أكملت الآن مشاهدة مقابلة الميسري للمرة الثانية، بدأتها بمزاج هادئ وانتهيت منها بروح منتعشة، بعيدًا عن كل شيء، أدعو اليمنيين المتعطشين لحديث رمز يمني يبث الحماسة في قلوبهم أن يتابعوه جيدا، حتى لو كنت تعارضه، تابعه فحسب. صدقوني هذا ما يفتقدوه اليمنيون في هذه اللحظة.
كثيرة هي العبارات التي شدتني في مقابلة الميسري على قناة الجزيرة بالأمس، لعل أبرزها قوله: لا فرق لدي بين أن أكون جنديًا يخدم بلده في منفذ حدودي وربما أراد أن يكمل فيقول: أو رئيس للوزراء، هذا باعتقادي هو قمة النزاهة والتجرد ومن هنا تنبع قوة موقف الرجل. كالغيث أينما وقع نفع.
في مقابلة البارحة، كرر الميسري أكثر من مرة حديثه عن الهوية اليمنية؛ لكأن الرجل يدرك جيدا ما يتهدد مصير البلاد ليس سياسيا فحسب بل مخاطر وجودية تنهش عمقه الحضاري، هناك لؤماء يريدون استغلال لحظة الهوان اليمني للعبث بهويته اليمنية العربية والجمهورية، لن يمروا، وأمثال الميسري بيننا.
قمة النبل، أن تجد سياسيًا تعرض لكل ذلك الغبن والإقصاء من قبل الرئاسة اليمنية ورفاق دربه ومع هذا تجده متشبث بموقفه الصلب دفاعا عن الدولة تماما كما كان موقفه وما يزال عضوا في الحكومة، هنا تتجلى أصالة السياسي وجدارته بأعلى درجات التشريف.
يعاتب الرئيس هادئ بلغة هادئة،وينتقد معين عبدالملك بشكل واضح وبدوافع صادقة،ومع هذا يستدرك ليقول، رغم كل ملاحظاتنا على أداءهم: نحن نقف جوارهم وندعوا لتمكينهم ونرفض المشاريع الموازية للدولة،هذا ليس حديث سياسي للمناورة،بل تعبير ذكي يلجم الجميع،عن الميسري أتحدث ومن سواه حديث اللحظة.
قبل نهاية المقابلة: تحدث الميسري ليس كسياسي يمني فحسب،بل كشخصية عربية ترقى لتكون رمزا عروبيا تضخ الكبرياء في عروقه،قالها بلهجة غاضبة وقاطعة:فلسطين "ليست قضية سياسية،إنها قضية عدالة ودين" قضية شعب وليست مجالا لأحاديث الصبيان أمثال الزبيدي الذين أرادوا اتخاذها معبرا لخطب ود تل أبيب