خازوق هادي
ضحت الرياض بالشرعية، والقرارات الدولية المتعلقة بها، في أول موعد غرامي مع الحوثيين تزامنًا مع موسم الحفلات الغرامية التي تقيمها الرياض،إلا أنها اختارات أن يكون موعدها مع عشيقها الجديد في مكان لم تطأه أقدم عشاقها القدامى الذين تهافتوا على مالها،مع علمهم بوضاعة نسبها،وقبح وجهها .
خسرت السعودية هادي كرئيس بغض النظر عن الخلاف حول شخصه وأدائه،فخسرت معه القرارات الدولية التي تستمد منها المسوغ القانوني لتدخلها في اليمن،فبدون هذه القرارات تصبح تدخلات الرياض مثلها مثل تدخلات طهران،فالرياض التي لم تستطع إقناع الحوثي بشرعية هادي بالحوار،ولا استطاعت فرضها عليه بالقوة رغم الفضاء الواسع الذي منح لها،والقرار المطلق الذي وهبته الشرعية للرياض على مدى ثمان سنوات،فكيف لها أن تستطيع اقناع الحوثي بمجلس شكله هادي؟ إذا كان الحوثي لايعترف بهادي نفسه !
ضغطت السعودية طوال الثلاثة الأيام الماضية على هادي لتغيير نائبه علي محسن،وتعيين نائبين هما طارق صالح،وعيدروس الزبيدي،وحاولت فرضهما على هادي بالقوة،فرد عليها بخطاب ألقاه في مؤدبة الإفطار التي دعاء إليها مجلسي النواب،والشورى، وأعضاء الحكومة، أكد فيه على تمسكه بالمرجعيات الثلاث،ليتنازل عنها فجأة بعد يومين فقط من تأكيده على تمسكه بها،لكي تقبل الرياض بمقترحه، بعد إن رأى أنها عقدت العزم على التخلي عنه،فاضطر هادي للعودة لشغل الخوازيق،فاقترح عليها بدل تعيين نائبين، تشكيل مجلس رئاسي بصلاحيات كاملة ،يضم كل ألوان الطيف السياسي،والجهوي،واستثناء منه بمكر أبين،لغرض في نفسه،رغم موافقة الرياض على تمثيلها في المجلس،وهذه الجزئية التي قد تبدو هامشية إلا أنها أُس الخلاف الجنوبي الجنوبي،فهادي يشبه اللاعب الذي تقدمت به السنون ولم تعد لديه اللياقة البدنية،لكنه كان يسد ثغرة نقصه بالخبرة،فسنون العقود السبعة التي أمضاها كقائد عسكري رفيع منذ بواكير شبابه،وتدرج بعدها في المناصب العسكرية قبل الوحدة وبعدها حتى وصل إلى سدة الحكم،شهد كل الصراعات السابقة،وليس من رأى كما من سمع،فهو يعلم حقيقة خلاف الانتقالي معه،ويعرف أسبابه الحقيقة التي حاول الانتقالي مداراتها،بأقنعة مختلفة،وتسويقها بطرق ملتوية لكن مفعولها كان ينتهي عند هادي،فتكشف عن نفسها بنفسها،لأنك لاتستطيع إقناع شاهد رأي الواقعة ليغير قناعته بأقوال شاهد سمع بها،ولم يراها،وفي هذا المفصل ضرب هادي خازوقة، فهادي يعلم فشل تجربة المجالس الرئاسية قبل الوحدة وبعدها،ابتداءً بمجلس العرشي في الشمال في سبعينيات القرن الماضي،وانتهاءً بمجلس صالح والبيض بعد الوحدة،وبهذا اخترق هادي جسد الرياض،والانتقالي بخازوق واحد،فهو يعلم أن خلاف الانتقالي معه،يعود لإصرار الانتقالي تسويق نفسه كممثل للفصيل الجنوبي الذي وقع الوحدة مع صالح؛بشرط أن يكون هو الوصي الدائم على الجنوب،وصاية انتهت بعد حرب 94م للتتحول إلى هادي الذي يمثل الطرف الذي كان استبعاده شرطًا للتنازل عن دولة الجنوب،ومقابل هذا الشرط اليتيم، والعقيم،تم التوقيع عليها،بمجرد خروج الرئيس علي ناصر محمد من صنعاء إلى دمشق، وبهذا المجلس الذي تتنازعه اتجاهات،ومشاريع مختلفة، رمى هادي ثقل حمولته على ظهر الرياض؛لتشقى بها وحدها مابقيت الأزمة،لتصبح وجهًا لوجه مع الخارج دون غطاء شرعي،مثلها مثل طهران ،بعد أن أصبحت القرارات الدولية في حكم الملغية ،ومن جهة أخرى كشف عورة الانتقالي الذي ظل معارضًا لمشروع الدولة الاتحادية،بدعوى تمسكها بالانفصال، واستعادة الدولة ،وبهذا حشر الانتقالي في الزواية الضيقة أمام أنصاره التي معها لن يستطيع قادته التفوه بكلمه الجنوب حتى في معرض حديثهم عن الجهات الأربع من العالم .
ويبقى هناك سؤال ملح يفرض نفسه، وهو ماذا سيكون موقف الرياض إذا أصرَّ الحوثي على رفض الاعتراف بالمجلس؟ وعدم قبوله بالتفاوض معه،وهي القشة التي ستقصم ظهر الرياض، والخطوة التي سينسف بها الحوثي كل ما قامت به على مدى ثمان سنوات خلت .
سعيد النخعي
8/إبريل/2022م