عن حصار قطر..ما الذي حققه العربان..؟

2020/12/04 الساعة 06:02 مساءً


كتب / انيس منصور 
مرت أكثر من ثلاثة أعوام على حصار قطر، وإذا ما حاولنا قراءة النتيجة بمعيار الربح والخسارة، فلن يجرؤ شخص واحد يحترم نفسه وعقله، أن يثبت نقطة واحدة تمكنت فيها دول الحصار من حيازة مكسب من قرارها الارتجالي إزاء قطر. 


القول أن دول الحصار فشلت في تحقيق أي مكسب من حصارها لقطر، ليس حديثًا نابعًا من انحياز المرء لقطر على حساب الدول الأخرى، بل خلاصة تسندها كل التقارير السياسية والإقتصادية الصادرة من جهات دولية محايدة، لا مصلحة لها في محاباة أحد.  


لعل الإنجاز الوحيد الذي تمكن العربان من تحقيقه في حصارهم لقطر، هو تخريب النسيج الإجتماعي المتماسك لدول الخليج، وهتك قدسية العلاقات البشرية وروابط القرابة، وهو إنجاز لا يتعلق بأذية مواطني قطر فحسب، بل ومواطني دولهم أيضًا. 

في البدء تمكن العربان من إحداث ربكة مؤقتة بقرارهم العدائي ضد قطر؛ لكن طريقة تعاطي قطر مع الحصار كانت ذكية وفاعلة وسريعة جدا، عززت الدولة من تحالفها العسكري وأمنّت شعبها، خلقت خطوط تجارة بديلة وضخت مليارات الريالات في الأسواق، ووقفت بصلابة ناجحة في نهاية المطاف. 


يمكن القول العربان المحاصرين لقطر، قدموا لها جميلًا كبيرا من حيث لم يحتسبوا، لقد دفعوا بها لإنجاز استقلال وطني كامل، وعلى كل المستويات، قبل الحصار كانت قطر تحرص على مداراتهم أحيانًا بحكم الجوار والقرابة، وحين دشنوا القطيعة، حرروها من خناق التحفظات وصارت أكثر حرية وطلاقة. 

دوافع العداء السعودي الإماراتي لقطر،لا علاقة له بالمبررات الشكلية التي أعلنوها.قال يوسف العتيبة إنه خلاف فلسفي،لقد صدق وهو كذوب،لكن تفسيرة لماهية الخلاف الفلسفي لم يكن دقيقا،والحقيقة أنه خلاف بين توجهين، توجه داعم لحرية الشعوب في المنطقة وتوجه مستبد يريد إعادة الشعوب لبيت الطاعة.

منذ بداية مشروع النهضة القطري الحديث وتحديدًا في العام 95م، ظهر بوضوح أن قطر تنتهج خطًا سياسيًا متميزا ومفارقًا للسياسة الخليجية الخاضعة،ومن هنا بدأت مشاعر الحنق والتوجس السعودي الإماراتي منها، رأوها تشق طريقها بفاعلية أكبر وهذا ما لم يروقهم قط. وهو ما أرادوا إجهاضه ولم يتمكنوا.

لم يكن قرار حصار قطر فكرة خليجية بحتة، بل كانت إسرائيل مشاركة رئيسية فيه، وهذه ليست تهمة فضفاضة، بل حديث موثق كشفته صحيفة هارتس الإسرائيلة، ومن قبلها أكدته تسريبات البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن" يوسف العتيبة" والمراسلات التي تمت بينه وبين أطراف عديدة. 


الخلاصة: تابعوا تصريحات قادة ومسؤولي دول الحصار منذ اليوم الأول حتى هذه اللحظة، ستجدهم متخبطين ومواقفهم متضاربة ولم يعودوا يدركوا كيف يتصرفون، لقد استوعبوا تمامًا فشل الحصار كليًا، بل وانعكاسه إيجابيا على وقطر، لكنهم لا يملكون شجاعة للإعتراف ولا مخرج للحفاظ على ماء وجوههم.