ويحكم يا هؤلاء ..
ماذا دهاكم ؟! وماذا أحل بكم ؟
ما نوع قلوبكم المتحجرة ؟ وما هو مصطلح ضمائركم المُميتة ؟
وما معنى تواجدكم في السلطة ومراكز القرار ؟
ما هذا الضعف والتخاذل الذي يحوم حولكم ؟
لماذا طاوعتكم قلوبكم لان تلعبوا وتعبثوا بقدر هذا البلد ؟
كان أملنا بكم كبير ، وثقتنا بكم تتزايد مع كثرة خطابتكم الإيجابية ؟ التي تبشر بالتفاؤل والأمل .. لصنع مجد هذا البلد.. لكنها اتضحتَّ مزاعم تلك الخطابات. وكانت إنما سوى تضليل إعلامي. وغرغرة كلامية تتبعتم على الفم للمرحلة الانتقالية والعملية السياسية .. وستار لما يجري ويحدث من نعرات وصراع تُحدث شروخ على جدران الوطن .
نعم أنتم .. ليس سواكم . أنتم من طلعتم بموافقتنا .. وانتصرتم بمعاركنا .. وفزتم بأصواتنا . وتعليتم المكانة بخيارنا .
نحن الشعب ، نحن الوطن ، نحن السلطة ، نحن كل شيء .. نحن من نصبناكم بتلك المقاعد .. وأهديناكم تلك الأماكن .
أنتم سوى غلاف لنا. وصورة لدولتنا . جعلناكم كستار. واتخذناكم كمضلة لسير سفينة الوطن لبر الأمان ولكنكم خذلتمونا .
نُخاطبكم ؟ نُعاتبكم ؟ نُصارحكم ؟ نُناشدكم ؟
اليمن على وشك السقوط . والبلد على شفى حفرة من النار . والشعب بين وهج الصراعات والفوضى وبؤرة الاقتتال . نتيجة خطواتكم ، وقراراتكم ، وأعمالكم التي لم تَلد بُداً فما كان عليها إلا ان تختار طريق الدمار ، وزرع قنابل وألغام ، تفتت نسيج هذا البلد ، وتُحرق أجساد أهل الوطن .
خفافيش الظلام تزحف نحو العاصمة . دخلت صنعاء . تستقل قطار الموت على طريقة الإرهاب تحت مسميات وهمية.. وتتحكم بعصى الخوف .. وتستخدم أفعال فرعون .. وحتماً ستلهث نحو حجوركم .. وستروي روحها من بحر دمائكم .
الحوثي جماعة متعجرفة .. وسفينة تابعة للقرصنة . ستغرق الجميع بدءاً بالقيادة في بحر الرحيل . وستشعل نار الظلم بثقاب الأنين .
إنها جماعة متوحشة ، تتعطش إراقة الدماء ، وتتباهى بأعمالها ، وتستقطب إلى صفها الجميع . بعُمُلتِها المشهورة . وأفعالها القمعية .
الطريق إلى صنعاء ليس سهلاً .. والقضاء على من فيها أمراً صعباً ، والسيطرة عليها شيئاً مستحيلاً ، وإسقاطها أمراً تخيره قيادة الدولة في تحديد موقفهم ، وإيقاظ ضمائرهم من غفلة النسيان .
نعلم جيداً ان الحوثي يقحم نفسه في أمراً صعباً ، جراء خطواته ، وعقليته الغبية الغير منطقية في تلمس أمر القضاء على صنعاء وإسقاطها بالطريقة السهلة التي تتمركز في عقليته والتي ستجيب نهايته إن صَحت الدولة من غفلتها .
جماعة الحوثي تُدرك ذلك ، ولا يعنيها أحد ، تستخدم القوة بمختلف الوسائل .. كي تحقق مرادها. وقطعت كل تلك المسافات من أجلها . وعبرت الحدود لتحقيق كل أهدافها .
هي لا تبحث عن مال ، انما عن من يُريد المال . ولا تبحث عن تصفية حسابات رغم وجود تلك الثغرة بينها وبين مختلف القوى ، ولا تبحث عن تجارة او صفقات ، انما عن من يريد ذلك وبطريقة سهلة .
تفعل كل ذلك لأجل تحقيق هدف معين ، تجازف بخطواتها الخاطئة ، وتضحي بأفعالها الغير شرعية والخبيثة .
هدفها الدولة .. التمركز على الحكم . والوقوف على عرش الملك ، والتسلط على كرسي السلطة .
تحدثنا مراراً وتكرارً عن حدوث ذلك .. عبر مختلف الوسائل والأماكن ، عبر كتابة المقال والرأي والتحليل .
كتبنا بأقلامنا .. وسطرنا على أوراقنا .. وثرنا بأقوالنا .
تعالت الأصوات حتى بلغت القلوب الحناجر .. ودعونا الجميع للتوعية حتى تعانقت الأروح وخرجت المواجع .
هذه الجماعة قضت على كل الطبقات الضعيفة ، وبلورتَّ عملية السلام ، واحرقت شباك التعليم ، وازاحة روح الأخوة والمحبة ، وازالة التطوير والتنوير ، واخترقت معظم العقول بفكرها المُخيف ، وطريقتها المزيفة ، لتقضي على المستقبل جيل بعد جيل .
استطاعت بكل تلك الأدوات والإمكانيات . ان تستولي على صعده وتُهجَّر سكانها .. أسقطها بنصره الزائف على الدولة بعد ستة حروب وهمية .
لم يكن نصراً حراً ، وصلباً وكفاحاً. انما نصر مخدوع ، ومغدور ، ومزيف .. منحهم هذا النصر النظام السابق بطريقة التفاوض والتعاطي بمختلف المسائل لما تقضيه المصلحة الشخصية المشتركة بين الطرفين .
أعطى لهم النظام السابق نوع من التحفز والنشاط .. وابراز القوة لتلك الجماعة ولا يزال ذلك حتى اليوم .. منهم فرصة النفوذ ، وتوسيع نطاق العملية المنفردة بالأعمال المحبوكة والمرشوشة على أطباق العنف والفوضى والدمار .
الحوثي في صنعاء .. بعد ان اسقط صعدة وعمران . وخاض حرباً شرسة في الجوف ولا يزال حتى الأن .
اتضحت فكرة الحوثي ، وظهرت أهدافه الحقيقية . حتى أنه أصبح يقاوم الجميع . وجعل له شعبية كبيرة . واهتمام ملحوظ من مختلف الدول والقوى السياسية .
أثبت تواجده بقوة السلاح والعنف ، وأبرز عضلاته وسط العاصمة ، دون أي تأثير على مراكز الدولة وقيادتنا الرشيدة .
أهان كرامة القيادة ، وأصر على وجود مظاهرات تحت شعارات مزيفة ووهمية ، وفرض نفسه كحاكم لليمن . ودولة داخل دولة. حتى وصل الأمر نتيجة غباء الحوثي والصمت المخزي لها من الدولة.. الى إمهال الرئيس هادي بضعة أيام لإقالة الحكومة ، وغيرها من المطالب والشروط التعجيزية . وإلا سيلجأ الى المرحلة الثانية . مرحلة العنف . وطريق الظلام.. الذي ان استخدمها ، وواصل غباءه المعتوه في سبيل طريقه الخاطئة الى بداية النهاية .
كل هذا في ضل تواجد الدولة . في ضل صمتَّ يحوم على الرئيس هادي والحكومة الموقرة .
المهزلة تتراقص على مسرح الوطن بين مختلف الجهات والقوى . والشعب أصبح مهمش وغير معني لدى الدولة .
الأمر فاق عملية السكوت والصمت . ووصل الى حد الجد والزحف والانكسار . والمواطن في نفق عميق ، واندرج في عنق الزجاجة. مما ضل يشكك في نية بعض القيادة ، وقرع طبول الحرب. وهو ما سيحدث متى صحَّ عزم القيادة في فرض هيبة الدولة وأنهاء هذه المهزلة التي تشوه كل معالم البلد والمتواجد على مراكز القرار.. رغم شكوكنا في خلط الأوراق وبعثرتها !
بقلم/ راكان عبدالباسط الجُـــبيحي
كاتب صحفي- يمني