د. عبده البحش
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استراتيجيته الجديدة تجاه إيران، والتي عكست توجها جديدا ومغايرا لسياسية الرئيس الأمريكي السابق براك أوباما، ترامب ولأول مرة منذ دخوله البيت الأبيض يعلن عن استراتيجية أمريكية صارمة تجاه التهديدات الإيرانية المتزايدة التي كان يتجاهلها مع الأسف الشديد الرئيس براك أوباما.
لقد شجع براك أوباما إيران على تجاوز الخطوط الحمراء بسبب سياسته اللينة تجاه إيران، حيث منح أوباما النظام الإيراني امتيازات ما كان يحلم بها الساسة الإيرانيين ولم يكن يتصورها ملالي طهران، ومنها تطبيع العلاقات الإيرانية مع الدول الغربية ورفع العقوبات الاقتصادية الجزئية على إيران والافراج عن الأرصدة الإيرانية المجمدة، وهو ما سمح لإيران بتمويل الجماعات الشيعية الموالية لها لزعزعة الامن والاستقرار في المنطقة، ومن ثم تطوير قدراتها النووية والصاروخية.
لقد فهمت إيران الرسالة الامريكية والغربية خطأ وتصرفت بشكل مغاير لما كان يتوقع منها، حيث توقع الغرب ان إيران ستسلك سلوكا حسنا مقابل الامتيازات التي منحت لها وتكف عن تمويل وتسليح الجماعات الشيعية الموالية لها في المنطقة وتتعاون مع الجهود الدولية الرامية الى مكافحة الإرهاب والاهم من هذا كله التخلي عن الطموحات النووية والصاروخية ذات الدمار الشامل.
لقد أدرك ترامب عدم جدية إيران في الامتثال للمطالب الدولية ولمس أيضا مراوغة الثعلب الإيراني ونواياه السيئة في محاولة خداع العالم والولايات المتحدة الامريكية ومن ثم سارع ترامب الى اعلان استراتيجيته الجديدة لتلافي الخطأ الفادح الذي ارتكبه سلفه الرئيس أوباما في التعاطي بإيجابية والوثوق بإيران التي لا تلتزم بأية اتفاقات او معاهدات دولية نظرا لأنها تتبنى سياسية التقيه وهي عقيدة متأصلة في فلسفة وبنية النظامي الإيراني الشيعي.
استراتيجية ترامب الجديدة تقوم على عدة مبادئ رئيسية هي عدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي، إيقاف إيران عن التدخلات وزعزعة امن واستقرار دول المنطقة والتوقف عن دعم الإرهاب، فرض حزمة من العقوبات الاقتصادية على إيران ومنعها من تطوير القدرات الصاروخية، تحجيم دور إيران والحد من نفوذها التوسعي في المنطقة، استخدام الخيار العسكري إذا فشلت الإجراءات العقابية الرادعة مع ان هذا الخيار مستبعد وغير مطروح في الآونة الراهنة.
استراتيجية ترامب الجديدة بخصوص إيران تعد بارقة امل لليمنيين المتطلعين للسلام والخروج من دوامة الحرب، حيث من المتوقع ان هذه الاستراتيجية سترغم إيران على الايعاز لاتباعها الحوثيين للقبول باي تسوية سياسية مرتقبة تقترحها الولايات المتحدة الامريكية او الأمم المتحدة لإيقاف الحرب في اليمن وتحقيق السلام الشامل الذي طالما عرقله الحوثيين بإشارات من طهران.
استراتيجية ترامب الجديدة ستسمح او ستتيح الفرصة لتسوية سياسية شاملة في اليمن تعيد الامن والاستقرار الى البلد الذي جرته المليشيا الحوثية الإيرانية الى واقع مزي ووضع انساني كارثي بات يوصف بانه الأسوأ في العالم كله، حيث من المتوقع ان تدفع استراتيجية ترامب إيران والحوثيين الى التراجع والقبول بخطط الأمم المتحدة للسلام وهو ما كانت طهران والحوثيين يرفضونها من قبل جملة وتفصيلا.
نحن في اليمن كقوى تتطلع للسلام واستعادة الدولة من سيطرة الميليشيات الطائفية الحوثية الإيرانية، لا يسعنا الا نكون مع ترامب ضد إيران، لان وقوفنا الى جانب استراتيجية ترامب ضد ايران هو وقوفنا مع انفسنا ومصالحنا وطموحاتنا لأننا في اليمن نعاني من همجية التدخل الإيراني السافر في شؤوننا الداخلية ومن بغي وعبثية المليشيات الحوثية الإيرانية التي دمرت اليمن وجلب للوطن الخراب والفقر والجهل والتخلف والمرض، ولذلك نحن مع استراتيجية ترامب طالما انها ستحد من تدخلات ايران وتدعم جهود السلام في اليمن وتنقذه من وحشية المليشيات الحوثية الكهنوتية.