? في الثورة الشعبية الشبابية ثورة الحق ولو كره من يشككون في أحقيتها وضرورتها للنهوض بالوطن والأمة للانطلاق للمستقبل الذي لن يتم من دون تكسير القيود والحواجز المعيقة لهذا الانطلاق، هذه القيود والحواجز هي نظام طغى واستحوذ على البلد وتغلغل داخل المجتمع لمدة 33 عاما، نظام لا يشمل الأفراد، بل السياسات والقوانين والتعامل مع الآخر وفق السلوك والثقافة، نظام صار برنامج عمل ولوائح تدير المؤسسات، وثقافة وسلوكا تربى في كنفها جيل وعاشرها جيل. هذا النظام له أدواته ورموزه ومن يقوده إن ذهب القائد يبقى النظام، وبقاء النظام معناه بقاء القيود والحواجز وصعوبة الانطلاق فلا تجاوز للمرحلة المراد تخطيها، أي أن التغيير غير وارد في ظل هذا النظام الذي لازال قابعا على حياتنا ومقدراتنا، اذن فما العجب في ما يحدث في الوطن من التدهور وسوء الأحوال العامة. ما يحدث هو نتاج طبيعي ومتوقع لوضع سلبي راكد غير متغير، لان الحياة ليست ثابتة، بل هي متغيره للسلب او الإيجاب، ما دام التغير الإيجابي معاقا فلابد أن يتحرك التغير السلبي للخلف وهذا ما هو حادث لان التغيير الايجابي لن يتم بالدعاء والتمني، بل بالعمل الجاد والمثابر لإزالة قيود وحواجز انطلاقه بعزيمة وإصرار، واصطفاف جماهيري لتذليل كل الصعاب. .
لهذا علينا ان نستوعب ان التغيير العام للواقع لن يتم من دون تغيير حقيقي وملموس للنظام السابق، أي القديم الذي كان سبب كل مآسينا وإخفاقاتنا، بتغيير الأدوات والقوانين واللوائح والسلوك والثقافة، أي عملية بناء لواقع جديد وبصورة أكثر وضوحا الثورة الشعبية لن تحقق أهدافها من دون أن يثور ثوارها على الواقع المزري المراد تغييره، فيحدثون بذلك ثورات ثقافية وتعليمية وصناعية وإدارية ومؤسسية واقتصادية، عندها يمكن أن نقول اننا فعلا نسير في التغيير الحقيقي وبناء وطن جديد.
في الحقيقة أن التسوية، أي المبادرة الخليجية، هي من أعادت للنظام السابق
وأدواته نبض الحياة، فتكالبت القوى القديمة معا في تسوية تمكنت من خلالها إزاحة القوى الجديدة، هذه الإزاحة أبعدت القوى الثورية الحقيقية الشبابية صاحبة المصلحة في التغيير عن موقع القرار والتأثير المباشر على قرارات السلطة، فصارت القرارات تنتج قوى قديمة مجربة وفاشلة تعيق التغيير.
الثورة للأسف أعداؤها كثر من داخلها أكثر من خارجها، فاليمن أكثر البلدان تخلفا وأكثرها انتهاكا لحقوق الإنسان وجرائم الماضي لا تحصى، والكل متورط فيها حتى من التحق بالثورة أيضا، لهذا حقائقها غائبة وغير محررة من مغتصبيها، ولن يتم تحقيق العدالة الانتقالية من دون معرفة وكشف كثير من الحقائق، هذه العدالة التي ستؤسس لعدالة اجتماعية للمستقبل .
مشكلتنا تكمن في أننا نخطئ ثم نسير على منهج الخطأ لا نصحح مسارنا، بل نصر على صواب أخطائنا ولا يمكن ان تصحيح المسار من دون الاعتراف بالأخطاء .
صار الوطن أسير هذه الفئة التي لا تريد ان تتغير وتعترف بالأخطاء لإصلاح مسار الوطن، بل استمرت رابضة على حياتنا تتصيد أي شعاع يبزغ لينير طريقنا لتحقيق طموحات وآمال الجماهير لتقضي عليه، فهي تسعى لإعاقة قانون العدالة الانتقالية لتحقيق العدالة الاجتماعية واعاقة قانون استرداد الأموال لتحسين المستوى الاقتصادي.
نحن لا نخاطب من ظلم هذا الشعب ممن صاروا أمراء وملوكا في عهد الجمهورية الفتية، ممن وثقنا بهم في ادارة شؤوننا وثرواتنا فنهبوها ممن أذلونا وجعلونا نقتل ونهان على الحدود بحثا عن لقمة العيش.. انما نخاطب الجماهير التي تعاني ما نعانيه وتحلم أحلامنا لنكون معا في ارساء العدالة الانتقالية نحو إرساء العدالة الاجتماعية ولافشال مشاريع من سرق الوطن وخططه التآمرية .
*نقلاً عن القدس العربي