د. عبده البحش
في خضم الصراع المحتدم في العاصمة صنعاء بين المليشيات الحوثية وميليشيات علي عبد الله صالح، تراشق الطرفان بحرب إعلامية هجومية ضد بعضهما البعض، حيث وصف اعلام الحوثي ميليشياته بالأجهزة الأمنية وسلطتهم الانقلابية بالسلطة الرسمية والشرعية، التي ينبغي على الجميع الإذعان لها والتسليم والخضوع الكامل بمنطق القوة الحديدة التي تفرض نفسها بقوة السلاح.
اعلام الحوثي يواصل تبني حرب نفسية ضد من أصبح غريمهم هذه الأيام واصفين اتباعه وانصاره بالمليشيات الخارجة على القانون، حيث ظهر جليا الخطاب الإعلامي الحوثي في تفنيد غزوة جامع الصالح او الهجوم على جامع الصالح بوصف العملية التي قامت بها المليشيات الحوثية بانها عملية امنية ضرورية نفذتها الأجهزة الأمنية ضد من اسموها ميليشيات صالح التي اتهموها بتكديس الأسلحة في المسجد واخفاء منظومة اتصال متطورة لا تملكها الا الجيوش الرسمية المتطورة.
من ناحية أخرى هاجم الاعلام الموالي لصالح جماعة الحوثيين واصفا إياهم بالمليشيات غير القانونية متهما إياهم بالانقلاب على الشراكة والطعن من الخلف في الظهر حسب تصريحات مقربين من صالح، كما دأب اعلام صالح على توجيه اللوم الى قادة المليشيات الحوثية في التصعيد مهددا ومتوعدا الحوثيين بإعادتهم الى جحورهم القديمة التي جاءوا منها في كهوف مران.
اعلام صالح بدوره يشن حملات إعلامية دعائية مضادة لتشويه الحوثيين بأنهم مجرد مليشيات منفلتة لا عهد لها ولا ميثاق، حيث وصف اعلام صالح الحوثيين بأنهم نقضوا الاتفاق الذي سمح لهم باستخدام ميدان السبعين لإقامة احتفالية المولد النبوي عندما قاموا بالاعتداء على جامع الصالح في محاولة للسيطرة عليه واستخدام مناراته الشاهقة للقناصين الحوثيين بهدف الانقلاب على الشراكة والتخلص من صالح ونفوذه بشكل نهائي.
التغير في الخطاب الإعلامي للجانبين يفصح عن جانب من الحقيقة التي بقيت طيلة ما يقارب ثلاث سنوات مدفونة تحت رماد الفوضى والعبث والانقلاب على الدستور والقانون والسلطة الشرعية ممثلة بفخامة الرئيس المنتخب شعبيا عبد ربه منصور هادي والتي ساهم الطرفان في تلك الفوضى العبثية التي قادت الى دمار البلاد برمتها خصوصا وان الطرفان تحالفا على قاعدة الثأر والانتقام فقط لا غير وهو ما يعد أقذر تحالف في تاريخ اليمن الحديث، وهو تحالف يشبه الى حد كبير تحالف علي بن الفضل وبن حوشب.
الحقيقة التي لابد من فهمها واستيعابها هي انهم كلهم جميعهم أي الطرفان صالح والحوثي ميليشيات انقلابية خارجة عن النظام والقانون والدستور، لكن الفرق بينهما هو السبق التاريخي فقط، فالحوثيون جماعة مليشياوية مسلحة منذ نشأتها وإعلان تمردها في محافظة صعدة بدعم واسناد من صالح الذي كان حينها رئيس دولة يتواطأ مع الحوثي لضرب الجيش اليمني ضمن حسابات كيدية خاطئة.
صالح أيضا تحول مع الأسف الشديد من رجل دولة الى رجل مليشيات عندما اتخذ لنفسه لقبا جديدا هو “الزعيم” فالتحول من الرئيس الى الزعيم بالنسبة لصالح هي العلامة الفارقة والبداية التاريخية لمرحلة جديدة من السيرة والسلوك المليشياوي الخاطئ، فالذي يتعاون ويتحالف مع مليشيات تقوض مؤسسات الدولة لا يمكن ان يوصف الا بانه مليشياويا، وهذا ما حدث لصالح بالحرف الواحد، ولذا نستطيع القول وبكل ومصداقية انهم جميعهم مليشيات.