حينما أشرقت شمس الحرية من بلاد المغرب العربي والمحروسة أم الدنيا، تجلى ربيع الأمل بحلته الخضراء، وزنابقه البيضاء، ليعم أرجاء البلاد العربية فرحاً وابتهاجاً ويرسم خطوة جادة في التغيير للمفاهيم الإنسانية التي لطالما حركتها الانتفاضات، ووثقتها الثورات، واستشفت من رحيق عطرها الحركات الداعية للعدالة والحرية والتكافل الاجتماعي والمساواة القائمة على استيعاب كافة حقوق الشعوب دونما مغالاة أو إيثار، وتحت مفهوم في نيل استحقاق الحقوق والالتزام بالقيام بالواجبات. فالثورة البيضاء تونس، وثورة الشباب خمسة وعشرين يناير مصر أكدت بأن المواطن العربي لا يزال لديه الروح التي تتنفس تيارات التغيير نحو الغد الأفضل، كذلك أُثّبِتت للعالم أجمع بأن المواطن العربي إذا أراد الحياة فإنه وحده من يصنع صفحاتها البيضاء. كي يحيا في كرامة وإجلال كما أثبت للغرب وأمريكا أنه قادر على تصميم خارطة حياته وحكم بلاده ضمن مناخ ديمقراطي حر الشعب هو منبعه الأول، كذلك أطلقت صفارة الضوء الأحمر في إسرائيل مخافة أن تتضرر مصالحها ومكتسباتها الاستعمارية في الشرق الأوسط ولا سيما فلسطين كنانة بيت المقدس. ثورات سيظل التاريخ يحملها تاجاً على رأسه ويحكيها لجيل تلو الجيل إلى أن ينطوي الوجود. فشرارة تلك الثورات صالت وجالت كل أرجاء البلاد العربية. فهي في مضمونها الجوهري ثورات فكرية - ثقافية –اجتماعية, الشباب هم بريقها الناصع الخالي من أية شوائب حزبية أو عقائدية أو طائفية، فالثورة في اليمن (أرض السعيدة) هي ثورة شبابية شعبية استقطبت كل الفئات العمرية وعلى وجه الخصوص الشباب. فالإنسان اليمني يريد التغيير الذي يكفل له العيش الكريم فالبسطاء من الشعب يرغبون في العدالة الاجتماعية وقمع الفساد وكسر حاجز غلاء الأسعار الذي بات طوقاً خانقاً يهدد سير حياتهم اليومية. وكذا الحد من مخاوف شبح البطالة الذي خلف الكثير من المشاكل والضغوط الاجتماعية على الشباب. إن شباب التغيير ومن منظور ثورتهم السلمية يعوا بل يدركوا تمام الإدراك أن اليمن فوق الجميع، وهو الأغلى والأبقى، وأن الوحدة اليمنية هي مكسب كل الشعب. وإذا بلغ الوعي الثوري ذروته من النضج فلا داعي للتكهنات والتخويف الذي لا يحمل مبررات واقعية حول مستقبل مصير اليمن ووحدته فما دام الشباب المستقل الغير منتمي لحزب أو طائفة عقائدية أو مذهبية يعي مفهوم الحرية والعدالة والتكافل الاجتماعي ويسعى للقضاء على الفساد والمفسدين أينما وجدوا. فلا خوف أن يتمزق ثوب الوحدة السندسي الذي عم على اليمن خيراً وعطاء وأكسبه حضوراً إقليمياً ودولياً واسع النطاق، وجعل اليمن الشمعة الأولى التي على وهج ضوئها ستضاء باقي الشموع ليخرج نور الوحدة العربية إلى أرض الواقع.