وعادت لعقر الدار
عمر الحار
وعادت شرعية الدولة الى عقر دارها بعد طول الغياب , وطول الانتظار ,وقطع الرجاء باليأس من عودتها . عادت طيور الدولة المهاجرة الى حضنها الوطني بعد هجرتها القصرية الى الرياض , و نجاح المشاورات التي رعتها بين الاخوة الفرقاء وتوحيد شتات صفهم السياسي واستعادة وحدة تلاحم جبهتهم الداخلية , ونجاح ثان يسجل للرياض وشقيقتها الصغرى ابوظبي العودة السلسة لرؤساء وأعضاء مجالس قيادة الدولة و النواب والشورى و الحكومة الى العاصمة المؤقتة للجمهورية عدن ثغر اليمن الباسم والجميل يوم امس الاحد , وتمثل عودتهم الحميدة اليها اول انتصارا سياسيا واستراتيجيا لشرعية الدولة في استعادة عاصمتها المؤقتة عدن وما يترتب عليها في القادم من الأيام من خطوات جرئية لاستعادة عاصمتها الأولى صنعاء بالنضال السلمي او تحريرها بأسلوب انتهاجهم للحرب في السيطرة عليها , ولايوجد أخيارا ثالثا لهما لتحقيق هزيمة الانقلاب واستعادة الدولة ونظامها الجمهوري وبسط نفوذها على ربوع اليمن .
وحقيقة نثمن بأجلال كبير المواقف الوطنية للمجلس الانتقالي التي لم تكن في الحسبان , وكانت تنازلاته تاريخية وبما للكلمة من معنى ومثلت استجابته السياسة الطوعية للعودة للصف الوطني فاتحة الانتصارات السياسية الكبرى للشرعية , وتعطي قوة دفعا كبيرة لتوجهاتها بالسير في طريق استكمال تحقيق ما تبقى من الاستحقاقات الوطنية الجسيمة الماثلة امامها في المرحلة . وربما قد تعمل هذه الإنجازات المفاجئة والمتلاحقة وغير المتوقعة أصلا على ابراء جرح الموطن والوطن وخذلانهما المرير والقاتل من الشرعية خلال فترة اعتكافها بالرياض على ما احدثته من ندب وشرخ كبير بينهما زاد من بلة فقدان ثقتهم المزمنة , والمطلوبة كعامل أساس في الحفاظ على الحاضنة الوطنية الداعمة لتحركها السياسي في كل الميادين بعيدا عن الادعاء بمنغصات تكبيلها في مقامها المهجري اللذيذ , والماء على ليونته يحدث اختراقا في الجبال ويكسر صلابتها بصمت رهيب وبارد , والسياسة بحكمتها تفتح الأبواب المغلقة وتصنع المستحيل .
الرهان يقع اليوم على عاتق فخامة الرئيس الدكتور المشير رشاد العليمي وطاقمه الرئاسي وهم من خيرت رجال اليمن ومراجعها الوطنية والسياسية في التصدي بجسارة عقل وقوة إرادة لتحديات المرحلة وملفاتها الداخلية الساخنة وفي المقدمة منها إعادة ادماج قوات المؤسسة الأمنية والعسكرية وتوحيد صفها وقيادتها وبناء قدراتها البشرية والتقنية لتتمكن من القيام بوظائفها الأمنية والقتالية على الوجه المطلوب , واستعادة دورها في الحفاظ على السكينة العامة واستتباب الامن والاستقرار في المحافظات المحررة واطلاق مرتبات منتسبيها , ومواصلة مشاوراتها لاستعادة توحيد صرف العملة الوطنية وتحقيق الشفافية في ادراتها المالية والقضاء المبرم على العبث في تحصيل موارها العامة , وإصلاح حالة الخدمات العامة وتحسينها وانتشالها من الأوضاع المتردية المضاعفة لمعاناة المواطن في كل المحافظات , والعمل على استعادة هيبة الدولة والنظام والقانون والمؤسسات في العاصمة المؤقتة عدن وتخليصها من العذاب الذي تعشه من كل ناحية . لتصبح نموذجا مشرفا يليق بها كعاصمة موقتةً للجمهورية اليمنية ,ونلتمس تفاؤلها على وجه الخصوص واليمن على وجه العموم بعودة السلطات العليا لدولة اليها و واستعدادها لأطلاق مصفوفة عملها القيادي من ترابها الوطني بعدن على طريق استعادة وهجها الثوري , و ادوارها النضالية والتاريخية في الدافع عن الثورة اليمنية الواحدة والذود عن نظامها الجمهوري .
وقد عملت إعادة وحدة الصف الجمهوري وعودة قيادة الدولة الى ارض الوطن على إزالة الاحتقان الخفي على التحالف العربي بقطبيه السعودي والاماراتي , وتوجت جميل صنائعهم الأخوية ومواقفهم التاريخية مع شقيقتهم اليمن المنكوبة بالانقلاب الحوثي , الامامي الجديد .