شارع الستين مع جولة مذبح بالقرب من جامعة العلوم والتكنولوجيا ومشفاها وجامعة صنعاء.
9 أشهر مدة تنفيذ نفق تحت جسر مذبح!
المهندس وليد حاجب مهندس مدير الإشراف على المشاريع بأمانة العاصمة تحدث للأهالي حول هذا مشروع نفق جولة مذبح ومدة تنفيذه قائلا «هذه هي المرحلة الثانية من مراحل التنفيذ لهذا الجسر الحيوي والهام، ومدة تنفيذه هي (9) أشهر حسب العقد الموقع مع الشركة المنفذة، مع أننا نسعى جاهدين إلى أن تكون الفترة أقرب بإذن الله».
مضيفا أن تكلفة المرحلة الثانية من تنفيذ المشروع قرابة مليار ومائة مليون ريال، وبتمويل حكومي 100%، وهذه المرحلة عبارة عن نفق تحت الأرض، يبلغ طوله 450 متر.
مشيراً إلى أن المرحلة الأولى من هذا المشروع استمرت فترة تنفيذها قرابة سنه وشهرين فقط، بتكلفة إجمالية بلغت مليار وسبعمائة مليون ريال.
أما عن حالة الازدحام المروري الناتج عن قطع الطريق لتنفيذ هذا المشروع فأكد المهندس وليد حاجب أن الازدحام بدأ يخف تدريجيا وصلت إلى 50 % عما كانت عليه في الأيام الأولى لقطع الشارع، كما أن التذمر الذي يحصل من المواطنين يكون عادة في الأيام الأولى ثم يصبح الأمر طبيعيا، كما أن الازدحام في هذا الشارع بشكل كبير يأتي كونه محور الحركة بأمانة العاصمة، والحركة في شارع الستين وفي غيرها من الأماكن هي على طول العام وليست في أيام محدودة حتى تستطيع القول أننا لم نختر الوقت المناسب لتنفيذ هذا المشروع، كما أن الحركة ليست موسمية حتى نظل ننتظر انتهاء موسم الازدحام ومن ثم نبدأ بالتنفيذ، ولهذا نحن عندما نبدأ بالعمل فإن الهدف هو محاولة التخفيف من هذا الازدحام ليس إلا -حد قوله.
جسور على وشك الافتتاح
عدة جسور يتم تنفيذها في أمانة العاصمة وشارفت بعضها على الانتهاء، وأضحت قريبة الافتتاح، وبحسب مدير الإشراف على المشاريع بأمانة العاصمة المهندس وليد حاجب هناك 32 جسرا تم افتتاحها خلال السنوات الماضية، (6) جسور لا تزال تحت التنفيذ وهي جسر دار سلم يتوقع افتتاحه خلال شهر فبراير القادم، وجسر بيت بوس لم يتبق على الانتهاء من تنفيذه سوى 3 أشهر، إضافة إلى جسر الحشيشة وشارع تعز وشارع حدة وهي في بداية تنفيذها وسيتم الانتهاء منها خلال 6 أشهر على أكثر زمن، وتبلغ تكلفة المشاريع تحت التنفيذ قرابة 10 مليار ريال.
وحول تمويل تلك المشاريع يضيف مدير الإشراف على المشاريع «بالنسبة لجسر شارع تعز فقط تمويل الصندوق العربي بنسبة 80% ومساهمة حكومية قدرها 20%، فيما بقية الجسور الأخرى جميعها بتمويل وتنفيذ حكومي 100%».
جدوى الجسور وفائدتها!
عن جدوى هذه الجسور التي يتم تنفيذها بأمانة العاصمة يضيف المهندس وليد حاجب أن هذه الجسور تعمل على التخفيف والتقليل من زمن التوقف في التقاطعات والجولات نتيجة الاختناقات المرورية وغيرها، كذلك فائدة بيئية إذ تعمل هذه الأنفاق والجسور على الحد من ضوضاء السيارات والتقليل من التلوث البيئي، ناهيك عن الفوائد الاقتصادية لمثل هذه المشاريع كون الزمن له فائدة، وهذه الجسور تعمل على الاحتفاظ بالوقت بدلا عن ضياعها في الجولات والتقطعات -حد قوله.
المهندس الدكتور حمود الظفيري نائب رئيس جامعة صنعاء للشئون الأكاديمية يرى أن الهدف عادة من اللجوء إلى عمل الأنفاق والجسور في أمانة العاصمة تحديدا هو لتسهيل عملية السير والوصول إلى الأماكن المطلوبة بأقل وقت كون هذا هو ما يتمناه المواطن، ناهيك أن أشياء أخرى متعلقة بالتنمية.
ويشير في حديث لـ»الأهالي» إلى أن تنفيذ عمل الأنفاق والجسور عادة يحتاج إلى فترة زمنية طويلة، وإمكانيات هائلة لدى الشركات الموكلة إليها تنفيذ أعمال هذه الجسور أو الأنفاق. وبحسب مدير الإشراف على المشاريع فإنه يتم تنفيذ هذه الجسور عبر عدة شركات مقاولة، بحيث يتم تنفيذ كل جسر من قبل مقاول واحد فقط، وبالنسبة للشركة المقاولة يتم تنفيذ المرحلة الثانية منه عبر شركة سهمان للمقاولات وهي أول مره تقوم بمقاولة جسور، لكنها قد قامت بتنفيذ عدة مشاريع هامة وكبيرة أخرى مثل المنشآت والمباني، وغيرها -وفق تعبيره.
الدكتور حمود الظفيري وهو دكتور متخصص في مجال الأنفاق والجسور ويقوم بتدريسها في جامعة صنعاء منذ خمس سنوات يؤكد أن على الجهات المختصة أن تراعي الشركات المخولة لتنفيذ مثل هذه المشاريع المهمة والحيوية وأن تكون من الشركات المصنفة من الدرجة الأولى، وأن تقوم الدولة كذلك قبلها بتقديم المناقصات لفتح باب التنافس أمام الشركات للدخول في هذه الأعمال وتنفيذها بحسب المواصفات المطلوبة، في الوقت المحدد والجودة المناسبة حد قوله.
الإشكاليات في عمل الجسور
كثيرا هي المشاكل التي يعانيها المواطنون جراء الاختناقات المرورية التي تقع عند إغلاق الجهات المختصة للطرق بغرض تنفيذ الجسور والأنفاق وهذه المشاكل كما يراها الدكتور الظفيري تحصل عادة عندما يتم تنفيذ أكثر من جسر في أماكن قريبة من بعضها كما يحصل الآن في أمانة العاصمة والتي يتم فيها تنفيذ 6 جسور في وقت واحد ما يسبب إرباكات كثيرة في حالة السير، وهذا لا شك ينعكس سلبا على نفسية المواطن الذي ينتقل عادة من اختناق إلى اختناق.
ويضيف الظفيري أن شبكة الطرق الموجودة في العاصمة لا تمكّن ولا تساعد على وجود بدائل لطرق أخرى الأمر الذي يؤدي عند قطع الطرق لتنفيذ هذه الجسور إلى مشاكل وإرباكات لا حصر لها، ناهيك عن التخطيط البطيء وضيق الطرق اللتان لا تساعدان على إيجاد بدائل لخطوط السير مما يجعل المعاناة كبيرة لدى المواطنين. كما أن تدني ثقافة المواطنين والسائقين حول إشارات المرور، وعدم تواجد المرور بشكل متواصل لكي يوضح للسائقين الخطوط البديلة، لا شك أن هذه أيضا تعمل على كثير من الإشكاليات خصوصا مع ضيق الطرق الأمر الذي يجعل الخط الواحد أحيانا يتحول إلى خطين وهنا يحصل الازدحام والاختناق المروري.
هل يتم تنفيذ الجسور وفق المواصفات المطلوبة؟
يعتبر نائب رئيس جامعة صنعاء الدكتور حمود الظفيري أن الجسور التي تم تنفيذها في أمانة العاصمة معظمها تحقق المواصفات المطلوبة، وإن لم تك بنسبة 100% لكنها تحقق نسبا مقبولة نظرا للمشاكل التي تعاني منها أحيانا الشركات المقاولة مثل ضيق الطرق كما هو حال جسر مذبح حاليا، وكذا طول المسافة، كما أن هناك محددات واقعية لا يستطيع المهندسون أو المقاولون تجاوزها.
فيما يرى المهندس أنس الخولاني مهندس نفق مشروع مذبح الجديد أن صعوبة العمل في هذا النفق تكمن في صخرية الأرض التي يتم فيها عملية الحفر لهذا النفق، الأمر الذي يحتاج إلى معدات كبيرة وقوية لتفتيت هذه الصخور وهذا الأمر أحد العوائق الذي جعل الفترة الزمنية لهذا المشروع أكثر من 9 أشهر، إلا أن الدكتور الظفيري يقول أن هذا ليس بالعائق الكبير نظرا لوجود معدات خاصة لمعالجة هذه الأمور، وهذه المعدات الثقيلة تعمل على الحفر في الصخور، وتقوم بالحفر رأسيا وفي أماكن محددة حتى يتم التخلص من هذه الصخور التي قد تقف عائقا أمام سرعة تنفيذ الأنفاق كما هو معروف.
ويضيف الظفيري أن سبب الازدحام الحاصل في أمانة العاصمة خاصة في جسر مذبح يكمن في تأخر الدولة في تنفيذ المشروع الذي كان بإمكانها أن تقوم بتنفيذ هذا النفق مع الجسر في وقت واحد، لكي تكون المعاناة مرة واحدة لا مرتين على المواطنين.
حلول ممكنة
يرى الدكتور حمود الظفيري أن هناك ثمة حلول تعمل على التخفيف من الاختناق المروري الحاصل في جسر مذبح وتكمن في إيكال تنفيذ هذه الجسور لشركات لديها الإمكانيات المتوفرة لتنفيذ العمل في الوقت المناسب وبالجودة المناسبة، كذلك ينبغي تواجد المرور في أماكن عمل الإنفاق والجسور حتى يسهل حركة السير ويمنع من المخالفات التي تؤدي عادة إلى الاختناقات المرورية.
ويقترح الظفيري توزيع خارطة طريق مكونة من ورق صغيرة على هيئة (A4) وتوزيعها على السائقين وتحتوي هذه الخريطة على الطرق البديلة التي يسلكها السائقين حتى لا يصطدموا أثناء مرورهم بحواجز الطريق مقطوعة. كما أن عمل فتحات مؤقتة للطرق وخاصة في شارع الستين سيعمل على التخفيف من الازدحام والمشاكل الحاصلة نتيجة عمل نفق جسر مذبح، كما يراها الدكتور الظفيري.
ويختتم الظفيري حديثه لـ»الأهالي» بأن ما ستقدمه هذه الجسور من تخفيف الازدحامات والاختناقات المرورية ستجعل الناس لا شك ينسون هذه المعاناة التي يعانوها عند تنفيذ هذه الجسور.
غياب الإشارات والإرشادات
مشكلة أخرى، عدم وضع إشارات كافية وواضحة أثناء البدء بأعمال مثل تلك المشاريع. في جولة مذبح مثلا، تم وضع حواجز خرسانية على الطري السريع دونما إشارات وإرشادات.هذا التقصير يتسبب في وقوع حوادث مرورية وخسائر بشرية ومادية.
لم يكن أحد السائقين على علم مسبق بالبدء في مشروع جولة مذبح وصل المنطقة مسرعا من شارع القاهرة في وقت متأخر من الليل، ارتطم بسيارته بالحواجز الخرسانية لينقل إلى المستشفى، وكاد هذا التقصير أن يودي بحياته وألحق أضرارا بليغة بسيارته التي تهشمت مقدمتها.
الخطة المرورية لتحسين النقل والمرور بالعاصمة صنعاء 2006م -2020م
أوضح المهندس معين المحاقري وكيل أمانة العاصمة لقطاع المشاريع والأشغال العامة أن مشاريع الجسور والأنفاق التي يتم تنفيذها في أمانة العاصمة تأتي ضمن الخطة المرورية لتحسين حركة النقل والمرور التي بدأ تنفيذها في العام 2006م، حيث بدأت هذه الخطة في العام 2004م وتمت عبر دراسة واستشارية دولية وتحويل دولي.
مشيرا في حديث لـ»الأهالي» إلى أنه تم تنفيذ 25 تقاطع رئيسي في الأمانة بما فيها الجسور الرابطة بين ضفاف السائلة، ومعظم هذه الجسور تم تنفيذها بتمويل حكومي باستثناء جسر واحد فقط تم تنفيذه بالشراكة مع بنك التمويل الكويتي.
وأضاف المحاقري أن أي عمل يتم وفق مخططات مدروسة ومن قبل شركات متخصصة، وتنفيذ العمل لا يتم إلا وقد تم الموافقة والتوقيع عليها بالتعاون مع الإدارة العامة للمرور من أجل وضع الخطوط البديلة للمواطنين، ويتم توزيع هذه الخطوط بعد التوقيع عليها من قبل الأشغال العامة والإدارة العامة للمرور وبعدها يتم توزيع هذا الاتفاق على الإدارة العامة للمرور ومرور الأمانة، وتوزع على الجهات الأمنية والرسمية بأنه سيتم إغلاق الشارع وبدأ العمل فيه في الوقت المحدد، كما نقوم بعمل إعلان للمواطنين في وسائل الإعلام كالتلفزيون وفي صحيفة الثورة لمدة 3 أيام متتالية من أجل تنبيه الناس بأنه سيتم إغلاق الطريق وتحديد الطريق البديلة -حد قوله.
ويؤكد أن معظم الأعمال في مشاريع الجسور والأنفاق أصبحت يمنية خالصة، من مهندسين واستشاريين حتى صناعة المعدات الثقيلة بدأت في اليمن بمصنعين، وهذا لا شك أصبح يعمل على سرعة تنفيذ هذه المشاريع بأقل وقت وأكبر جودة -حد قوله.
نفق مذبح في سطور
تم بدء العمل فيه مطلع الأسبوع الماضي، طوله 600 متر، عرضه 16 متر، تكلفته مليار ومائتين ألف ريال، فترة تنفيذه 9 أشهر، تمويل حكومي، الشركة المنفذة شركة سهمان، وهي شركة مقاولات مصنفة من الدرجة الأولى.
تواجه الشركة المقاولة لهذا المشروع صعوبات خلال تنفيذ العمل تتمثل في الخدمات الأرضية الموجودة في مكان النفق كالمجاري والمياه والكهرباء وكابلات الضغط العالي والألياف الضوئية، كذلك المنطقة صخرية جدا وهذا مما يعمل على التأخر في انجاز هذا المشروع، بحسب المهندس أنس الخولاني مهندس شركة سهمان المنفذة للمشروع.
الاهالي نت