*
*عبدالوهاب طواف. سفير يمني سابق*
جُلُّ الصراعات التي حدثت في الماضي وحتى يومنا هذا في منطقتنا العربية هي صراعات على السلطة والثروة؛ ودائماً ماتُغلف تلك الصراعات بدين أو مذهب أو دعاوى قومية ووطنية لغرض تجييش أتباع بسهولة ويسر.
في بلادنا؛ الكل جرب القفز باليمن إلى المجهول، سعياً خلف كرسي الحكم، وكلهم أستخدموا شعارات دينية للوصول إلى مُبتغاهم؛ لأنهم يعلموا أن المجتمع الجاهل يتأثر سريعاً بمايتعلق بالأديان بدون وعي وإدراك لما بين السطور.
اليوم وبعد فشل تلك المشاريع الشخصية والحزبية والمناطقية، والتسبب بدمار اليمن أرضاً وإنساناً؛ فإننا في أمسّ الحاجة لدولة تُحكم بدستور ونظام وقانون ولوائح تُنظم حياتنا بعيداً عن إجتهادات وفتاوى وتشاعيب الدعاة والوعاظ وأئمة المساجد ورؤساء الجمعيات الخيرية والزُهاد ومُفسري الأحلام والمنجمين واليساريين والقوميين والمفسبكين.
الحل يكمُن في تسييج الدولة ومؤسساتها بسياج دستوري وقانوني ومن تجاوز ذلك يُردع بقوة وبحزم وحسم للمحافظة على الدولة والمصالح العامة للناس.
قبل ذلك من الضرورة بمكان البدء بإستعادة الدولة من أيدي المليشيات الحوثية الإيرانية التي لا يهمها إلا البقاء على كرسي الحكم حتى على جثث أبناء الشعب اليمني.
اليوم الحكومة الشرعية في مفترق طرق؛ فمعظم شخوصها لا هم لهم إلا مصالحهم الشخصية ومعظمهم للأسف جاءوا من مربعات حزبية ومناطقية قفزاً على الخِبرة والتأثير والفاعلية.
لعل إستقالة الأستاذ عبدالعزيز جباري تُمثل صدمة كهربائية عنيفة للرئيس ولنائبه تدفعهما لإعادة النظر في شخوص ومسارات وسياسات الحكومة؛ وإبعاد من تسبب في إضعاف وإنهاك مشروع الشرعية العادل، وإعادة النظر في العلاقة الناظمة بين الشرعية وبين دول التحالف قبل فوات الأوان.
الأستاذ عبدالعزيز جباري رجل دولة محترم وفاعل، وخروجه من الحكومة سيُمثل خللاً كبيراً وفقداناً للتوازن؛ خصوصاً أن معظم من تبقى في تلك الحكومة "العجيبة" هم عبارة عن مُثبطات وكُتل قاتلة لكل جميل، وشخصيات لا وزن لها ولا تأثير إلا في عالم الموضة "والفهنة".
في إتصال هاتفي بالأستاذ عبدالعزيز طلبت منه الإصرار على الإستقالة مالم يُصحح المعوجّ ويستقيم الحال؛ فالموقف لم يعدّ يحتمل الصمت وغض الطرف عن مايحدث.
اليوم نحتاج فقط لحكومة حرب مُصغرة وعودة قيادات الدولة إلى الداخل اليمني، وتوقيف ماكينة القرارات الحزبية والمناطقية التي أرهقت وشوهت مؤسسات الدولة التي ماتزال أصلاً بأيدي مليشيا الحوثي، وإعادة النظر في مسارات الحرب ومآلاتها.
نحتاج أن يعلم الرئيس أن القوافل لا تصل إلى شواطئ الأمان بضعاف القوم ولصوصهم ولا تأتي الحياة عبر أنصاف الحروب؛ ونتمنى منه الإسراع في تصحيح كثير من الممارسات الخاطئة التي عشعشت في أروقة مؤسسات الدولة.
نحتاج لإعادة ترتيب جبهتنا السياسية وإستيعاب المتغيرات التي حدثت في ديسمبر الماضي.
نحتاج لخطة مشتركة مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية ومصر لمواجهة خطر التحركات السياسية والدبلوماسية الإيرانية القطرية النشطة في الغرب، والتي تعمل ليل نهار لدعم الحوثه وضمانة بقائهم شوكة في خاصرة المملكة العربية السعودية، حتى على دماء وأشلاء الشعب اليمني.
هذا الكلام ليس دليلاً على ضعف أصابنا وإنما هي أصوات حريصة على تسريع إستعادة الدولة، والحمدلله نحن اليوم في موضع قوة والميليشيا في موضع ضعف وتلاشي، والجبهات في حالة أفضل؛ ومن ينظر إلى حال الميليشيات الحوثية الإيرانية في آواخر عام 2015م وحالها ومواقعها اليوم يدرك ماذا أقصد.
نحتاج فقط لإعادة ترتيب صفوفنا وتفعيل أدوات نضالنا والتخلص من كوابح أعاقت تحقيق الهدف الذي لأجل تحقيقه تشْكل التحالف لإنقاذ اليمن.
غداً اللقاء بصنعاء الحبيبة.
لندن.
20 مارس 2018م