للحديث عن أمن الطاقة العالمي وعلاقته بالحالة اليمنية ينبغي الإشارة إلى تعريف هذا المصطلح إذ تشير الامم المتحدة إلى أن أمن الطاقة هو "الحالة أو الوضعية التي تكون فيها إمدادات الطاقة متوفرة في كل الأوقات، وبأشكال متعددة، وبكميات كافية، وبأسعار معقولة" ومؤخرا وخلال الصراع الروسي من جهة والاوكراني الاوربي الامريكي من جهة اخرى برز للواجهة الحديث عن امن الطاقة العالمي وخاصة بعد استخدام روسيا لسلاح الطاقة كاحد اسلحة الصراع ، وتاثير ذلك خاصة على أوربا التي تعتمد بشكل كلي على روسيا والشرق الاوسط لتوفير احتياجاتها من النفط بمختلف صوره ومكوناته ، وهذا بالتالي خلق أزمة لدى الاوربيين بشكل كبير ولدى الامريكيين بشكل نسبي.
وحين النظر إلى الأمر كمعادلة اقتصادية فإن التأثير في مصادر الطاقة من خارج المألوف يؤثر في المعروض، والتأثير في المعروض يؤثر في الأسواق، والتأثير في الأسواق والمعروض يؤثر في أمن الطاقة، والتأثير في أمن الطاقة يؤثر في جانب من جوانب العلاقات الدولية، والتأثير في هذا الجانب يطال النظام الدولي، ويدفعه إلى اتخاذ إجراءات مستعجلة لإعادة الوضع إلى المسار الذي يضمن مصلحته السياسية والاقتصادية.
في الوقت الحالي وفي اوربا تحديداً يجب مراعاة الحاجة الملحة للحفاظ على القارة دافئة ومصانعها عاملة ، ولمواجهة الازمة يجب العمل على خيارين قريب وبعيد ، اما القريب فهو الاقتصاد في استهلاك الطاقة والسير في اتجاه تأمين مصادر بديلة ، والوجهة بالتأكيد هي الشرق الاوسط وخاصة دول الخليج واليمن ، وعلى المستوى البعيد ضرورة تسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة كبديل عن النفط وهذا يستلزم المزيد من الوقت والتحضيرات في البنية والإمكانات.
تحضر اليمن بقوة في هذه المعادلة ليس كونها احد مصادر النفط فقط لكن كون موقعها الجغرافي يشرف على الممرات الدولية التي يسلكها نفط الخليج الى أوربا وأمريكا ، وجائت التحركات العسكرية الاخيرة للانقلابيين لتلامس هذا الجزء المهم من القضية عبر استهدافهم مواني لتصدير النفط الخام ، وهذا يضع العالم امام حقيقة اعتبار هذه المليشيات خطراً على أمن الطاقة العالمي بشكل مباشر، ويضع الخيارات البديلة للاوربيين تحت خطر الاستهداف .
هذه الحقيقة المهمة نشكل نقطة عبور للحكومة الشرعية نحو خيارات جديدة ليس من بينها الاستمرار في تدليل الانقلابيين، وتغليب خيار الحوار وانما المضي في طريق حشد العالم لاستعادة الدولة ورفع الغطاء السياسي الذي توفره القوى الدولية الحالية للانقلابيين تحت شعار وقف الحرب! ، بينما منذ سنوات وجولات من الحوارات والهُدن كلها لم تفلح في جرّ الانقلابيين إلى المضي في عملية سلام حقيقية تضمن استعادة الدولة واسقاط الانقلاب.
اليوم على الشرعية ممثلة بالمجلس الرئاسي والحكومة اقتناص الفرصة التي صنعتها الأحداث الاخيرة والضغط على المجتمع الدولي للتمترس وراء خيارات اليمنيين لاستعادة دولتهم، واختصار الزمن دون الدخول في حوارات وهُدن جديدة لم ولن تجدي في المسالة اليمنية شيئا ، والتحدث والتفاهم مع القوى الكبرى بشكل صريح ومباشر دون وسيط ولا حاجب وحجاب ، ولعل تحركات مجلس الدفاع بتصنيف الحوثيين كجماعة ارهابية يصب في هذا الاتجاه لكنه يستلزم السير بخطوات اكثر فاعلية وتأثيراً، فهل سيكونون بقدر هذه المسؤلية ، وعند هذا المستوى من الفاعلية ، وهذا ما اتمناه وأتوقعه.
دمتم سالمين ..