المتعة في اليمن أن أي طموح سياسي أو إقتصادي أو عسكري بات قصير الأجل؛ وقلما دام طموح يمني شهرين أو عامين.
الطموح الحوثي على بجاحته، لا أظنه سيعمر. وعلى الأرجح، فعمره الافتراضي لن يناصف حتى السنتين الأكثر مرا في تأريخ إنسانيتنا المتخيلة، كل هذا الاذلال الجمعي الذي تعرضنا له، لن يعمر عامين.
ذلك أن ممكنات الحياة أكثر من عدد رصاص سلاح المليشيات، وحلمنا أكبر من حجم خيانة صالح، وخيط خنوعنا أوهى من ضعف ذهنية هادي، وإن قوتنا هي في جلادتنا، وفي جلد مجرمي جيلنا بأسياط المدنية والسلمية وبتنويع وسائل وأساليب ومخططات التغيير.
يعتقد الحوثيون أن الناس العاديين يكرهونهم ﻷنهم حوثيين قادمين من صعدة وحسب، هذا أمر خاطيء، فكل ما يتنامى من شعور يمني بالغبن ضد جماعة "أنصار الله" اليوم، هو مرتبط بتهاوي أركان الدولة على يديهم التي لا تفرق بين هدهدة رأس وقطعه، وبين نهب معسكر ومكافحة لوبي الفساد فيه.
ويزداد هذا الشعور بالضغينة الجمعية مع تجريب مُر لأنشطة هدامة وصل الحوثيون لمنتهاها وقالوا نحن لا نريد المشاركة في الحكومة. "شكلوا حكومة أنتم ونحن سنكون لجان إشرافية ورقابية في الهيئات والمؤسسات المدنية والعسكرية" هكذا كان لسان حال طموحهم المطلبي بعد اجتياحهم لصنعاء سبتمبر الفائت.
إن ما يقلق اليمني البسيط اليوم، هو أن جماعة الحوثي تتمدد بقوة السلاح وتفرض واقعا تقتل فيه من تقتل وتطرد فيه من تطرد وتأسر فيه من تأسر، ومن ثم تقول: احكموا أنتم.. أي حكم وأي شراكة وأي قبول بالتعددية تتحدثون عنها ؟!!
من سيجرؤ على أن يتولى منصب درامي في أي مؤسسة رخوة وفوهات بنادق مسلحي جماعة الحوثي تلازم كمايكروفون، طاولة مكتب هذا المسؤول أو ذلك، من أين ستأتي نشوة العمل والإنجاز والوطنية وشماعة مكتب المدير الأكاديمي ليس فيها كوت وربطة عنق وإنما شالات وجعب ولواصق "الصرخة".
إن كراهية الحوثي ليس مرتبطة سوى باستغفال الناس واستهبالهم والضحك عليهم بشعارات فضائية معاكسة ﻷنشطة الجماعة على الأرض. وفي تقدير كل متابع عاقل، لايمكن للكراهية أن تجد لها مكانا في نفس أي يمني، إذا حكم الحوثيون وسيطروا بطريقة شرعية تبقى فيها للدولة هيبتها المعنوية في نفوس أبناء الشعب.
ولقد تماهى الناس مع وجوه أشخاص ونشاط جماعات هي أسوأ من الحوثية (زعيما وجماعة)، لكن ثيمتها الوحيدة أنها جاءت بطريقة أقل ما يقال عنها أنها "تمت للعقل وللمنطق وللشرعية الشكلية بصلة".