انعقاد مجلس النواب بين تشكيل رئاسة وإعلان عاصمة لليمن
محمد عبدالله القادري
على ما يبدو ان هناك اشكاليتان هي التي تسببت في تأخير انعقاد جلسات مجلس النواب الذي اكتمل نصابه ليمارس البرلمان مهامه ويمنح الدولة الشرعية قوة تشريعية مضافة لقوة شرعية سلطتها التنفيذية.
الاشكالية الاولى تتمثل في عدم التوافق والاتفاق بين مكونات الشرعية على رئاسة للمجلس ونواب لها .
والاشكالية الثانية تتمثل في عدم القدرة على انعقاد المجلس في العاصمة المؤقتة عدن ، والذي يفترض ان يعقد جلساته في مدينة تعتبر عاصمة وليس من المقبول اطلاقاً عقد جلساته في منطقة لا تعدها الدولة الشرعية ولا تعتبرها عاصمة لها.
هذه الاشكاليتان كان المفروض ان لا تظهر في ظل المرحلة التي تعيشها اليمن ، وحتى لا يحدث صراع داخلي بين مكونات واعضاء برلمان الشرعية الذين يعول عليهم ان يكونوا المثال الاول في التوجه نحو التخلص من كل الاشكاليات والصراع الذي يعرقل العودة الكاملة للدولة في كل اليمن ، لا ان يسمحوا لتسلل أي صراع لداخل البرلمان لينشغلوا ويختلفوا فيه ويسيئوا لأنفسهم ويحدثوا انشقاق داخلي للبرلمان المتحد اعضاءه ضد الانقلاب ويعرقلوا انطلاقة المجلس ، فمن العيب والعار والخزي ان يتحد كل اولئك الاعضاء والمكونات في موقفهم ضد الانقلاب الحوثي ثم يختلفون ويتصارعون فيما بينهم بسبب تشكيل رئاسة للمجلس.
الاشكالية الاولى التي كان المفروض ان لا تحدث ، ممكن لأي طفل عمره لم يبلغ سن الحلم ان يحلها ان كان اعضاء البرلمان لم يتحلو بالعقل ليظلوا في صراع ويختلفوا حولها.
في رأيي الشخص انه كان المفروض ان يتم تصعيد الشدادي لرئاسة المجلس باعتباره كان نائباً في صنعاء وانضم للشرعية مبكراً ليمثل تواجد لبرلمان الشرعية منذ الوهلة الأولى ، ثم بعد ذلك يتم اختيار ثلاثة نواب للشدادي يمثلون ثلاثة مكونات مؤتمر واصلاح والثالث يمثل بقية الاحزاب.
لو كان حزب الاصلاح قام منذ بداية الحرب والانقلاب بسحب حمير الاحمر الذي كان يعمل نائب لرئيس مجلس النواب بصنعاء ، كان ممكن ان يحدت هناك خلاف وتنافس لرئاسة المجلس بين الشدادي وحمير الاحمر ويكون الاختيار لاحدهما عبر اي طريقة سواء توافق او انتخاب وتصويت بين اعضاء برلمان الشرعية.
الآن مادام اعضاء برلمان الشرعية ومكوناته يريدون تشكيل رئاسة ونواب بطريقة تستبعد تصعيد الشدادي لرئاسة المجلس ، فالحل ايضاً سيكون سريع دون ان يظهر ويحدث اي خلاف واشكال.
كالعادة كان يتم اختيار رئاسة لمجلس النواب ونواب لها بطريقة تتيح تمثيل متوازن لمكونات المجلس ، كان حزب المؤتمر يمتلك الاغلبية المريحة في اعضاء البرلمان مما يجعله قادر على الاستحواذ التام على منصب رئيس المجلس ونوابه ولكنه كان يتيح للمكونات الاخرى الحصول على مناصب ويختار مرشحيهم ليفسح لهم المجال بجانبه في ادارة المجلس وهذه ايجابية محسوبة للمؤتمر .
حتى اصبحت مناصب ادارة مجلس النواب من رئيس ونواب يمثلون مكونات المجلس ليعكس صورة ايجابية تجسدت في التعبير على مكونات المجلس السياسية المتواجدة في المجلس وليس على حسب اغلبية أي مكون ، مما أصبح هناك تمثيل للمؤتمر وتمثيل لحزب الاصلاح كحمير الاحمر وتمثيل لبقية الاحزاب الاخرى اليمينية واليسارية كعبدالوهاب محمود الذي كان يعتبر ممثل لبقية الاحزاب من ناصري واشتراكي وبعثي.
برلمان الشرعية اليوم يمتلك حزب المؤتمر الاغلبية فيه ، ولكن هذا لا يعطي المؤتمر الحصول التام على رئاسة المجلس والمقاعد النواب الثلاثة ، فعملية التوازن والشمول في ظل حرب نعيشها نكون فيها بحاجة للاحتواء وتوحد المكونات ، والمطلوب ان يتم تشكيل رئاسة المجلس بشكل رباعي يشمل تمثيل المؤتمر بالنصف من حيث رئاسة المجلس ونائب ثم نائب يمثل الاصلاح ونائب يمثل بقية الاحزاب .
حزب المؤتمر الذي كان من قبل له النصف عبر رئيس للمجلس ونائب له في صنعاء يجب ان يكون ذلك في برلمان الشرعية ،، فالمؤتمر اليوم الذي يتواجد داخل برلمان الشرعية كمؤتمر يتبع الرئيس هادي ومؤتمر يوالي صالح يجب ان يتقاسم المقعدان بمقعد لكل منهما ، احدهما له مقعد رئاسة المجلس والثاني مقعد نائب للرئيس ، ثم يكون الاصلاح بمقعد نائب والاحزاب الاخرى من اشتراكي وناصري وغيري بمقعد نائب ، وهنا ستتم تشكيل رئاسة ونواب للمجلس بطريقة توازن وشمولية تمثل كل الاطراف عبر تشكيلة رباعية تضم مقعد لمؤتمر هادي ومقعد لمؤتمر صالح ومقعد لحزب الاصلاح ومقعد لبقية الاحزاب التي يجب ان تتفق فيما بينها على اختيار ممثل لها كلها.
طريقة القياس والعمل عبر رؤساء الكتل البرلمانية للاحزاب تعتبر طريقة خاطئة قد ينتج عنها خلاف حزبي داخلي لبعض الاحزاب مما يؤثر على البرلمان بأكمله .
كان المفروض على حزب الاصلاح ان يسحب من صنعاء رئيس كتلته البرلمانية السابق منصور الزنداني ويجعله يمارس عمله حالياً كرئيس كتلة الحزب البرلمانية ولا يدعه في صنعاء ليجعل الشرعية تخسر عضواً برلمانياً ويولد لغز لبقية الاحزاب التي لا تستطيع التعامل عبر انتخاب رئيس كتلة برلمانية جديد .
فحزب المؤتمر المنقسم بين هادي وصالح جعله هذا الانقسام غير قادر على تعيين رئيس كتلة برلمانية جديد ، بالاضافة إلى ان الشيخ سلطان البركاني رئيس الكتلة البرلمانية لم يكن في صنعاء ، بل متخذ موقف ضد الانقلاب وهو ما يعني عدم وجود اي مبرر لتغييره او عدم وجوده.
وكان المفروض اذا كان القياس عبر توافق رؤى رؤساء الكتل للاحزاب ، ان يتم تصعيد الشدادي رئيس للمجلس وتعيين رؤساء الكتل في مناصب النواب الثلاتة ، وتكون المقاعد موزعة بين البركاني رئيس كتلة المؤتمر ورئيس كتلة الاصلاح ورئيس كتلة الاشتراكي او الناصري.
المشكلة او الاشكالية الثانية هي عدم انعقاد مجلس النواب في عدن التي تعتبر عاصمة مؤقتة ، ومعنى ذلك انه غير مقبول انعقاده إلا في حالة اعتبار ان عدن لم تعد عاصمة مؤقتة .
لا توجد دولة بالعالم تعقد جلسات برلمانها في منطقة خارج المنطقة التي تعدها عاصمة لها ، فبرلمان الدولة يجب ان يمارس عمله في موقع عاصمة الدولة الحالية.
ليس من المقبول ان يتواجد مجلس الوزراء ويمارس عمله في عدن وتنعقد جلسات مجلس النواب خارج عدن .
انعقاد المجلس خارج عدن كحضرموت او المهرة معناه سلب الرسمية عن اعتبار عدن عاصمة مؤقتة للشرعية ، وهو ما يعني ان العاصمة هي المكان التي انعقد فيها المجلس .
أنا أحبذ ان ينعقد مجلس النواب في المهرة لتصبح المهرة هي العاصمة التي يجب على الدولة الشرعية ان تتخذها وتقررها رسمياً ، والغاء اي رسمية او ممارسة للدولة تتم على اعتبار ان عدن عاصمة .
انعقاد مجلس النواب في المهرة معناه اعتماد المهرة كعاصمة لليمن ، وهو ما يفرض على الشرعية ان تقرره وتعلن عنه .