لا يستطيع احد ان يعرف عظمة الآخرين الا عندما يلتقيهم مباشرة .. نسمع عن أناس تركوا بصماتهم في تاريخ الجنوب في كل مجالات الحياة ، وعندما تسنح لك الفرصة للقاء بهم تجدهم في قمة التواضع والبساطة .. احد هؤلاء الكبار الذين تركوا بصماتهم في الفن اليمني وتحديدا الاغنية العدنية هو الفنان المرهف فرسان خليفة صاحب أغنية ( انا مشتاق ) وأغنية
( صدقيني ) وغيرها من الأغاني التي تميز بها فرسان ضمن مشواره الفني الذي استمر من الخمسينات وحتى ???? عندما تم تكريمه تقديرا لعطاءه الفني .
فرسان الفنان الذي يعيش في إمارة الشارقة في ركن هادئ في احد أطرافها استقبلني في منزله بمعية الأخوة الدكتور ابوبكر السياري والأستاذ الصحافي المعروف جميل محسن المحرر في صحيفة البيان الاماراتية والعزيز نائل دندش .. لقاء جميل بجمال وروعة صاحب البيت فرسان خليفة الذي تحدث بعفويته المعهودة عن جوانب كثيرة في حياته العملية في ميناء عدن في عهد الاستعمار البريطاني ، يتحدث عن عظمة ميناء عدن ويعدد حجم النشاط الذي وضعه كثاني ميناء في العالم من حيث ارتياد سفن العالم التجارية والسياحية التي كانت تستخدمه كميناء محوري للتوقف والتزود بالوقود .. لقاء يتحدث فيه فرسان بثقة عن دور نضالات ابناء عدن سوا في النهضة التي عاشتها المدينة خلال حقبة العهد البريطاني ، أو في النضال ضد المستعمر ويتذكر قنبلة مطار عدن التي رماها شقيقه خليفة وأصيب فيها المندوب السامي البريطاني .. يتحسر فرسان ان نضالات ابناء عدن ودورهم في مقارعة الاستعمار جرى طمسها وبتعمد حتى يبهت الدور القوي الذي لعبته النخب السياسية العدنية لإبراز دور غير حقيقي ومبالغ فيه لمناطق خارج الاهتمام البريطاني .. فرسان خليفة ومن خلال حديثه العابر يؤكد انه لولا الدور السياسي والنضالي لأبناء عاصمة الجنوب عدن لما تحقق للجنوب استقلاله ..
اكثر ما يحز في النفس ان يتحدث رجل عدني أصيل كفرسان عن غبن ذوي القربى في مراحل الصراعات السياسية التي شهدها الجنوب ، وهو في هذا السن الذي يفترض ان يكون معززا ومكرما بين أهله ومحبيه وفي مسقط رأسه ، لا ان يقضي بقية عمره بعيدا عن مدينته التي أعطته الشهرة فنيا وعمليا وأعطت اخوه خليفة شرف النضال ضد المستعمر ووضع اسمه في تاريخ الحركة التحررية الجنوبية .. فرسان خليفة قدم فنا عدنيا أصيلا في الاغنية التي ظل يسجلها في تلفزيون عدن منذ انطلاقته ..وجدد كثير من أغانيه في مراحل مختلفة .
فرسان الذي قدم الكثير من الأغاني الجميلة التي لا تزال في ادراج ارشيف تلفزيون عدن يحسسك بان التاريخ مهما جرى تزويره من قبل المنتصرين بقوة السلاح لا يمكن ان يمحوه من ذاكرة الناس مهما فعلوا ..
شكرا أيها الرائع على ما قدمته من ألوان في الغناء العدني المتميز .. شكرا على مواقف أسرة خليفة في الحركة النضالية في الجنوب .. وشكرا لبقية الأخوة الذين حضروا معي متعة الاستماع الى هذا الحديث العذب من هذا الرجل النبيل الذي يتحدث عن عدن الماضي والحاضر والمستقبل ..
عظمة عدن من عظمة البصمات التي تركها جيل من المبدعين فنيا وسياسيا .. بكل ثقة نقول انك ايها الرائع فرسان خليفة احد هؤلاء الذين ستبقى عطاءتهم محفورة في ذاكرة الأجيال حيا او ميتا بعد عمر طويل ان شاء الله .