✍محمد بالفخر
قديما كان الشعراء والخطباء هم من يتحدثون في أمور الناس ... حملت لنا صفحات التاريخ الكثير من الأسماء اللامعة من حكماء وشعراء وخطباء كانت كلماتهم درراً وذهباً يستضيئ بها الناس كنجوم واقمار في ظلام الليالي..
تطور العالم وكثر الكتاب والمؤلفين والمتحدثين من يحملون قضايا الناس حتى وصلنا للوقت الذي بإمكان كل شخص انشاء قناة خاصة به ومنها ينشر للناس ما عنده سواء ذو أهمية او سخافات واكاذيب، المهم ان الفضاء مفتوح ولا حسيب ولا رقيب ولكل متابعيه ومن يصدق ما يقوله،
فتح الباب على مصراعيه للجميع، فقط أنشئ صفحة على مواقع التواصل او افتح قناة يوتيوب وابدأ بث فيها ما تشاء برغم ما في هذا الأمر من إيجابية نشر المعلومة وتوعية الناس وتوسيع افهامهم ومداركهم الا ان الكثير استشري كالوباء، يقدم أفكار مغلوطة وبلغة ساقطة هزيلة ومع ذلك تبعه الكثير فتجد متابعيه بالآلاف والبعض بالملايين.
لم تعد لحياتنا مذاقها الذي كان قبل ان تغزونا معلومات لا تتوقف سياسية اجتماعية منوعة نتلقاها على مدار الساعة.
عقولنا بدلا ان تبدع توقفت أصبحت فقط تتلقى مع تضليل ما نتلقاه من كتابات وفيديوهات وغيرها وهنا اتسعت رقعة المعرفة المبطنة بالجهالة.
ومن المؤسف حقا ان هذه المواقع اتاحت للبعض نشر البلاهة من خلال الأفكار والمنشورات والفيديوهات الغبية التي تنم عن جهل وللأسف يصدقها الكثير ويتفاعلون معها وصارت لديهم من المسلّمات.
تُفاجئنا مواقع التواصل بما تحمله من سفه كبير بين الناس في التعاطي مع القضايا العامة فلا مكان للعقل والمنطق بل حمقى وسفهاء يكذبون ويصنعون الكذب والعامة تصدق وتردد،
لقد استطاعت مواقع التواصل النفوذ الى عقول الناس وتوجيه الرأي العام نحو ما يرسمه لهم الساسة من خلال تلك المواقع والاعداد الكبيرة من البشر الذين تم توظيفهم حتى أولئك الذين يشاركون بشكل غير مباشر دون ترتيب منهم أساسا،
امتلأ عالمنا بمهرجين يمتطون الحديث عن قضايا الناس الكبرى ويصدُق فيهم حديث من لا ينطق عن الهوى عليه أفضل الصلاة واتم التسليم: "سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ ".
إضافة انه لا يخلو طرحهم من السب والقذف والشتائم والاتهامات الكاذبة ولا يخلو من السفه واشباع الناس بأساليب منحطة في الطرح يتأثر بها كثير من الناس وأصبحت اسلوب تعامل عام .
تلبّدت اجواءنا بالسوداوية اطروحات كئيبة وتحليلات مخيفة ومعلومات تشعرنا اننا نعيش بغابة لا مستقبل لها ولا معالم للنجاة منها.
غابت او على الأقل تحجمت وابتعدت عنا المعلومات الإيجابية والأفكار الإبداعية حتى ان الناس لم تعد تأبه كثيرا بما يفيد بل تجري وراء من يضحكها وهو في الواقع يضحك عليها ويقدم لها مالا يستحق التوقف عنده.
ما احوجنا الى أقلام صادقة وعقول منفتحة لا تخضع لقيد المال والشهرة وبيع الضمير لمن يدفع تحاول تعديل دفة المركب المائلة فو الله ان بقينا نعيش في عالم الزيف واعتلاء الرويبضة للمنابر واستفحال الجهل تكاد سفينتنا ان تغرق
أصبح واجبا على الجميع القيام بدوره المشرف لإنقاذ هذا الجيل ومن سياتي بعده.
خاتمة شعرية:
خنافسُ الأرض تجـري في أعِنَّتِها
وسـابحُ الخيل مربوطٌ إلى الوتــدِ
وأكرمُ الأُسْدِ محبـوسٌ ومُضطهدٌ
وأحقرُ الدودِ يسعى غير مضطهـدِ
وأتفهُ الناس يقضي في مصالحهمْ
حكمَ الرويبضةِ المذكورِ في السنَدِ
فكم شجــاعٍ أضـاع النـاسُ هـيبتَهُ
وكـمْ جـبانٍ مُهـابٍ هــيبـةَ الأسَـــدِ
وكم فصــيحٍ أمــات الجهلُ حُجَّتَهُ
وكم صفيقٍ لهُ الأسـماعُ في رَغَــدِ
وكم كريمٍ غدا في غير موضعـهِ
وكم وضـيعٍ غــدا في أرفعِ الجُــدَد
دار الزمان على الإنسان وانقلبت
كــل المــوازين واخــتلــت بمسـتند
http://adengad.net/news/288881/