الجنوب / للقضية جذور إتفق عليها الجميع

2017/11/27 الساعة 04:43 مساءً

إحتلت القضية الجنوبية المكانة الأبرز بين القضايا والمحاور التي تم نقاشها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وكانت نقاشات فريق القضية الجنوبية محط أنظار الساسة أجمعين ووسائل الإعلام المختلفة كونها بالمجمل ستحدد المصير السياسي للبلد ككل، كما كانت جميع الفرق التي وزع أعضاء مؤتمر الحوار الوطني عليها وعلى رأسها فريق بناء الدولة وفريق الحكم الرشيد تستقي محدداتها وتبني نقاشاتها بناء على ما يجري وما وصل إليه في فريق القضية الجنوبية.

 


هذه المكانة للقضية الجنوبية في إطار الحوار الوطني لم تكن مجرد إستيعاب من قبل اللجنة التحضيرية الفنية للحوار أو للأمانة العامة للحوار للمظلومية الحقيقية الواقعة على أبناء المناطق الجنوبية من قبل النظام السابق فقط بل لتراتبية الأحداث والإتفاقات السياسية أيضا خلال الثلاثين عاما الماضية في اليمن إبتداء بالنقاشات الممهدة للوحدة وإتفاقية الوحدة ومرورا بوثيقة العهد والإتفاق وحرب صيف عام ٩٤ ثم نشأة الحراك الجنوبي الشعبي المطلبي وصولا للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومابين كل ذلك من بيانات وقرارات إقليمية وأممية، هذه التراتبية السياسية أعطت الميزة للجنوبيين بالحديث عن قضيتهم ورفعها للعالم من منطلق سياسي بالدرجة الأولى يحوي في كنفه جميع المظلوميات الحقوقية والإنسانية والإدارية والإقتصادية كفروع للمنطلق الأساسي وهذه الميزة هي مفتاح فهم المكانة التي حظيت بها القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار ولاتزال تحظى بها في الواقع السياسي اليمني حتى الآن. 

 

ومن منطلق سياسي فإن أهم ما تم في مؤتمر الحوار الوطني الشامل بشأن القضية الجنوبية ليست المخرجات المتعلقة بالحل العادل للقضية - رغم أهمية ذلك - عبر التأسيس لدولة شراكة توزع فيها السلطة والثروة بشكل منصف تحترم فيها الحريات العامة وتعطى الحقوق الإنسانية المدنية والسياسية والإقتصادية للمواطن فيها بشكل يرقى لما يتمتع به مواطنو الدول المتقدمة أو حتى جبر ضرر كل مظلوم عبر آليات واضحة تحدثت بها وثيقة مخرجات الحوار بل الأهم في ذلك هو توافق جميع القوى السياسية والمدنية المشاركة في الحوار على وثيقة (جذور ومحتوى القضية الجنوبية).

 

هذه الوثيقة المضمنة في الوثيقة العامة لمؤتمر الحوار الوطني جاءت نتيجة إيمان بأن الحل العادل والأمثل للقضية الجنوبية لن يكون إلا برؤية واضحة متفق عليها حول أسس القضية وأبعادها -فعندما يكون الجرح واضحا للطبيب يمكنه بعد ذلك تطبيبه جيدا - فتم نقاش جذور القضية الجنوبية من أبعاد أربعة وهي ( البعد السياسي / البعد القانوني والحقوقي/ البعد الإقتصادي / البعد الثقافي والإجتماعي) ونتج عن هذه النقاشات زهاء خمسين ركيزة تلخص مضامين القضية الجنوبية.

 

إن أهمية وثيقة جذور القضية الجنوبية اليوم تكمن في إختصارها لنقاشات طويلة ومعقدة يمكن أن يخوضها الساسة والمجتمع عند الحديث عن الجنوب ومستقبل البلد مما يدفعنا للنظر مباشرة فيما أستجد خلال السنتين الماضيين ومحاولة إيجاد معالجات لآثار الحرب على البلد وإستكمال المضي قدما في إحقاق الدستور المنبثق عن وثيقة مخرجات الحوار، كما تكمن اهميتها أيضا في إمكانية إعتبارها سنداً تفصيليا لاخلاف عليه لأي رؤية مستحدثة يقدمها أبناء الجنوب بشأن مستقبلهم المنشود. 
 

*عضو الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ  مخرجات الحوار الوطني