منذ العام 1994م وبعد الاجتياح الكامل للقوات اليمنية لأرض الجنوب لم تتح قيادة نظام الاحتلال لأي من أبناء الجنوب تولي مناصب هامة في محافظاتهم ابتداء من المحافظين ومرورا بقيادات المناطق العسكرية والإدارات العامة ذات الإيرادات إلا إذا كان المسئول لا يهش ولا ينش بل وكان كل المحافظين ذوو رتب عسكرية ( وكلهم جميعا أو معظمهم من مناطق صنعاء وما حولها . )
واستمر هذا الوضع دون أن يجرؤ احد على الكلام بل أننا كنا نرى من أبناء البلاد من يقود وقفات احتجاجية تطالب ببقاء الفندم فلان أو الفندم الآخر الذي تدور في الكواليس إشارات بتغييره كل ذلك الوضع بقي مستمرا على هذا الحال إلى أن انطلقت الثورة الجنوبية في العام 2007م ومع اشتداد عودها ومع محاولات الاستقطاب كانت مسرحية انتخابات المحافظين التي اعتمدت على الأرشيف القديم لدولة الرفاق العميقة الذين (تمأتمرو) حسب الحاجة والظروف فتولوا قيادة المحافظات في الجنوب والفضل لله أولا ثم للحراك الجنوبي الذي بدأ يهز الأرض تحت أقدام نظام الاحتلال وهنا لم يبق الحال على موضوع المحافظين بل وصل الأمر إلى كثير من المناصب. ثم جاءت ثورة الربيع اليمنية وسلّم شركاء المبادرة الخليجية كرسي الرئاسة والحكومة وكثير من الوزارات لأبناء الجنوب وكل ذلك بسبب الحراك كما أسلفت الذي لم يهدأ في أي لحظة من اللحظات ،ولم ينفك عن مطالبه الرئيسية المتمثلة بالتحرير والاستقلال وقدم في سبيل ذلك مئات الشهداء وآلاف الجرحى وآلاف من المتضررين والمشردين منذ انطلاقته ليسقط كل رهانات نظام الاحتلال ومكر أتباعه .
حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم من قوة على مقارعة نظام الاحتلال وإلزامه وكل أحزابه ومكوناته بالتسليم بالقضية الجنوبية .
بعد أن عجزت بلطجتهم عن إضعاف الحراك وكسر شوكته فلم تجد بدا من التعامل معه كقوة سياسية وشعبية لا يستهان بها.
واليوم وبعد سنوات من التضحيات رأينا من كانوا يتبرؤون منه بالأمس بل ووقفوا ضد أوائل من انضم إليه يجنون ثمار ما زرعه المناضلون من إصرار وتضحيات وما سقوه بالدماء الشريفة ورأينا آخرين يتدافعون إليه أفواجا سواء كانوا سياسيين أو تجارا ومغتربين بل وصار لكل منهم جناحه الذي يدعمه .
الخلاصة : أنه بفضل الله ثم ببركات الحراك حصل كثير من أبناء الجنوب على المراكز القيادية الأولى في محافظاتهم وحملت التعيينات في الوزارات الكثير من أسماء الجنوبيين ولو كانت تعيينات ضمن دولة الاحتلال لكن يبقى أنها لم تأت إلا خضوعا لقوة الحراك واتساع شعبيته .
نأمل فقط ممن خدمهم الحراك وأوصلهم لتلك المناصب أن يحسنوا العمل لأجل الجنوب فهم أدرى الناس بالمشاكل الكبيرة التي تحيط بالمواطن الجنوبي فمن تعليم رديء إلى خدمات عامة متهالكة إلى مشاكل أراضي أزهقت الكثير من الأنفس وبطالة تقضي على آمال الشباب بالمختصر ثروة منهوبة وشعب فقير.
نأمل أن تتبع تلك التعيينات صلاحيات للمسئول المعين يستطيع من خلالها أن يقدم شيئا ملموسا لأبناء منطقته ، وأما إن كانت مجرد مناصب شكلية فالأصلح لهؤلاء و حفظا لماء الوجه بعد أن يستنفذوا وسائل تغيير الحال المأساوي للجنوب وأهله أن يقدموا استقالاتهم من مناصبهم فسيحفظ لهم التاريخ مواقفهم المشرفة و ستكون فرصهم مع جنوب المستقبل أكبر إن شاء الله.
(صحيفة الأيام العدد 5906 الأحد 28/12/2014)