سقطرى يمانية والمهرة يمانية
=ء================
عبدالرب السلامي
24 يونيو 2019م
الهوية اليمنية لمحافظتي سقطرى والمهرة ليست وليدة حدث سياسي عابر أو تشكل كيان وطني حادث، بل هي جزء أصيل من الهوية اليمانية الضاربة في جذور التاريخ والممتدة إلى عشرات القرون من الزمان، مثلها مثل حضرموت وعدن وسائر مناطق اليمن الكبير.
وهنا سأسرد بعض النقولات من كلام المؤرخين والعلماء، للرد على تلك الأصوات التي تحاول التشكيك في يمانية جزيرة سقطرى ولحمتها التاريخية ببلاد المهرة.
1. قال الجغرافي الشهير ابو عبدالله محمد الادريسي (ت 562 للهجرة): "وأما جزيرة سقطرى فهي جزيرة واسعة القطر جليلة القدر بهية الأرض نامية الشجر وأكثر نباتها شجر الصبر ولا صبر يفوق صبرها في الطيب كالذي يتخذ بحضرموت اليمن والشحر وغيرها، وهي كما قلناه تتصل من جهة الشمال والغرب ببلاد اليمن بل هي محسوبة منه ومنسوبة إليه " (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق للأدريسي ج5 ص50).
2. وقال المؤرخ الهمداني (ت 336 هجرية): "ومما يجاور سواحل اليمن من الجزائر جزيرة سقطرى وإليها ينسب الصبر السقطري.. وطول هذه الجزيرة ثمانون فرسخا وفيها من جميع قبائل مهرة" (صفة جزيرة العرب للحسن بن يعقوب الهمداني باب ذكر جزائر البحر).
3. وكتب الملاح العربي العماني أحمد بن ماجد (ت 906 هجرية):
"سقطرى جزيرة عامرة.. وفيها خلق كثير قريب العشرين ألف آدمي، وقد ملكوها من قديم الزمان خلق كثير، فلم تتم إلا لأهلها وقد ملكوها في عصرنا محمد بن علي بن عمر بن عفرار وبني عبد النبي سليمان الحميري وكلاهما من شيوخ المهرة" (الفوائد في معرفة علوم البحر والقواعد لابن ماجد ص 160).
4. وأما يمانية المهرة فقال عنها الإمام الطبري صاحب التفسير: "وبلاد مهرة، في ناحية الشحر من اليمن، ببلاد العنبر على ساحل البحر".(تفسير الطبري = جامع البيان المكتبة الوقفية 12/514).
5. وقال الرحالة العربي ابن بطوطة(ت 779هجرية): "ركبنا البحر من كلوا (تنزانيا) إلى مدينة ظُفَارِ الحبوض وهي آخر بلاد اليمن على ساحل البحر الهندي" (تحفة النظار في غرائب الامصار ص267).
6. وقال ياقوت الحموي (ت 626 هجرية) في كتابه الشهير معجم البلدان: "الأَشْفَارُ: جمع شفر، وهو الحدّ: بلد بالنجد من أرض مهرة قرب حضرموت بأقصى اليمن". (معجم البلدان ج1ص198).
7. أما لغة أقاصي اليمن القديمة التي لا زال يتحدث بها ابناء المهرة وسقطرى إلى اليوم فهي تأكيد أيضا على يمانيتهما كما قال إمام اللغة والقراءات أبو عمر بن العلاء (ت 154 للهجرة) قولته الشهيرة: "ما لغة حمير وأقاصي اليمن بلغتنا ولا عربيتهم كعربيتنا" (طبقات فحول الشعراء للجمحي)
وغير هذا كثير، وليس المقام مقام استقصاء وإنما هو فتح باب أمام الباحثين المختصين لإلجام تلك الأفواه التي تحاول تزييف الهوية واعتساف حقائق التاريخ والجغرافيا والأنساب، لإعادة انتاج مشاريع استعمارية تمزيقية قد لفظها شعبنا في ثورة أكتوبر المجيدة عام 1963م.
وختاما أقول: تعالوا بنا نختلف سياسيا ونتباين في مشاريعنا بين (الوحدة والانفصال والاتحاد) أو غيرها، وتعالوا بنا نبحث عن حول لقضايانا الوطنية، لكن دون المساس بثوابت الهوية وحقائق العلم، فالخلافات السياسية إذا تجاوزت حدود المتغير السياسي إلى الطعن في الأنساب والمساس بالهويات، فإنها حينئذ تتحول الى مشاريع عنصرية وصراعات صفرية وأزمات مزمنة يستعصى حلها.