يعد المجال الصحفي من أكثر المجالات العلمية التي لا يحتكم العمل فيها إلی معايير وأسس صحيحة، حيث إنه بإمكان أي شخص ممن يمتلكون شهادة متوسطة أو متخصص في قسم علمي آخر أن يمارس العمل الصحفي كأولئك الذين قضوا فترة زمنية من حياتهم وهم يتعلمون هذا المجال ويتعمقون فيه وينهلون من علمه الواسع. ويوجد في بلدنا في الوقت الحالي شبابا صحفيون متخصصون وواعدون، يعشقون العمل الصحفي إلی حد كبير ويبذلون قصاری جهدهم في ممارسة العمل الصحفي، كما أنهم شباب يعول عليهم في بناء هذا الوطن وفي صناعة مستقبله أيضا، وذلك من خلال ما يظهر عليهم من كراهيتهم الشديدة للفساد ومحاربتهم له بمختلف أشكاله. لكن وفي الوقت الذي تزهو بلدنا بمثل هذه الكوكبة من الشباب الصحفيين النشطين، إلا أن المؤسسات الإعلامية الموجودة في البلد لم تقدم بعد دورا كبيرا تجاه هذه الكوكبة وذلك من خلال احتضان أفرادها وتشجيعهم وتدريبهم، في حين يلج أبواب هذه المؤسسات الكثير ممن ليس لهم صلة بالعمل الصحفي غير أن هؤلاء لديهم الوساطة والمعرفة ليس إلا. وحين يبدأ مثلا أحد أفراد تلك الكوكبة اللامعين الذين يمتلكون درجات علمية ومعرفية في المجال الصحفي بالعمل ورسم إبداعاته في فنون العمل الصحفي، فأنه وبكل تأكيد يواجه مجموعة من المعوقات والصعوبات التي تحاول تحطيم معنوياته ومصدر هذه المعوقات هم القائمين علی تلك المؤسسات الصحفية الذين لا هم لهم سوی كيفية استغلال نشاط هذا الفرد من أجل تحقيق منافعهم وكسب الفوائد علی حساب جهده وعرقه. شخصيا، حدث معي قبل أيام نوع من هذا من قبل إحدی المؤسسات الصحفية العريقة التي عاودت الصدور منذ أشهر قليلة وكنت من أوائل المرحبين بعودتها للوسط الصحفي إذ كتبت مقالا نشرته صحيفة أخبار اليوم منتصف شهر مايو لهذا العام أوضحت فيه مدی سعادتي بعودة هذه الصحيفة للصدور مجددا. ولأنني من المحبين لهذه الصحيفة فقد بادرت لأكون مراسلا لها من منطقتي التي أعيش فيها، وبعد أيام من العمل الجاد وحدت ما لم أكن أحسبه، عندما تأكد لي أن هذه الصحيفة تستغل محبتي لها وتستنفد نشاطي وجهدي في سبيل تحقيق منفعتها الخاصة فقط، مقابل إعطائي مبالغ مالية زهيدة لا تكاد تذكر. حينها أدركت أن الاستغلال وعدم الإنصاف جريمة قبيحة لا سيما عندما ترتكب بحق الأوفياء المخلصين.