التسابُقُ على تَرِكة اليَمن المريض!*

2018/01/17 الساعة 10:07 مساءً

???? *

? بقلم : *أ.د. فؤاد البنا*

♦لَهْفي على وطني اليمني، فقد سقط مضرجاً بدمائه؛ بفعل اقتتال أبنائه وتآمر خصومه وبعض أشقائه، لتنهال عليه المصائب من كل حدْبٍ وصَوبٍ، وتنهمر عليه الأوجاع من كل جهة واتجاه، وتمّت عملية سطْو واسعة النطاق على كل ما يمت له بصلة بما في ذلك الجغرافيا والتاريخ!

♦ ولأن *"المال السائب يُعلّم الناس السرقة** كما يقال، فإن الوطن اليمني استحال إلى قَصْعة يَتداعى عليها الأَكَلةُ النّهِمون، وتعرّض كل شيئ فيه  للسرقة بما في ذلك التأريخ، فقد تم تهريب آلاف القطع الأثرية النادرة إلى عواصم البلدان التي تتقاتل على الساحة اليمنية وإلى عواصم مشعلي الحروب من وراء البحار، وبفضل عوامل عديدة ظهر من يشري تراثنا اليمني بثمن بخس، ذلك أن اللصوص الذين يبيعونه من الزاهدين فيه؛ نتيجة جهلهم بنفاسته النادرة وقيمته الثمينة، وفي هذا الإطار تعرّضت مواقع تأريخية ومتاحف عامرة لعملية نهب منظم تارةً وعشوائي تارة أخرى!

♦وظهر نمط غير مسبوق من سرقة التأريخ وتجييره لصالح دول إقليمية عديدة، فمملكة *سبأ*  التي خلّد القرآن ذكرها في سورة من سور القرآن سميت باسمها، ادّعى بعض الأثيوبيين والسودانيين أنها كانت في بلادهم، وادّعى كل طرف أن الملكة بلقيس ابنة بلدهم، وظهر باحث مصري ليقول إن بلقيس ملكة مصرية فرعونية، وتحدّث عديدون عن أن حضارة عاد ذات العماد المذكورة في القرآن هي الحضارة الفرعونية، رغم إجماع المؤرخين على أن عاد من العرب البائدة وأنها كانت في منطقة الأحقاف المعروفة في حضرموت إلى الآن والتي كانت مروجا خضراء آنذاك بفضل سلسلة الأنهار والسدود، وقد سمى القرآن سورة أخرى باسمها *(الأحقاف)*!

♦ ولم يَنجُ من هذا التنافس المحموم أرخبيل سوقطرة الذي يقع في المحيط الهندي ويحظى بإمكانات طبيعية ومعدنية هائلة، ويضم أنواعا من الأشجار والنباتات النادرة، فقد زعم بعض الإماراتيين أن سوقطرة جزيرة إماراتية مع أن عُمْر الإمارات لم يصل بعد إلى عمر إنسان، فهي من مواليد 1971 بينما يمتد عمر سقطرة اليمني إلى آلاف الأعوام، ويبدو أن أشقاءنا في عُمان يرون أنهم أولى بسقطرة من الإماراتيين على الأقل فهم أقرب جغرافياً وأقدم تأريخياً، حيث كتب عديدون أن سكان الجزيرة من أصول عمانية، وتحدثوا عن الوشائج التأريخية وهجرات القبائل العمانية إليها، ولم يتخلّف الصوماليون رغم مشاكلهم عن هذا السباق ولاسيما أن الأرخبيل أقرب إلى اليابسة الصومالية، حيث تحدّث كثيرون منهم عن أصول صومالية للسكان، ولأن الأمر وليد تآكل الدولة اليمنية من أطرافها منذ سنوات غير قليلة، فقد قام بعض القراصنة الصوماليين قبل بضع سنوات بمحاوله غزو جزيرة (عبد الكوري) التابعة لأرخبيل سقطرة!

♦ وبالنسبة للإمارات فهناك تقارير عديدة تتحدث عن أنشطتها التي تحاول تجسيد أطماعها، وذلك في سقطرة والمهرة شرقي اليمن والتي تقع بمحاذاة سلطنة عمان، الأمر الذي أذكى مخاوف مسقط تجاه النوايا الإماراتية، ولاسيما أن العلاقات بينهما غير طبيعية منذ كشف مسقط عن خلية تجسس إماراتية وما قيل عن محاولة انقلابية ضد السلطان قابوس، ليحتدم التنافس بين الدولتين في صورة حرب باردة وساخنة أحياناً على الساحة اليمنية!
 
♦وفي هذا السياق كشفت بعض المصادر عن قيام أبو ظبي بتجنيد نحو ألفين من محافظة المهرة و500 من سقطرة، وذلك لتنفيذ الأجندات الإماراتية التي يسيل لعابها على سقطرى، ضمن سعيها المحموم للعب دور إقليمي كبير، على شاكلة الدور الذي كان يلعبه معمر القذافي! 
 وكان موقع "إنتليجنس أون لاين" الفرنسي قد ذكر أن الإمارات أحالت جزيرة سقطرة إلى منطقة عسكرية، وكثفت جهودها لبسط نفوذها عليها بالكامل، وذكر التقرير أنها سيطرت بالفعل على كل الميناء والمطار، وبدأت بتسيير رحلات جوية دون موافقة الحكومة الشرعية!
 وأوضح الموقع أن الإمارات بدأت في بناء قاعدة عسكرية ضخمة مشابهة لقاعدة أمريكية في جزيرة سان دييغو وسط المحيط الهادي والتي أفرغت واشنطن منها سكانها بالقوة في ستينيات القرن الماضي.

♦ وهناك تقارير عديدة تتحدث عن عملية توزيع أموال إماراتية واسعة وشراء ذمم ولاسيما بين المسؤولين والوجهاء، من أجل السكوت عن تجريف كبير يجري لخصائص سقطرة وأخذ نباتاتها النادرة إلى أبو ظبي، وشراء أراض من قبل رجال أعمال إماراتيين دون أي تنسيق مع حكومة الشرعية، ووصل الأمر إلى حد حديث بعض الإعلاميين الإماراتيين عن ضرورة إجراء استفتاء لمواطني سقطرة حتى يحددوا رغبتهم في البقاء ضمن الجمهورية اليمنية أو الالتحاق بالإمارات المتحدة!!

♦ وفي هذه الأثناء يتعرض التراث اليمني لتجريف كبير، ولاسيما في الغناء والإنشاد، يفوق كل ما حدث في السابق، حيث أن الشعب مشرد في فيافي الغربة ومنهك بالبحث عن أكنان الأمن ولقمة العيش، بينما الحكومة تعيش في المهجر وتعاني من تحديات عديدة

♦ وآهٍ من إخوة يوسف الذين رموا أخاهم في غياهب الحرب، وذهبوا يحتربون على ساحته، ويتسابقون على النيل من أحراره،

https://telegram.me/ProFB