محمد بالفخر
الحديث في هذا الموضوع شائك وطويل لمن أراد الخوض فيه وقطعاً له من المتخصصين ممن قد سبق في هذا الموضوع وأخرج الكثير من الكتب والبحوث التي أظهرت الكثير من الأنشطة السياسية والثقافية للرواد الحضارم في مختلف العصور والأقطار.
لكن ما وددت الإشارة اليه هنا عن عدم وجود أي دور سياسي للحضارم في مهاجرهم القريبة وبالتحديد خلال نصف قرن مضى،
وقد يكون للأمثال الشعبية الكثيرة التي تربوا عليها ويسمعونها ممن هم أكبر منهم سناً وكلها تضع في نفسه الرعب وتدعوه الى الابتعاد عن مواضع الريبة أياً كانت وعبارة (ما سيبي) هي الملازمة للكثير وإذا عاده حفظ شيئاً من أقوال الحكيم الحضرمي بوعامر: خيرُ القول قولة ما دريت
إن شفت شيء ما قلت شيء
وإن حد حكى لي ما حكيت.
فستصبح مثل الحرز في رقبته.
إضافة الى إرهاب دولة الرفاق وأمنها الذي كان يحصي الأنفاس كان هو الآخر سبباً من الأسباب.
وإذا أخذنا المملكة العربية السعودية مثالاً لتواجد أكبر جالية حضرمية بها خلال الخمسة عقود الماضية، فلم نجد الحضرمي إلا مُنكبّاً على عمله سواء عمله الخاص او وظيفته التي يقوم بها على أكمل وجه في الغالب ولم يجد الفرصة للحديث في أي شأن آخر سوى السؤال عن أخبار الأهل والأقارب في البلاد وهل شيء أمطار والسيل حق الوادي الفلاني الى فين وصل؟ وعند من تزوج فلان؟ وآخر شريط للفنان ابوبكر سالم او كرامه مرسال وإذا وجدوا فرصة يوم الجمعة لمشاهدة مباراة للاتحاد او الهلال فهذه تعتبر من النشاط الترفيهي المميز جداً.
ثمّ جاءت ظاهرة إقامة الزواجات في قصور الافراح واحضار فنان ليحيي هذه المناسبة ومع ظهور كاميرات الفيديو في منتصف السبعينيات فكانت هذه المناسبات فرصة لتجمع أكبر عدد ممكن منهم في مكان وزمان واحد وبطبيعة الحال لا مجال لتواجد السياسة في هكذا مناسبات،
بدايات الظهور والاهتمام الملحوظ كان في عام 1978م اثناء زيارة الرئيس سالم ربيع الى المملكة والذي خصص له برنامجا للقاء عدد من الشخصيات الحضرمية وكان لقاء مكاشفة او مواجهة تم تنبيهه إلى الكوارث التي قام بها مع رفاقه في حق الوطن والمواطن وضرورة العودة لجادة الصواب ووعدهم حينها بالتصحيح لكن رفاقه لم يمهلوه.
وفي مطلع التسعينيات وبالتزامن مع اعلان الوحدة اليمنية ومن ثم حرب 1994 ومع بداية الفضائيات بدأت ترتفع وتيرة الاهتمام والمتابعة من الكثير وبلغت أوجها ما بعد زيارة بعض الشخصيات ذوي الأصول الحضرمية لحضرموت وإقامة بعض المشاريع صاحبها احتفالات لوضع حجر الأساس وللافتتاح شارك فيها الرئيس علي صالح شخصياً وهتف مقدم الحفل القادم معهم بحياة القائد الرمز والمؤتمر،
وأبرزت منتديات الشبكة العنكبوتية عشرات بل المئات من الأسماء المستعارة والوهمية تتحدث بعضها في أعماق السياسة البعيدة، وأما وسائل التواصل فقد جعلت حتى الطبول الجوفاء دهاقنة في علم السياسة والاجتماع والنضال الثوري فتجاوزوا ابن خلدون وافلاطون ولينين وماركس وجيفارا.
وأما سنوات اغتراب الدولة الأخيرة فقد تسابق بعض الحضارم في الرياض وجده لإقامة الولائم الكبيرة لكبار المسؤولين وبحضور جموع غفيرة وهذه سياسة بحد ذاتها، ولو أقيمت مثلها للجموع الجائعة في داخل البلد لربما للهجت ألسنتهم بالدعاء لهم الليل والنهار،
ورأينا من الأثرياء الحضارم ايضاً من أقام حفلات تكريم لمن في عهده عاشت عدن أسوأ أيامها من جرائم قتل واغتيال لعدد من الأئمة والدعاة والخطباء والشخصيات السياسية والأكاديمية والاجتماعية فهذا هو الدخول الأعمى للسياسة من اوسع أبوابها؟