عندما شاهدت كغيري أحدث صور للأستاذ علي سالم البيض اصبت بالصدمة للحالة الصحية التي يمر بها اليوم لم أجد نفسي الا وبتلقائية رافعا يدي للسماء داعيا الله عز وجل أن يجنبه أي مكروه ويشفيه ويعافيه من الحالة التي يمر بها.
ومهما اختلفت مع الأستاذ علي سالم البيض سياسيا والنهج الذي يمارسه في هذا المجال .. إلا أن ذلك لا يعني اني احمل للرجل ضغينة كما يعتقد البعض عندما انتقدت سياسيا .. الخلاف في السياسة لا يجب أن يتحول إلى عداء أو يجردنا من انسانيتنا ويحولنا إلى وحوش كاسرة تنهش بعضها البعض .. البيض كأي بشر يخطئ ويصيب ولا يجب التعامل معه وكأنه الوحيد الذي أخطأ في التاريخ السياسي على الرغم أن قيادات جنوبية تتحمل الخطأ في الاستعجال في الدخول بالوحدة لا البيض وحده يتحمل ذلك الخطأ كما أوضحت ذلك في منشور سابق.
المتني كثيرا صورة الرجل الذي كان أول من اتصل بي إلى لندن بعد خروجه من سلطنة عمان ووصوله إلى جنيف السويسرية .. سعدت بالاتصال ودعاني للقائه في النمسا عام 2009 ثم في نهاية العام نفسه مع كل من حيدر أبوبكر العطاس ومحمد علي احمد وصالح عبيد أحمد .. وصلت مطار ميونخ الألماني وهو أقرب مطار دولي للمنطقة النمساوية التي يقيم فيها البيض وأسرته .. استقبلني نجله عمرو وفيه كثير من ملامح والده وقطعنا بالسيارة أكثر من ساعتين حتى وصلنا إلى الفندق الذي يقع في نفس المدينة التي يقيم فيها البيض وأسرته .. عند بوابة الفندق وجدت الرجل واقفا بشموخ وبجانبه حرمه السيدة ملكي عبدالله حسن .. شعرت ان لي منزلة خاصة عند الرجل على الرغم اني لم التقيه من قبل ولم أتحدث إليه وجها لوجه إلا في تلك الزيارة لأننا افترقنا لتباين في وجهات النظر السياسية لا لخلاف شخصي والعياذ بالله .. بقيت بضعة أيام كان يأتيني إلى الفندق ونقضي وقتا في الحديث الذي يجمع أي جنوبيين إلا وهو الهم الجنوبي وما يعانيه الناس في الداخل .. وجدت في الرجل وبعيدا عن أي تقييم سياسي انسان يجمع بين نقاء الرجل البدوي المتأصلة فيه وفي تصرفاته وبين الرجل المدني بهيئته وتعليمه .. رجل لا أدري كيف فتح قلبه لي ليحدثني عن تفاصيل حياته وأسرارها رغم أننا لم نلتقي من قبل .. ظل يشيد بمواقفي من القضية الجنوبية ومتابعته لها منذ أن كان في مسقط وانا في لندن .. رجل لا استطيع ان اصفه للأمانة إلا بأنه نقي السريرة كانسان ولكنه سريع ما يتاثر بمن حوله في المواقف السياسية .. رجل تحس انه غاضب من غدر الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح به وغدر عدد من زملائه من القيادات الجنوبية .. ظل البيض يفتح من قلبه لي كثير من الروايات التي أعتز انه وثق بي لسرده لي عنها وسابقى حاملا لها وفاء لثقة الرجل بي .. تستغرب كيف تحمل الرجل كل هذه السنين على قلبه وهو يشاهد ويسمع يوميا الآلام ومعاناة الجنوبيين من وحدة تحولت قتل وقهر وكل أنواع المهانة والذل ويحمله الجميع مسؤولية ذلك دون أنصاف في أن قرار الوحدة كمان قرارا حزبيا لا شعبيا في الجنوب .. صحيح أن الرجل عنيد في تشبته برأيه ولكن قناعتي الشخصية أن قرار الوحدة لا يجب أن يتحمله تاريخيا بمفرده كما يسعى الكثير من رفاقه التنصل عن مسؤولياتهم ووضعوا الرجل وكأنه المذنب الوحيد .. وهذا قهر يعاني منه البيض يضاف إلى قهر الوضع الذي يمر به الجنوبيين .. وربما هذا التحمل اللا محدود انهك بدنه وصحته .. اقولها وبكل أمانة لا يتحمل البيض المسؤولية وحده بل كل من كان له صوت قبل الوحدة وهم قيادات جنوبية كبيرة .
زيارتي إلى البيض جعلتني على يقين من أن القادة الجنوبيين عاطفيين أكثر من أنهم سياسيين .. سرعان ما يتاثروا بمن حولهم سوا من أهلهم أو المقربين منهم .. تشعر أنهم صادقين رغم اكاذيب خصومهم .. تشعر بانسانيتهم رغم وحشية الطرف الذي انقلب عليهم والتهم الكل بدون رحمة .
البيض ومهما اختلفنا مع سياسته إلا أنه لا يجب أن نغفل أو ننكر نقاء قلبه وصفاء عقله وصدقه في ما يؤمن به .. البيض الإنسان إليك مني كل الحب والتقدير متضرعا إلى الله أن يجنبك أي مكروه ويشفيك من الحالة المرضية التي تمر بها .. وتعود إلى وطنك وبين أهلك سالما متعافيا بإذن الله .